غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الحرب كسرت مجاديفها

قصة "سفينة مدلين".. صاحبة الاسم تغرق في البؤس وحلمها "رغيف خبز"

مدلين كلاب .. قصة سفينة مدلين
شمس نيوز - مطر الزق

تجلس مدلين في غرفة لا تتجاوز مساحتها (4*4)، يحوم الأطفال كالطيور حول والدتهم، يصرخ أحدهم "ماما جعت، بدي أكل!، وآخر يقول: "أنا ضايل اليَّ رغيف" تعيش مدلين والتي سميت سفينة كسر الحصار على اسمها في كابوس يومي جراء استمرار حرب الابادة الجماعية والحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

"الي بسمع اسم مدلين يعتقد أنه عندها فيلا أو سيارة وعايشة برفاهية، لكن حياتها مريرة مع صعوبة توفر المأكل والمشرب للأطفال" بهذه الكلمات بدأت الصيادة الفلسطينية مدلين كلاب حديثها لمراسل "شمس نيوز" بعدما تصدر اسمها وسائل الإعلام العربية والعالمية.

مدلين هي أمٌَ فلسطينية (31 عاما) تعمل في مهنة الصيد منذ كانت في السادسة من عمرها تساعد والدها في تجهيز شباك الصيد وتخوض البحر بحثا عن رزقها ورزق اسرتها.

فقدت طفولتها مبكرا، وتفاقمت معاناتها عندما وصلت للثالثة عشر من عمرها إذ أصيب والدها وأُجبر للجلوس في البيت ولم يكن أمامها لتعيش واسرتها إلا أن تخوض في مهنة الصيد مع شقيقها الأصغر لتوفير لقمة العيش.

تمكنت مدلين من تأسيس نفسها وشراء شباك وقارب للصيد وما أن بلغت (22 عاما) حتى تزوجت من صياد ماهر ، تقول: "عندما تزوجتُ تغير أسلوب حياتي قليلا، فبدلا من الذهاب مع زوجي وشقيقي لخوض البحر بت أساعدهم في تجهيز شباك الصيد وأجهز لهم الطعام والشراب".

مرت السنوات وأصبحت مدلين أُمًّا لأربعة أطفال كانوا فرحتها وسعادتها، يذهبون معها لشاطئ البحر لتجهيز شباك الصيد تقول: "أنا فقدت طفولتي، وأطفالي أيضا باتوا مجبرون للعيش في إطار مهنة الصيد فهي مصدر رزقنا الوحيد".

استفاقت مدلين في السابع من أكتوبر لعام (2023) على صوت صفير الصواريخ والانفجارات ومشاهد اقتحام المستوطنات تشير إلى أن حياتها منذ تلك اللحظة انقلبت رأسا على عقب.

وعلى وقع حرب الإبادة والقصف الإسرائيلي اضطرت مدلين وزوجها للنزوح من غزة إلى جنوب وادي غزة، عم الصمت الغرفة برهة من الوقت لتسيل الدموع من عينيها وهي تروي تفاصيل مؤلمة عن تغير حياتها.

توضح مدلين أن الحرب تسببت بتدمير كل ممتلكاتها من شباك ومراكب للصيد وزادت معاناتها لأن الرزق في مهنة الصيد يعتمد على العمل اليومي "إذا عملت اليوم تأكل وإذا لم تعمل لن تحصل على قوت يومك".

تحاول مدلين وزوجها العمل من الصفر للحصول على ما يسد جوع أطفالهم في ظل حرب الابادة والحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وتفاقم أزمة الجوع لعدم إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية.

مدلين وسفينة كسر الحصار

قبل أسابيع قليلة تواصل مع الصيادة مدلين كُلاب أصدقاء لها في كندا وأبلغوها عن نيتهم إعداد سفينة محملة بالمساعدات الإنسانية والأدوية والأطراف الصناعية لكنهم يرغبون تسميتها على اسمها "سفينة مدلين".

شعرت مدلين بالفخر والعزة كانها استعادة روحها من جديد تقول: "السفينة أحيت فيها روحي ووافقت على الفور فهذا شرف لي أن تحمل سفينة كسر الحصار اسمي".

وأوضحت مدلين أن النشطاء والمتضامنين الأجانب يقدرون مجهوداتي وكفاحي الشخصي في مهنة صعبة تقتصر فقط على الرجال؛ لتوفير لقمة العيش لذلك أطلقوا على السفينة اسمي، قائلة: "هذا تكريمٌ لي".

ومنذ انطلاق سفينة مدلين لكسر الحصار عن غزة كانت الصيادة الفلسطينية مدلين على تواصل مع طاقم السفينة، مؤكدة أنها كانت تدرك تماما أن الاحتلال لن يسمح للسفينة بالوصول لشاطئ قطاع غزة بسبب الحرب والحصار المفروض جوا وبرا وبحرا.

ولفتت مدلين إلى أن السفينة كانت تحمل مواد غذائية وتموينية وأطراف صناعية وأدوية لا تشكل أي خطر على الاحتلال الإسرائيلي وأن جميع النشطاء سلميين ومعروفين وليس لهم سجلات مشبوهة مطلقا، لكنهم فعلوا كل ما يستطيعون لكسر الحصار عن شعب يموت جوعا منذ نحو عامين".

وتأمل مدلين أن ينكسر الحصار وتنتهي الحرب فقط لتوفر حياة أجمل لأطفالها: "أطالب فقط أن أعيش بكرامة وأتمكن من تعليم أطفالي وتربيتهم وأن يعيشوا حياة سعيدة ويكون مستقبلهم أفضل من مستقبلي، إذ أنني حرمت من طفولتي وألعابي وحياتي الجميلة فلا أذكر يوما ذهبت إلى منتزه أو مطعم أو ملاهي كل حياتي كانت داخل البحر وأتمنى أن تكون حياة أطفالي أفضل من حياتي"

سفينة رقم 36

"مادلين" هي السفينة رقم 36 في إطار محاولات تحالف أسطول الحرية لكسر الحصار الذي فرضته قوات الاحتلال  الإسرائيلي على قطاع غزة منذ عام 2007.

وقد انطلقت السفينة في الأول من يونيو/حزيران 2025 من ميناء كاتانيا في جزيرة صقلية الإيطالية بالبحر المتوسط متوجهة إلى قطاع غزة، ومحملة بالمساعدات الإنسانية ومدافعين دوليين عن حقوق الإنسان متحدية الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيين.

وتحمل السفينة مساعدات لسكان قطاع غزة، تشمل حليب الأطفال والدقيق والأرز والحفاظات والمستلزمات الطبية ومعدات تحلية المياه، إضافة إلى أطراف صناعية للأطفال.

ويبلغ طول السفينة مادلين نحو 18 مترا، وتُقدر المسافة التي تقطعها للوصول إلى القطاع بنحو 1250 ميلا (أي ألفي كيلومتر)، مستغرقة 7 أيام متواصلة، ما لم تواجه أي تعطيل أو تدخل خارجي.

السيطرة على السفينة

استولت بحرية الاحتلال الإسرائيلي، في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين (9-6-2025) على سفينة المساعدات «مادلين» التي كانت تحمل على متنها نشطاء يسعون لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة، واقتادتها إلى إسرائيل.

وأشار موقع "واللا" الإخباري إلى أن وحدة الكوماندوز البحرية «شايطت 13» هي التي نفذت عملية الاستيلاء على السفينة، وتم اقتيادها إلى ميناء أشدود.