تنطلق نيران وقذائف الاحتلال كالمطر فوق رؤسهم، وتصاعدت أعمدة الدخان من المكان، ثم صرخ محمود على زوجته وأطفاله "اركضوا اركضوا"، قالها ثم اختفى صوته نهائيا، بحثت زوجته بين الركام لتجد جثة عبارة عن أشلاء ممزقة.
صرخت أم كريم من هول المشهد فتقطع قلبها، وأمسكت يده المبتورة حاولت لملمة جثته ووضعه في كيس لكن قذائف الاحتلال المجنونة انهمرت فوق رأسها وفرت من المكان لانقاذ أطفالها.
لجأ محمود حسونة وزوجته وأطفاله للذهاب إلى منزلهم في حي التفاح شرق غزة لجلب بعض الطعام في ظل المجاعة القاتلة؛ لكن المحتل خطف محمود وترك زوجته وأولاده يصارعون الموت ببطئ شديد.
بالقرب منهم يقف شقيقه الذي تمكن من انتشال جثمانه المقطع ونقله لمستشفى المعمداني، قال "كان نفسي استشهد معه لكن هذا قدر الله والحمد لله على ما اخذ، نصيبي اضل ابكي عليه ويتقطع قلبي".
تلملم أم كريم صغارها تحتضنهم، تقبلهم، تشتم رائحة والدهم، بينما تسيل الدموع من عينيها كنهر جارف وتقول: "زوجي حبيبي اتقطع قدامي وما كنت قادرة أعمل اشي".
تروي أم كريم التفاصيل الأولى من استهدافهم وتشير إلى أن قوات الاحتلال ألقت قذائف قاتلة بينما كانت وزوجها يحاولون الحصول على طعام في ظل المجاعة من بيتهم شرق حي التفاح.
اضطرت أم كريم وزوجها في ظل المجاعة القاتلة وغلاء الأسعار وعدم توفر العملات للتوجه لمنزلها رغم خطورة الأوضاع الأمنية من أجل تأمين بعض المأكولات لأطفالها الجوعى.
قذيفة قاتلة أصابت زوجها الذي تقطع أمامها، تلفت أم كريم والدموع تتطاير من عينيها: "زوجي حبيبي اتقطع قدامي ما اقدرت اسحب الا ايده، محمود كنيته أبو كريم والله هو كريم بحب يطعمني ويطعم الناس واليوم وزع بسكويت".
فجأة تتوقف أم كريم ثم تُنزلُ عينيها لأسفل، وتتحسس نبضات جنينها، وبصوت يكاد يسمع: "يا رب تيجي ولد علشان اسميك محمود على اسم ابوك".
لحظات مؤثرة ومبكية لأم كريم التي ظهرت أمام أبنائها الصغار صلبة وقوية تقول: "الحمد لله الذي جعل محمود من الشهداء، كنت اتمنى استشهد معه لكن نصيبي أبقى على قيد الحياة".
صرخت أم كريم من قلبها موجهة كلمة للعرب والمسلمين: "يا عالم اصحوا احنا بنموت وقفوا هالحرب احقنوا الدماء، حسوا فينا، بكفي يا عالم بكفي".
