غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

اما تعود حاملاً أو محمولاً

بالفيديو مشهدٌ هوليودي.. ضحايا التجويع في غزة رحلة موت من أجل كيس طحين

شهداء الجوع
شمس نيوز - مطر الزق

تدور عجلات الشاحنات في غزة بسرعة جنونية محدثة غبارا كثيفا وسط تكدس الألاف من الجوعى على جانبي الطريق، يفرك الناس عيونهم التي امتلأت بالغبار

فيما يُسمع صفير الرصاص القاتل فوق رؤسهم، صرخات وآلام تصدح من أنين القلب: "ياسر أنا أصيبت"، ابتسم ياسر من قهره وهو يردد: "سمعت صوتها وهي تضرب عظام القدم".

 

التفت محمد سالم يمنة ويسرة، ليتفاجأ باختفاء الناس، ولم يجد أمامه سوى دبابة إسرائيلية تطلق نيران رشاشها الثقيل صوب المجوعين يقول: "لأول مرة أتوجه لنقطة زكيم شمال قطاع غزة للحصول على كيس طحين ولا أعرف أين أتجه".

 

كثر الضجيج وانطلقت صيحات الناس وأوجاعهم، سمع محمد صوت ياسر وهو ينادي: "تعال بسرعة، هنا ساتر ترابي"، قفز محمد على عجل فانطلقت صرخات الألام من تحته ليصطدم بأعداد كبيرة من الناس أسفل منه تحتمي من الرصاص القاتل.

 

في تلك اللحظات المؤلم والتي أسدلت فيها الشمس خيوطها الذهبية؛ ليخيم الظلام كان ياسر قد شق قماشة من ملابسه ليضمد جراح عديله محمد، وما أن هدأ القاتل الإسرائيلي وتوقف إطلاق الرصاص حتى ارتكز محمد على كتف ياسر عائدا بخفي حنين.

 

حكاية الثنائي محمد وياسر بدأت عقب خلو خيمتهم بشكل كامل من الطحين، والبقوليات وأي نوع من الطعام، فكانا ينظران في عيون أبنائهم والدمع يجري بين تقاسيم وجهيهما، بينما تصاب قلوبهما بطعنات حادة مع كل صرخة او طلب: "بابا أنا جوعان بدي أكل".

 

مع تكرار هذا المشهد القاسي في خيمة محمد وياسر قررا الثنائي التوجه إلى منطقة "زكيم" شمال قطاع غزة، يقول محمد: "سوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وقلة توفر الطعام في الأسواق دفعني وعديلي ياسر لاتخاذ قرار مصيري  بالتوجه لزكيم من أجل الحصول على كيس طحين".

 

ودع محمد وياسر أبنائهم، وانطلقوا مع عصر يوم الجمعة (25/7/2025)، من حي الرمال وسط مدينة غزة صوب زكيم شمال القطاع -أقرب نقطة لوصول شاحنات المساعدات الإنسانية- يشير لمراسلنا، إلى أن سبب توديع عائلته يعود لما كان يسمعه من الناس عن صعوبة العودة على قيد الحياة بعد صراع دامٍ للحصول على كيس طحين.

 

أمسك محمد بيد ياسر، واتجها متوكلين على الله، وما أن وصلا لمنطقة مسجد الخالدي شمالي القطاع حتى تفاجأ الثنائي بأعداد مهولة من -منتظري المساعدات- في تلك الحظة وضع محمد يده على جبينه ليرى الحشود المهولة من الناس ثم يتمتم: "ياسر لازم نتقدم أكثر لو ضلينا هان لن نحصل على شيء".

تقدم محمد وياسر صوب أقرب نقطة من زكيم وجلسا فوق تلة رملية صغيرة،

تضرب رؤسهم أشعة الشمس الحارقة، ومن بعيد لمح الثنائي شاحنة الطحين قادمة بسرعة جنونية من داخل الأراضي المحتلة.

 

تهيأ الثنائي كما آلاف الناس من منتظري المساعدات، لكن عجلات الشاحنات لم تتوقف ولم تهدأ فقد حصدت أرواح كل من يقف في طريقها، وكانت تتجه يمينا ويسارا، لتسقط كل من تعلق على ظهر الشاحنة.

 

بخطوات مسرعة ووسط ازدحام كبير أمسك محمد بكيس طحين؛ لكن لم يتمكن من سحبه، إذ حاول ياسر شده بقوة دون فائدة في تلك اللحظات بدأت دبابة الاحتلال وطائراته المسيرة باطلاق النار صوب المجوعين.

 

أصيب محمد برصاصة في قدمه، ولولا عناية الله تعالى، لفقد ركبته بالكامل وعاد محمد متكئً على كتف ياسر وما زالت أنفاسهما تتصاعد، يقول: "الذاهب مفقود والعائد مولود".

 

وفيما يتعلق برغبته بالتوجه مرة ثانية لزكيم والحصول على كيس طحين قال: "هذه أول مرة وأخر مرة إن شاء الله، واتمنى أن تتوقف الابادة وتدخل المساعدات بطرق منظمة بسبب الجوع القاتل الذي يجتاح كل بقعة في قطاع غزة".

 

واستشهد وفق وزارة الصحة من طالبي المساعدات الإنسانية خلال الـ24 ساعة الماضية 29 شهيدًا وأكثر من 165 إصابة، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا المستشفيات إلى 1,121 شهيدًا وأكثر من 7,485 إصابة".

 

فيما حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من كارثة إنسانية غير مسبوقة وشيكة يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.