نيويورك تايمز
خططوا لمهمات قاتلة من قواعد سرية في أراضي الصومال الوعرة. وفي أفغانستان، شاركوا في القتال الشرس حتى خرجوا من المعركة غارقين في دماء ليست بدمائهم. وفي الغارات السرية في عتمة الليل الحالك، تراوحت أسلحتهم المختارة بين البنادق القصيرة المصنعة خصيصًا لهم وصواريخ توماهوك البدائية.
وفي جميع أنحاء العالم، أداروا محطات تجسس متنكرة بزي القوارب التجارية، وادعوا أنهم موظفون مدنيون في شركات وهمية، وعملوا متخفين في السفارات كأزواج من الذكور والإناث، متتبعين من تريد الولايات المتحدة قتلهم أو أسرهم.
هذه العمليات هي جزء من التاريخ السري لفريق SEAL 6، وهو واحد من أكثر المنظمات العسكرية الأمريكية سرية، وأسطورية. وبعد أن كانت مجموعة صغيرة مخصصة لتنفيذ عدد قليل من المهمات، تحولت هذه المنظمة بعد أن اشتهرت لقتلها أسامة بن لادن قبل أكثر من عشر سنوات إلى آلة اصطياد عالمية للبشر.
ويعكس هذا الدور الذي يلعبه الفريق طريقة أمريكا الجديدة في الحرب، والتي لا يتم فيها تحديد الصراع من خلال انتصارات وخسائر المعركة على الأرض؛ بل عن طريق قتل المتشددين المشتبه بهم بلا هوادة.
وتكتنف السرية كل شيء متعلق بفريق SEAL 6، ولا تعترف وزارة الدفاع الأمريكية بهذا الاسم علنًا حتى، على الرغم من أن بعض مآثره ظهرت بشكل واضح ومثير للإعجاب إلى حد كبير في السنوات الأخيرة.
وفي الوقت الذي كانت تشارك فيه أمريكا في حروب استنزاف طاحنة في كل من أفغانستان والعراق، كان فريق SEAL 6 يؤدي المهمات التي ألغت الفروق التقليدية بين الجندي والجاسوس في مكان آخر. لقد قامت وحدة القناصة التابعة للفريق بعمليات المخابرات السرية، وانضم الفريق إلى عملاء وكالة الاستخبارات المركزية في مبادرة تسمى “برنامج أوميغا”، وهي المبادرة التي وفرت حرية أكبر في صيد الخصوم.
ونفذ الفريق بنجاح الآلاف من المهمات الخطيرة، والتي أرجع لها القادة العسكريون الفضل في إضعاف شبكات المتشددين، والتي أدت أيضًا إلى التعبير عن مخاوف حول تنفيذ عمليات القتل المفرطة، وحول وقوع الوفيات في صفوف المدنيين.
واتهم قرويون أفغان وقائد في القوات البريطانية الفريق بقتل الرجال دون تمييز في إحدى القرى. وفي عام 2009، انضم أعضاء الفريق إلى CIA والقوات شبه العسكرية الأفغانية في تنفيذ مهمة خلفت مجموعة من الشبان القتلى، وأدت إلى نشوء توترات بين المسؤولين الأفغان وحلف شمال الأطلسي. وحتى أحد الرهائن الأمريكان، الذي أطلق سراحه في عملية إنقاذ درامية نفذها الفريق، تساءل فيما بعد عن سبب قتل فريق العمليات الخاصة لجميع معتقليه!
(أعضاء من SEAL في انتظار تنفيذ مهمة للقبض على أحد قادة المسلحين في الفلوجة، العراق، عام 2007)
وعندما أثيرت مثل هذه الشكوك حول سوء السلوك، أصبحت الرقابة الخارجية على مهمات الفريق محدودة. وقد أجرت قيادة العمليات الخاصة المشتركة JSOC، والتي تشرف على مهمات فريق SEAL 6، تحقيقات خاصة بها، ولكنها نادرًا ما أحالت هذه التحقيقات إلى محققي قوات البحرية. وقال ضابط عسكري كبير سابق من ذوي الخبرة في العمليات الخاصة: “JSOC تحقق فيما تفعله JSOC، وهذا جزء من المشكلة“.
ولا يتسنى للمراقبين المدنيين دراسة عمليات هذا الفريق بانتظام أيضًا. وقال هارولد كوه، وهو مستشار قانوني بارز في وزارة الخارجية سابقًا، قدم المشورة لإدارة أوباما فيما يتعلق بالحرب السرية: “هذا الفريق من ضمن الأمور التي لا يريد الكونغرس أن يعرف الكثير عنها“.
وتدفقت الأموال على فريق SEAL 6 منذ عام 2001، وهو ما سمح له بتوسيع صفوفه بشكل كبير، وأصبح فيه ما يقرب من 300 جندي لتنفيذ المهام، واسمهم “المشغلون”، و1500 من أفراد الدعم. ولكن بعض أعضاء الفريق يتساءلون عما إذا كانت هذه الوتيرة المتسارعة في تنفيذ الفريق للعمليات قد جعلت الفريق يضطلع بتنفيذ مهمات قتالية ليست ذات أهمية تذكر؛ وبالتالي أدت إلى تآكل نخبوية هذا الفريق وتميزه. وقد تم إرسال الفريق إلى أفغانستان لمطاردة قادة القاعدة، ولكن بدلًا من ذلك، أمضى الفريق سنوات في ملاحقة أعضاء طالبان من المستوى المتوسط والمنخفض.
وكانت التكلفة مرتفعة، حيث قتل من أعضاء الوحدة على مدى السنوات الـ 14 الماضية ما هو أكثر ممن قتلوا في كل تاريخها السابق. وأدت الاعتداءات المتكررة، والقفز بالمظلة، وتسلق الجبال الوعرة، والانفجارات، إلى تعرض العديد من أعضاء الفريق لإصابات جسدية وعقلية.
وقد نفذ فريق SEAL 6 من البحرية، ونظيره في الجيش، فريق قوة دلتا، مهام صعبة، وهو ما دفع الرئيسين الأمريكيين الأخيرين إلى نشر هذه الفرق في أبعد وأشرس بؤر التوتر. وتشمل هذه البؤر كلًا من سوريا، والعراق، وأفغانستان، والصومال، واليمن.
وكما هو الحال بالنسبة لبرنامج وكالة الاستخبارات المركزية في استخدام هجمات الطائرات بدون طيار، توفر بعثات العمليات الخاصة لصناع السياسة بديلًا للحروب المكلفة والاحتلال. ولكن، السرية الفائقة التي تحيط بفريق SEAL 6 تجعل من المستحيل إجراء تقييم كامل لسجله وعواقب أفعاله، بما في ذلك الخسائر التي ألحقها بصفوف المدنيين أو عمق الاستياء الذي ولده داخل البلدان التي عمل فيها أعضاؤه.
وحذر السيناتور السابق، بوب كيري، وهو ديمقراطي وعضو سابق في فريق SEAL خلال حرب فيتنام، من أنه قد تم الإفراط في استخدام فريق SEAL 6 وفرق قوات العمليات الخاصة الأخرى. ولكنه أضاف أن الاعتماد على هذه الفرق يصبح أمرًا لا مفر منه كلما واجه زعماء أمريكا “واحدة من تلك الحالات التي يتراوح فيها الخيار بين فعل امر رهيب أو أمر سيئ“.
(مقرات فريق SEAL 6 تقع جنوب شاطئ فيرجينيا، في منطقة لا يسمح للجمهور الاقتراب منها)
وفي حين امتنعت عن التعليق بشكل خاص على فريق SEAL 6، قالت قيادة العمليات الخاصة الأمريكية إنه، ومنذ 11 سبتمبر 2001، شاركت قواتها “في عشرات الآلاف من المهام والعمليات في مسارح جغرافية متعددة، وتمسكت باستمرار بأعلى المعايير المطلوبة من القوات المسلحة الأمريكية“.
وقالت القيادة أيضًا إن فرقها مدربة على العمل في بيئات معقدة وسريعة الحركة، وإنها تثق بتصرفها بشكل مناسب. وقال بيان القيادة: “يتم أخذ كل مزاعم سوء السلوك على محمل الجد، ويتم التعامل مع نتائج التحقيقات من قبل السلطات العسكرية أو سلطات إنفاذ القانون“.
ولا يعبر مؤيدو الفريق عن أي شكوك حول قيمة هؤلاء المحاربين غير المرئيين. وقال جيمس ستافريديس، وهو الأميرال المتقاعد والقائد الأعلى السابق في حلف شمال الأطلسي، إن “فريق SEAL 6 يجب أن يستمر في العمل في الظل“.
وفي الوقت نفسه، يحذر آخرون من إغراء تنفيذ المهمات السرية بعيدًا عن الرأي العام. وقال وليام بانكس، وهو خبير في قانون الأمن الوطني في جامعة سيراكيوز: “إذا لم يم الاعتراف بوجودك على أرض المعركة، لن تكون خاضعًا للمساءلة”.
القتال عن قرب
في مارس 2002، وخلال معركة فوضوية على قمة جبل تاكور غار بالقرب من الحدود الباكستانية، سقط الضابط من الدرجة الأولى، نيل روبرتس، وهو متخصص في الهجوم من فريق SEAL 6، من طائرة هليكوبتر فوق الأراضي التي تسيطر عليها قوات تنظيم القاعدة. وبالفعل، قتله مقاتلو العدو قبل أن تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليه، وقاموا بتشويه جثته.
وكانت هذه أول معركة كبرى لفريق SEAL 6 في أفغانستان، وكان روبرتس أول عضو في الفريق يموت هناك. وفي بعض الأحيان، نفذت قوات الفريق المهام الأكثر فظاعة، مثل قطع الأصابع أو انتزاع أجزاء صغيرة من فروة رأس المسلحين الذين يقتلونهم بهدف تحليل الحمض النووي.
وبعد حملة مارس 2002، فر معظم مقاتلي أسامة بن لادن إلى باكستان، واختفى تقريبًا بالتالي العدو الذي كان فريق المهام الخاصة قد أرسل إلى أفغانستان لمحاربته. وفي ذلك الوقت، كان محظورًا على الفريق تصيد مقاتلي طالبان، ومنع الفريق أيضًا من مطاردة عناصر القاعدة في باكستان، خوفًا من إغضاب الحكومة الباكستانية. وبقي معظم أعضاء الفريق في قاعدة باجرام الجوية خارج كابول، وكانوا يشعرون بالإحباط.
ولكن، وكالة المخابرات المركزية بدورها لم تكن تحت أي قيود مماثلة. وبدأ أعضاء فريق SEAL 6 في نهاية المطاف بالعمل مع وكالة التجسس، وهو ما منحهم سلطات أوسع في القتال، وفقًا لمسؤولين سابقين في الجيش والمخابرات.
وسمح برنامج أوميغا هذا لفريق العمليات الخاصة بإجراء مهمات ضد أعضاء طالبان وغيرهم من المسلحين في باكستان. وجاء برنامج أوميغا على غرار برنامج فينيكس في أعقاب حقبة فيتنام، وهو البرنامج الذي سمح لـ CIA بالتعاون مع قوات العمليات الخاصة في تنفيذ الاستجوابات والاغتيالات في محاولة لتفكيك شبكات عصابات الفيتكونغ في فيتنام الجنوبية.
ولكن، تم اعتبار إجراء حملة واسعة من العمليات القاتلة في باكستان مخاطرة كبيرة جدًا؛ ولذلك ركز برنامج أوميغا في المقام الأول على استخدام البشتون الأفغان في تشغيل بعثات التجسس في المناطق القبلية الباكستانية، فضلًا عن العمل مع الميليشيات الأفغانية المدربة من قبل CIA في تنفيذ المداهمات الليلية في أفغانستان.
وجذب الصراع المتصاعد في العراق الكثير من اهتمام وزارة الدفاع، وتطلب استخدام عدد كبير من القوات، بما في ذلك نشر أعضاء من فريق SEAL 6. ومع وجود بصمة عسكرية أمريكية صغيرة نسبيًا في أفغانستان، بدأت قوات طالبان بإعادة تنظيم صفوفها؛ وهو ما أدى إلى إصدار الجنرال ستانلي ماكريستال، الذي كان يقود قيادة العمليات الخاصة المشتركة حينها، أمرًا للفريق ولقوات أخرى في عام 2006 بتولي مهمة أكبر في أفغانستان، وهي مهمة “صد طالبان”.
وقاد هذا الأمر إلى سنوات من تنفيذ SEAL 6 للغارات الليلية والمعارك. وأصبحت مهام الوحدة السرية التي تم إنشاؤها لتنفيذ أخطر العمليات في تاريخ البلاد، تضطلع بتنفيذ مهام روتينية على نحو متزايد.
وبدأت تلك الطفرة في العمليات عندما بدأ فريق SEAL 6 بمطاردة شخصيات طالبان من المستوى المتوسط، على أمل أن يوصلهم ذلك إلى قادة الجماعة في معقل طالبان، محافظة قندهار. واستخدم الفريق التقنيات المتقدمة التي طورها مع قوة دلتا خلال حملات القتل والقبض على المطلوبين في العراق.
وأغارت قوات العمليات الخاصة على سلسلة لا نهاية لها من الأهداف. وليس هناك أرقام رسمية عن عدد الغارات التي نفذها فريق SEAL 6 في أفغانستان أو أثرها. ويقول مسؤولون عسكريون إنه لم يتم إطلاق النار في معظم الغارات. ولكن بين عامي 2006 و2008، كانت هناك أوقات صعبة استمرت لأسابيع أحيانًا، وكان الفريق يسجل خلالها مقتل 10 إلى 15 شخصًا في الليلة الواحدة، وأحيانًا، كان هذا الرقم يصل إلى 25.
ومع تسارع وتيرة القتل أصبح الرجال أكثر شراسة، “وأصبحت مهرجانات القتل هذه أمرًا روتينيًا“، وفقاً لضابط سابق في الفريق.
ويقول قادة العمليات الخاصة إن غارات الفريق ساعدت في الكشف عن شبكات طالبان. ولكن، كان لدى بعض أعضاء الفريق شك في أنهم يصنعون فرقًا كبيرًا. وقال عضو سابق في الفريق: “بحلول عام 2010، كان رجالنا يلاحقون البلطجية في الشوارع. القوة الأعلى تدريبًا في العالم تطارد البلطجية في الشوارع!“.
ومنذ عام 2001، حاول الفريق جعل عملياته أسرع، وأكثر هدوءًا، وأكثر فتكًا، واستفاد من التضخم في الميزانية ومن التقدم في التكنولوجيا. واسم الفريق هو اختصار لاسم “مجموعة تنمية الحرب البحرية الخاصة“، وهو بالتالي إشارة إلى المهمة الرسمية للفريق، وهي تطوير معدات وتكتيكات جديدة لاستخدامها من قبل تنظيم SEAL الأوسع، والذي يشمل بالإضافة إلى SEAL 6 تسعة فرق سرية أخرى.
وقد عدل فريق SEAL 6 بندقية ألمانية الصنع جديدة، وأضاف كواتم الصوت إلى كل أنواع الأسلحة تقريبًا. واستخدم الفريق أشعة الليزر لإطلاق النار بدقة ليلًا، والمجسات الحرارية للكشف عن حرارة الجسم. وتم تجهيز أعضاء الفريق بجيل جديد من الرمانة، وهو النموذج الفعال بشكل خاص في جعل المباني تنهار. وأصبح الفريق يعمل غالبًا في مجموعات أكبر. ومع توفر أسلحة أشد فتكًا، كان معنى ذلك أن عددًا أقل من الأعداء تمكنوا من الهرب أحياء.
الثقافة
يضم مقر فريق SEAL 6 المسيج بالقرب من المحطة الجوية البحرية أوشينا، إلى الجنوب مباشرة من شاطئ فيرجينيا، جيشًا سريًا داخل الجيش. وبعيدًا عن أعين الجمهور، القاعدة هي موطن ليس فقط لـ 300 مشغل من الفريق، والضباط، والقادة، ولكن أيضًا لطياريه، وفنيي التخلص من القنابل، والمهندسين، والطواقم الطبية، ووحدة الاستخبارات المجهزة بمعدات مراقبة متطورة وبتكنولوجيا التعقب العالمية.
وكان فريق SEAL أوسع فريق من الضفادع البشرية خلال الحرب العالمية الثانية. ونشأ فريق SEAL 6 بعد عقود من الزمن، كنتيجة لفشل مهمة عام 1980 في إنقاذ 53 رهينة أمريكية تم الاستيلاء عليهم خلال اقتحام السفارة الأمريكية في طهران.
وفي ذلك الوقت، طلبت البحرية من الكوماندر، ريتشارد مارتشنكو، وهو من قدامى المحاربين في فيتنام، بناء وحدة SEAL يمكنها الاستجابة بسرعة للأزمات المشابهة. وكان اسم الفريق محاولة لتضليل السوفييت خلال الحرب الباردة. وأمل مارتشنكو من خلال تسمية الفريق SEAL 6 بأن المحللين السوفييت سوف يبالغون في تقدير حجم هذه القوة الجديدة.
وبعد سنوات من ترك المنصب، أدين مارتشنكو بالاحتيال في عقد عسكري. وفي سيرته الذاتية، وصف القائد “شرب الكحول معًا” كأمر مهم في خلق التضامن بين أعضاء الفريق. وفي كثير من الأحيان، كان يقوم بتجنيد المقاتلين أثناء مقابلتهم في الحانة!
وداخل الفريق، كانت هناك في البداية مجموعتا هجوم، تسميان “أزرق” و”ذهبي”، نسبةً لألوان البحرية. واستخدم فريق أزرق علم قراصنة جولي روجر كشعار له، وحصل فيما بعد على لقب “الفتية السيئون في الأزرق“، لاعتقال بعض أعضائه وهم يقودون السيارات سكارى، ولتعاطي المخدرات، ولتحطيمهم السيارات خلال التدريبات.
وتم إخراج بعض الضباط الشباب من الفريق لمحاولتهم تنظيف ما نظر إليه على أنه ثقافة التهور. وأجبر الأدميرال وليام مكرافن، الذي وصل إلى رئاسة قيادة العمليات الخاصة لاحقًا وأشرف على غارة بن لادن، على الخروج من الفريق في عهد مارتشنكو بعد أن شكا من صعوبات في الحفاظ على انضباط قواته.
ويشير ريان زينك، وهو ضابط سابق في فريق SEAL 6، ونائب جمهوري عن ولاية مونتانا الآن، إلى أنه، وأثناء مهمة تدريب للفريق على متن سفينة سياحية استعدادًا لإنقاذ الرهائن المحتملين في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في برشلونة، إسبانيا، عام 1992. اصطحب زينك أحد أدميرالات البحرية إلى حانة في الطابق السفلي من السفينة، وهناك، كان المشهد أشبه بمشهد من فيلم “قراصنة الكاريبي”، وذهل الأدميرال لرؤية أعضاء الفريق بشعرهم الطويل، ولحاهم، وأقراطهم، وقال: “بحريتي؟ هؤلاء الرجال هم في بحريتي؟“.
وكانت تلك اللحظة، وفقًا لزينك، بداية عملية تطهير فريق SEAL 6 وإضفاء الطابع المهني عليه. ويقول أعضاء حاليون وسابقون إن ثقافة الفريق أصبحت مختلفة اليوم؛ وإن أعضاءه يميلون الآن إلى أن يكونوا أفضل تعليمًا، أكثر لياقة بدنية، وأكثر نضجًا؛ بالرغم من استمرار بعضهم بتجاوز الحدود.
وفي حين تتولى فرق SEAL الأخرى (وتسمى بالفقمات “البيضاء” داخل الجيش) مهام مماثلة؛ إلا أن فريق SEAL 6 يأخذ على عاتقه الأهداف الأعلى قيمةً، وينفذ عمليات إنقاذ الرهائن في مناطق القتال. ويعمل هذا الفريق أكثر مع وكالة الاستخبارات المركزية C.I.A، وينفذ مزيدًا من المهمات السرية خارج مناطق الحرب، وهو الفريق الوحيد المدرب على مطاردة الأسلحة النووية التي تقع في الأيدي الخطأ.
وأدى دور فريق SEAL 6 في غارة اغتيال بن لادن عام 2011 إلى صناعة العديد من الكتب والأفلام الوثائقية، وترك قوة دلتا المعروفة بالتزامها العالي في حالة من الدهشة. وكان من المتوقع أن يحافظ أعضاء فريق SEAL 6 على الصمت حول ما جرى خلال تلك المهمة؛ إلا أن اثنين منهم تحدثوا عن دورهم في وفاة زعيم تنظيم القاعدة. وهذان الرجلان هما مات بايسونيت، مؤلف اثنين من أكثر الكتب مبيعًا حول فترة عمله في فريق SEAL 6، وروبرت أونيل، الذي قال في مقابلة تلفزيونية خاصة إنه هو من قتل بن لادن. ويخضع الرجلان الآن للتحقيق من قبل جهاز التحقيقات الجنائية البحرية، بسبب اتهامات بأنهما كشفا عن معلومات سرية.
وتعرض بعض أعضاء الفريق الآخرين للطرد بهدوء بسبب تعاطي المخدرات أو تضارب المصالح الناجم عن تعاقداتهم العسكرية أو وظائفهم الجانبية. ووبخت البحرية كذلك 11 من المشغلين الحاليين والسابقين في الفريق عام 2012؛ لكشفهم عن تكتيكات الفريق أو لتسليمهم أفلام تدريب سرية للمساعدة في صناعة لعبة الكمبيوتر، “وسام الشرف: المحاربون” أو Medal of Honor: Warfighter.
وبعد عدة عمليات انتشار على مدى السنوات الـ 13 الماضية، لم يبق سوى عدد قليل من أعضاء الفريق سالمين. ووفقًا لعضو سابق في الفريق، قتل نحو 36 من مشغلي وموظفي الدعم في مهمات قتالية. ومن بين هؤلاء 15 عضوًا من مجموعة “الذهبي”، واثنان من المتخصصين في القنابل، قتلوا في عام 2011، عندما أطلق النار على طائرة الهليكوبتر Extortion 17 في أفغانستان، وكان ذلك اليوم هو الأسوأ في تاريخ الفريق.
ولعبت الانفجارات المستخدمة في اختراق المباني، والاعتداءات المتكررة، والحوادث الناجمة عن قيادة القوارب الهجومية عالية السرعة في عمليات الإنقاذ البحري أو التدريب، دورًا في الخسائر التي لحقت بأعضاء الفريق، أيضًا. وقد أصيب بعض رجال SEAL 6 بإصابات في الدماغ. وقال أحد مشغلي الفريق بعد أن تقاعد مؤخرًا: “جسدك في الحضيض. ودماغك في الحضيض“.
حرية للقتل
في وقت مبكر من الحرب الأفغانية، تم تكليف فريق SEAL 6 بحماية الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي. وقد أصيب جندي أمريكي في الرأس خلال محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس.
ولكن في السنوات التي تلت ذلك، أصبح كرزاي من أكبر منتقدي قوات العمليات الخاصة الأمريكية، وشكا من أن هذه القوات قتلت المدنيين بلا هوادة خلال غاراتها. ونظر كرزاي إلى نشاطات فريق SEAL 6، والوحدات الخاصة الأخرى، على أنها بمثابة نعمة لعمليات تجنيد طالبان، وحاول في نهاية المطاف منع هذه الفرق من تنفيذ الغارات الليلية تمامًا.
(تم تكليف فريق SEAL 6 بحماية الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي. وبعد محاولة اغتيال هذا الأخير في عام 2002 في قندهار، يظهر في هذه الصورة أحد أعضاء الفريق وقد أصيب في رأسه واستخدم قميصه لوقف النزيف)
ولم تكن معظم المهمات مميتة. وأخذ الفريق الكثير من السجناء خلال تفتيش المنازل؛ وقال أحد الضباط إن عددًا من المعتقلين كانوا يصلون وأنوفهم مكسورة بعد تلقيهم لكمات من أعضاء الفريق خلال الصراع لإخضاعهم.
ويعمل أعضاء الفريق في كثير من الأحيان تحت مراقبة عيون قادتهم. ويستطيع الضباط الكبار في مراكز العمليات مراقبة تنفيذ الفريق لمهامه من خلال الفيديو المباشر الذي توفره الطائرات بدون طيار المرافقة. ولكن، لدى أعضاء الفريق حرية واسعة أيضًا. ونفذ فريق SEAL 6 مهماته ليلًا على الأغلب، وهو ما منح أعضاءه فرصة اتخاذ قرارات الحياة أو الموت بحق الآخرين في غرف مظلمة، وبوجود عدد قليل من الشهود، وبعيدًا عن نظر الكاميرا.
وقام مشغلو الفريق باستخدام أسلحة كاتمة للصوت لقتل الأعداء بهدوء وهم نيام، وهم يدافعون عن هذا الفعل بقولهم إنه لا يختلف عن إلقاء قنبلة على ثكنات العدو. ويقول بيسونيت في كتابه “لا بطل” الذي كتبه تحت اسم مستعار هو مارك أوين: “تسللت إلى بيوت الناس وهم نائمون. إذا رأيتهم مسلحين، أقتلهم، تمامًا كما يفعل جميع الأعضاء الآخرون“.
وتميل قرارات الحياة أو الموت هذه إلى أن تكون مؤكدة. وقال ضابط صف سابق في الفريق إن زملاءه كانوا يطلقون النار بقصد القتل. وأضاف أن أعضاء الفريق يطلقون النار على عدة جولات للتأكد من مقتل الهدف.
وأوضح الضابط ما يجري في هذه اللحظات، بالقول: “إذا كنت تشعر بأنك مهدد، سوف تقتل شخصًا ما في جزء من الثانية“. ووصف الضابط كيف قام أحد القناصة من فريق SEAL 6 بقتل ثلاثة أشخاص غير مسلحين، من بينهم فتاة صغيرة، في حلقات منفصلة في أفغانستان، مبلغًا رؤساءه بأنه شعر بأنهم قد يشكلون تهديدًا له. ومن الناحية القانونية، كانت هذه الحجة كافية لكي ينفذ القناص بفعلته. ولكن، قيادة الفريق تساءلت عما إذا كان القناص فعلًا عرضة للتهديد من قبل هؤلاء الأشخاص. وفي النهاية، أجبر القناص على الخروج من الفريق، وفقًا لما قاله الضابط.
وأشار ستة من الضباط السابقين الذين تمت مقابلتهم إلى معرفتهم بتسبب فريق SEAL 6 في وقوع قتلى في صفوف المدنيين. وقال سلابينسكي، وهو عضو بارز سابق في الفريق، إنه شهد أعضاء الفريق الآخرين وهم يقتلون مدنيين عن طريق الخطأ “أربع أو خمس مرات” خلال عمله.
وقال عدد من الضباط السابقين إنهم تساءلوا بشكل روتيني حول ما يقوم به مشغلو فريق SEAL 6 عندما أثيرت الشكوك إزاء عمليات القتل غير المبررة، ولكنهم لم يعثروا عادةً على دليل واضح على حدوث خطأ في العمليات. وقال ضابط كبير سابق في العمليات الخاصة: “لم يكن هناك أي حافز للحفر عميقًا في هذا الشأن“.
وبدوره، قال ضابط كبير سابق آخر: “هل أعتقد أن بعض الأمور السيئة حدثت؟ هل أعتقد أنه كان هناك قتل أكثر مما كان ينبغي أن يكون؟ بالتأكيد“. وأضاف: “لكن، هل أعتقد أن الرجال قتلوا الناس الذين لم يستحقوا القتل عمدًا؟ لدي صعوبة في الاعتقاد بصحة هذا الأمر“.
ويعد سقوط قتلى بين المدنيين جزءًا لا يتجزأ من أي حرب. ولكن، في الصراعات الحديثة ليس هناك وجود لخطوط واضحة للمعركة، ولا يمكن تمييز مقاتلي العدو في كثير من الأحيان عن غير المقاتلين؛ وبالتالي، يقول بعض خبراء القانون العسكري، إن القواعد التقليدية للحرب أصبحت قديمة ومنتهية الصلاحية، وتعد بروتوكولات اتفاقية جنيف الجديدة ضرورية في هذا الشأن.
وفي وقت قريب من نهاية عملية انتشار مجموعة “أزرق” من فريق SEAL 6 في أفغانستان، والتي اختتمت أعمالها هناك في أوائل عام 2008، اشتكى شيوخ إحدى القرى إلى الجنرال البريطاني الذي كانت قواته تسيطر على مقاطعة هلمند. وعلى الفور، استدعى الجنرال قائد فريق SEAL 6، النقيب سكوت مور، قائلًا له إن اثنين من الشيوخ قالا له إن أعضاء الفريق قتلوا مدنيين في القرية. وبدوره، واجه مور قادة المهمة التي كانت تهدف لاعتقال أو قتل أحد أعضاء طالبان، ويدعى بانتيرا، بهذه التهمة. وعندما سئل مور عما حدث، نفى قائد السرب “الأزرق”، بيتر فاسلي، أن يكون أعضاء مجموعته قتلوا أي مدنيين. وقال إن جميع الرجال الذين قتلوا كانوا مسلحين.
وطلب الكابتن مور من قيادة العمليات الخاصة التحقيق في الحادث. وفي نفس ذلك الوقت تقريبًا، تلقى مور تقارير عن أن هناك عشرات الشهود في القرية يزعمون أنهم رأوا القوات الأمريكية تشارك في عمليات إعدام ميدانية.
وفي وقت لاحق، ادعى عضو كبير سابق في فريق SEAL 6 بأن سلابينسكي، وهو من قيادة سرب “الأزرق”، أعطى توجيهات قبل تنفيذ المهمة بأن يتم قتل كل الرجال المتواجدين في مكان الهدف. وقد نفى سلابينسكي هذا الأمر. وقال في مقابلة معه: “لم أعط أي أمر مثل هذا للرفاق“.
وأضاف سلابينسكي إنه، وفي وقت قريب من تلك الغارة، كان قد غضب لرؤيته أحد أعضاء الفريق الأصغر سنًا وهو يمسك بحنجرة أحد مقاتلي طالبان القتلى. وقال سلابينسكي: “بدا وكأنه في طور تشويه الجثة، فصرخت في وجهه بسرعة، وأمرته بالتوقف فورًا عما كان يفعله“.
وقالت دائرة التحقيقات الجنائية التابعة للقوات البحرية في وقت لاحق، إن ذلك الجندي كان يحاول فك العتاد عن صدر المقاتل القتيل. ولكن، قادة فريق SEAL 6 كانوا يشعرون بالقلق من أن بعض أعضاء الفريق كانوا يخرجون عن نطاق السيطرة، وتم إعادة ذلك العضو إلى الولايات المتحدة.
وقد برأت JSOC مجموعة “أزرق” من ارتكاب أي مخالفات في عملية بانتيرا، وفقًا لاثنين من أعضاء فريق SEAL 6 السابقين. وليس من الواضح كم عدد الأفغان الذين قتلوا في تلك الغارة أو أين حدثت العملية تمامًا. وقال ضابط سابق إنه يعتقد أنها أجريت جنوب لاشكار جاه، عاصمة مقاطعة هلمند.
ولكن وفقًا لأحد كبار قادة الفريق السابقين، خلقت تلك الحادثة نقاشًا رفيع المستوى حول كيف يمكن لـ SEAL 6 في بلد يحمل العديد من الرجال فيه البنادق، “أن يضمن أننا نقتل الأشرار الحقيقيين فقط؟“، وفي تحقيقات أخرى أجريت عادةً من قبل قيادة العمليات الخاصة المشتركة، لا محققي البحرية، لم توجه لأحد من أعضاء الفريق أية اتهامات. وعادةً، تمت إعادة الرجال المشتبه بهم إلى أمريكا؛ وقال ضابط سابق إن ثلاثة من أعضاء الفريق أعيدوا إلى الوطن بعد مزاعم حول تعذيبهم لمعتقلين أثناء الاستجواب. وتمت إعادة بعض الأعضاء أيضًا للمشاركة في عمليات قتل مشكوك فيها.
وبعد مرور أكثر من عام عن تلك الحادثة، أدت مهمة أخرى للفريق لإثارة احتجاجات قوية بين الأفغان. وما حدث حينها هو أنه، وبعد منتصف ليلة 27 ديسمبر 2009، تم إنزال العشرات من القوات الأمريكية والأفغانية من طائرات الهليكوبتر على بعد عدة أميال من قرية صغيرة من غازي خان في مقاطعة كونار؛ ودخلت تلك القوات القرية تحت جنح الظلام؛ وفي الوقت الذي غادرت فيه، كان 10 مواطنين قد أصبحوا في عداد القتلى.
ولا يزال ما حدث في تلك الليلة موضع نزاع. وكان الغرض من تلك المهمة هو اعتقال أو قتل ناشط بارز في طالبان، ولكن كان من الواضح أن قادة طالبان لم يكونوا موجودين في مكان الهدف، وأن البعثة استندت على معلومات استخبارية خاطئة. وقام الحاكم السابق للمقاطعة بالتحقيق بما حدث في تلك الليلة، واتهم الأمريكيين بقتل أطفال غير مسلحين. وأصدرت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بيانًا جاء فيه أن التحقيق الأولي خلص إلى أن “ثمانية من القتلى هم من الطلاب المسجلين في المدارس المحلية“.
وفي البداية، قال المتحدث باسم الجيش الأمريكي إن أولئك الذين لقوا حتفهم كانوا جزءًا من خلية للمتمردين تقوم بصنع العبوات الناسفة. ولكن في نهاية المطاف، تراجع المتحدث عن هذا الادعاء.
ورغم ذلك، لا يزال بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين مصرين على أن جميع الشبان القتلى كانوا يحملون البنادق، وكانوا مرتبطين بطالبان. وقال بيان للناتو إن الأشخاص الذين نفذوا الغارة كانوا من “غير العسكريين”، في إشارة على ما يبدو إلى أعضاء وكالة المخابرات المركزية CIA، التي كانت هي المشرفة على العملية.
ولكن أعضاء SEAL 6 شاركوا أيضًا في تنفيذ تلك المهمة، كجزء من برنامج أوميغا السري. وبحلول ذلك الوقت، كان البرنامج الذي بدأ في مطلع الحرب الأفغانية قد تغير. وبعد أن أصبحت المهمات داخل باكستان محدودة بسبب صعوبة العمل هناك دون إثارة انتباه الجنود والجواسيس الباكستانيين، اقتصرت المهمات في الغالب على الجانب الأفغاني من الحدود.
ومع مرور الوقت، استجاب الجنرال ماكريستال، الذي أصبح قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، إلى شكاوى كرزاي حول سقوط قتلى مدنيين، من خلال تشديد القواعد على الغارات الليلية، وتقليص وتيرة العمليات الخاصة.
وبعد سنوات من تسلل الفريق إلى مجمعات العدو، أصبح يطلب من أعضاء SEAL 6 غالبًا أن يطلبوا من الهدف الاستسلام قبل مهاجمتهم أي موقع.
ولكن، سلابينسكي يقول إن الخسائر في صفوف المدنيين وقعت في معظم الأحيان خلال طلب الاستسلام هذا، الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تخفيف هذه الخسائر. وأضاف القائد أن المقاتلين الأعداء أصبحوا يرسلون أحيانًا أفراد الأسرة إلى الخارج، ومن ثم يقومون بإطلاق النار على الأمريكيين من خلف ظهور المدنيين.
بعثات الإنقاذ
وقبل سنوات من تنفيذ الغارات الليلية في أفغانستان والانتشار في مناطق الحرب، كان فريق SEAL 6 قد درب باستمرار على إنقاذ الرهائن، ولكنه لم يحصل على الفرصة لتنفيذ مثل هذه العمليات الخطرة، والصعبة، قبل عام 2001. ومنذ ذلك الحين، حاولت الوحدة تنفيذ ما لا يقل عن 10 عمليات إنقاذ. وكانت بعض هذه العمليات مثالًا للنجاح، وبعضها الآخر مثالًا للفشل.
ويقول أعضاء الفريق إن عمليات الإنقاذ تتطلب التحرك بشكل أسرع، وتعرضهم لخطر أكبر من مخاطر أي نوع آخر من العمليات، وذلك بهدف حماية الرهائن من إطلاق النار عليهم أو تعرضهم لأي أذى. وفي معظم الحالات، انتهى الأمر بقتل أعضاء الفريق لمعظم الخاطفين.
وتم تنفيذ أول عملية إنقاذ رفيعة المستوى في عام 2003، عندما ساعد فريق SEAL 6 في استرداد الجندية، جيسيكا لينش، التي كانت قد أصيبت، وأسرت في مستشفى، خلال الأيام الأولى للحرب على العراق. وبعد ست سنوات، قفز أعضاء الفريق من على متن طائرات الشحن إلى مياه المحيط الهندي في مهمة لإنقاذ قبطان السفينة مايرسك الاباما، ريتشارد فيليبس، بعد أن اختطف سفينته قراصنة صوماليون.
وفي عام 2012، نزل مشغلو الفريق من السماء على الصومال لتحرير العاملة الأمريكية في مجال المساعدات، جيسيكا بوكانان، وزميلها الدنماركي، بول هاغن ثيستد. واعتبرت JSOC هذه البعثة كمعيار يحتذى في عمليات إنقاذ الرهائن. وكان أعضاء الفريق قد استخدموا حينها تقنية السقوط الحر بالمظلات، أو ما يسمى “HAHO”، وتتضمن هذه التقنية القفز من علو مرتفع، وتوجيه أعضاء الفريق لأنفسهم عن طريق الريح لأميال عديدة، حتى يتمكنوا من عبور الحدود سرًا. وتعد هذه الممارسة محفوفة بالمخاطر، وقد أدت التدريبات عليها إلى وفاة العديد من أعضاء الفريق على مر السنين.
وأشارت بوكانان لاحقًا إلى أن أربعة من الخاطفين كانوا على بعد 15 قدمًا منها عندما اقترب أعضاء SEAL 6 تحت جنح الظلام. وقد أطلق أعضاء الفريق النار، وقتلوا جميع الخاطفين التسعة، وقاموا بإنقاذ عمال الإغاثة. وقالت بوكانان في مقابلة: “حتى عرفوا بأنفسهم، لم أكن أعتقد أنه كان من الممكن تنفيذ عملية لإنقاذنا“.
وفي أكتوبر 2010، أخطأ أحد أفراد فريق SEAL 6 أثناء محاولة لإنقاذ ليندا نورغروف، وهي عاملة إغاثة بريطانية تبلغ من العمر 36 عامًا، كانت محتجزة كرهينة من قبل حركة طالبان. ومع توجههم إلى مجمع طالبان تحت جنح الظلام، قام عضو جديد في الفريق بإلقاء قنبلة يدوية على ما اعتقد أنه اثنان من مقاتلي التنظيم المختبئين في حفرة. ولكن، بعد تبادل لإطلاق النار أودى بحياة عدد من الخاطفين، وجد أعضاء الفريق الرهينة ميتة في الحفرة.
وفي البداية، أفاد عضو الفريق الذي ألقى القنبلة، وعضو آخر في الوحدة، إلى أن نورغروف قتلت نتيجة انفجار سترة ناسفة. ولكن، هذه الرواية تراجعت بسرعة، وأشار التحقيق إلى أن فيديو المراقبة يظهر أن الرهينة توفيت على الفور تقريبًا بسبب انفجار قنبلة يدوية.
وخلص تقرير مشترك بين الحكومتين الأمريكية والبريطانية إلى أن المشغل الذي كان قد رمى القنبلة انتهك إجراءات إنقاذ الرهائن، وتم إخراجه من فريق SEAL 6، على الرغم من السماح له بالانضمام إلى وحدة أخرى من وحدات SEAL.
ونجحت عملية إنقاذ أخرى بعد عامين في تحرير طبيب أمريكي على الرغم من التكلفة الكبيرة التي تكبدها الفريق. وفي ليلة من ليالي ديسمبر 2012، قامت مجموعة من أعضاء SEAL 6 باقتحام مجمع في أفغانستان حيث كان مسلحو طالبان يحتجزون الدكتور ديليب جوزيف، الذي كان يعمل مع منظمة مساعدات. وقد قتل أول عضو من الفريق يدخل إلى المجمع، ورد باقي الأعضاء بوحشية، ما أسفر عن مقتل كل الخاطفين الخمسة.
ولكنّ الدكتور جوزيف، ومسؤولين عسكريين آخرين، يقدمون روايات مختلفة تمامًا حول كيفية وقوع الغارة. وقال الطبيب في مقابلة إن شابًا من الخاطفين يبلغ من العمر 19 عامًا، كان الخاطف الوحيد الذي بقي على قيد الحياة بعد الهجوم الأولي. ويتذكر الطبيب أن هذا الشاب جلس على الأرض مستسلمًا، ويداه حول ركبتيه، ورأسه إلى أسفل. ولكن في وقت لاحق، وفي حين كان ينتظر ليستقل طائرة الهليكوبتر، قال الدكتور جوزيف إن أحد رجال فريق الإنقاذ أخذه معه إلى المنزل من جديد؛ حيث رأى تحت ضوء القمر ذلك الشاب ميتًا في بركة من الدماء.
وبدورهم، قال مسؤولون عسكريون إن جميع الخاطفين قتلوا بسرعة بعد أن دخل فريق الإنقاذ إلى المبنى. وأضافوا أن الدكتور جوزيف كان مشوشًا في ذلك الوقت، وأنه لم يدخل المنزل مرة أخرى بعد إخراجه منه أبدًا، وشككوا فيما إذا كان الدكتور قد استطاع حقًا رؤية ما كان يحدث في ظلام تلك الليلة.
فرقة تجسس عالمية
ومن على طول الحدود الأفغانية، أرسل فريق SEAL 6 بانتظام أفرادًا من السكان المحليين الأفغان إلى المناطق القبلية في باكستان لجمع المعلومات الاستخبارية. وحول الفريق الشاحنات الملونة والتي تحظى بالشعبية في المنطقة إلى محطات تجسس متنقلة؛ حيث وضعت أجهزة تنصت متطورة في الجزء الخلفي من هذه الشاحنات، واستخدم البشتون لقيادتها عبر الحدود.
وما وراء أفغانستان وباكستان، انتشر أعضاء السرب “الأسود” من فريق SEAL 6 في جميع أنحاء العالم لتنفيذ مهام التجسس. وفي الأساس، أنشأ هذا السرب بعد هجمات 11 سبتمبر، لإجراء عمليات جمع المعلومات الاستخبارية وأنشطة سرية أخرى في إطار التحضير لمهمات العمليات الخاصة.
وبحلول منتصف العقد الماضي، أمر الجنرال ماكريستال فريق SEAL 6 بتولي دور أوسع في بعثات جمع المعلومات الاستخباراتية العالمية، وتم نشر أعضاء سرب “الأسود” في السفارات الأمريكية من إفريقيا، إلى أمريكا اللاتينية، وصولًا إلى الشرق الأوسط.
وقال عضو سابق في SEAL 6 إن الفريق قام باستخدام الحقائب الدبلوماسية في الحصول على أسلحة لمشغلي سرب “الأسود” المتمركزين في الخارج. وفي أفغانستان، ارتدى مشغلو السرب اللباس القبلي، وتسللوا إلى القرى لزرع كاميرات وأجهزة تنصت قبل أيام أو أسابيع من تنفيذ المداهمات الليلية، وفقًا للعديد من أعضاء الفريق السابقين.
ووضع الفريق أيضًا شركات وهمية لتوفير غطاء لمشغلي سرب “الأسود” في الشرق الأوسط، وشغلوا محطات تجسس عائمة متنكرة بزي القوارب التجارية قبالة سواحل الصومال واليمن. وكان لأعضاء السرب “الأسود” العاملين في السفارة الأمريكية في صنعاء دور مركزي في ملاحقة أنور العولقي، وهو رجل الدين المتشدد والمواطن الأمريكي الذي أصبح من قيادات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وقتل في عام 2011 في هجوم طائرة بدون طيار تابعة لـ CIA.
وقال أحد الأعضاء السابقين في السرب “الأسود” إنه لم يكن من المسموح لمشغلي الفريق في الصومال واليمن الضغط على الزناد إلا إذا كانت الأهداف ذات قيمة عالية. وأضاف: “خارج العراق وأفغانستان، كان الأمر مختلفًا تمامًا".
وفي السرب “الأسود” أيضًا عناصر نسائية.