غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بالصور صابرين سالم.. نجت من مجزرة مرعبة ولم تنجُ من بقايا جثث عائلتها الـ98

صابرين سالم
شمس نيوز - مطر الزق

وسط حالة من الألم والحزن الشديدين، تقف السيدة صابرين سالم أمام عددِ من "أكياس الموتى"، تدور بعينيها يمنة ويسرة، بينما يرتجف جسدها من هول المشهد، يصرخ أحد أبناء عائلتها وهو يقلب بقايا جثمان شهيد، "هذه بقايا جثمان يبدو أنها لشاب؟"، تضع صابرين يدها على رأسها تستجمع قواها العقلية لتعود بذاكرتها إلى ما قبل الانفجار المروع وتقول في ذهول: "هذه الجثة لأخي محمد كان يرتدي ترنق عليه علامات برتقالية".

فورًا نادى أحدهم على صاحب القلم ليكتب اسم الشهيد "محمد بهجت سالم"، قبل أن تتوه الجثة عن العيون في ظل استمرار محاولات الدفاع المدني وعائلة سالم انتشال نحو 70 شهيدًا من تحت ركام منزل يعود لعائلة "أبو رمضان" في حي الرمال وسط مدينة غزة.

IMG_5605.jpeg
 

وكان نحو 117 شخصًا من عائلة سالم غالبيتهم من الأطفال والنساء، أجبروا على مغادرة منازلهم في جباليا شمال قطاع غزة تحت الأحزمة النارية والقصف الإسرائيلي الهمجي، ولجأوا إلى منزل لعائلة أبو رمضان في حي الرمال بداية حرب الإبادة.

تستذكر صابرين تلك الأيام الصعبة في حديثها مع مراسل "شمس نيوز" وتقول: "لجأنا إلى منزل لعائلة أبو رمضان بعدما أبلغنا جيش الاحتلال أن شمال القطاع غير آمن، وأن مدينة غزة منطقة آمنة، لكن الاحتلال كعادته غدر بنا".

تحاول صابرين وهي ناجية من المجزرة المروعة، الضغط على ذاكرتها لتعود إلى الماضي ثم تشير، إلى أن الموقف كان صعبًا جدًا ومرعبًا "قوات الاحتلال حاصرت المكان بالدبابات ولم نتمكن من الخروج، الجميع هنا مدنيون لا علاقة لهم بالعسكرية، كان بإمكانهم اعتقالنا دون أي مقاومة، لكن الاحتلال يريد أكبر فاتورة من الدم الفلسطيني".

ومع مرور عقارب الساعة إلى الحادية عشر ليلًا من يوم الثلاثاء (19-12-2023) دوى صوت انفجار كبير في المكان وهم نائمون، إذ لفتت صابرين بأن 4 صواريخ من نوع "اف 16" سقطت فوق الأطفال والنساء والرجال ودمرت المكان عن بكرة أبيه.

ولم تستذكر صابرين في تلك اللحظات المرعبة، سوى أن جسدها طار من المكان عشرات الأمتار بفعل قوة الانفجار، ليكتب لها عمرًا جديدًا بينما استشهدت والدتها وإخوانها وأبنائها الاثنين، ونحو 98 شخصًا من أبناء عمومتها.

ورغم جنون الحرب وسقوط القذائف وقوة النار الإسرائيلية؛ إلا أن عائلة سالم تمكنت في تلك الأيام دفن نحو 30 شخصًا ممن تمكنوا من الوصول إليهم، بينما بقي أكثر من 70 شخصًا تحت ركام المنزل المدمر 30 منهم أطفال.

وبعد نحو عامين على حرب الإبادة، ومرور شهرين على وقف إطلاق النار، تمكنت فرق الدفاع المدني بأقل الإمكانيات من انتشال عددٍِ من جثامين عائلة سالم من تحت ركام منزل عائلة أبو رمضان، لتفتح الجرح من جديد في قلوب أهالي الشهداء.

وعلى زاوية أخرى تقف إيمان سالم تتفقد جثث عائلتها بحالة يرثى لها، تقول لمراسل "شمس نيوز": "أشعر بألم كبير، اليوم فُتح الجرح من جديد إمي وأشقائي كلهم استشهدوا هنا تحت ركام هذا المنزل".

كانت إيمان قد نزحت تحت وابل من القصف والصواريخ والأحزمة النارية الإسرائيلية، جنوب قطاع غزة، وعندما علمت بقصف عائلتها في منزل عائلة أبو رمضان في حي الرمال بمدينة غزة، انهارت قوها ولم تتمكن من تذوق الطعام والشراب لأيام عدة، تقول: "شعرت بألم كبير أنا لم أرَ أمي أو أشقائي منذ عامين والآن هم عبارة عن عظام وبعض الملابس فلا معالم واضحة لهم".

تضع إيمان كف يدها على خدها وتنظر بعينيها الدامعتين إلى جثث الشهداء المعبئة بأكياس الموتى، وتوضح لمراسلنا، "التعرف على جثامين الشهداء صعب جدًا، هم عبارة عن بقايا عظام، وملابس ومقتنيات ممزقة".

لم تكتفِ إيمان سالم بهذه الكلمات المبكية، إذ أشارت إلى أنها تشتاق لاحتضان أمها واشقائها الشهداء، فهذا اليوم أعاد ذاكرتها إلى ما قبل حرب الإبادة حيث كانت تجتمع وعائلتها في كل مناسبة.

في تلك اللحظات تنهش جرافة واحدة بأسنانها الحادة حجارة المنزل المدمر، أملًا في الوصول إلى جثامين الشهداء وانتشالهم ودفنهم بكرامة إنسانية، في تلك الحادثة يقول المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل لمراسل "شمس نيوز": "نبدأ اليوم بانتشال جثامين الشهداء من تحت ركام البنايات صغيرة الحجم والمكونة من طابق أو طابقين؛ لعدم توفر المعدات والإمكانيات اللازمة.

ولفت بصل إلى أن مهمة انتشال الجثامين من تحت الركام صعبة جدًا في ظل مقدرات وإمكانيات مهترئة وصعبة جدًا، متسائلًا: "لماذا يتدخل العالم بقوة لانتشال جثامين قتلى الإسرائيليين وتوفر لهم كل المعدات اللازمة لانتشالهم، بينما جثامين الشهداء الفلسطينيين يبقوا تحت الأنقاض لمدة عامين وربما سنوات عدة دون أن يتدخلوا لانتشالهم".

ومن بين جثامين الشهداء والمنازل المدمرة يطالب المتحدث باسم الدفاع المدني العالم أجمع بأن يطبق المبدأ الإنساني في غزة كما طبق مع الاحتلال الإسرائيلي، داعيًا الوسطاء والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسماح لان تدخل المعدات الثقيلة لانتشال جثامين الشهداء الفلسطينيين من تحت الركام".