شمس نيوز/عمر اللوح-عبدالله عبيد
مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تشهد حركة الأسواق الفلسطينية اكتظاظا ملحوظا بالمواطنين لشراء حاجاتهم وتوفير ما يقتاتون به خلال الشهر، رغم حالة الفقر والبطالة والحصار التي يعيشها سكان قطاع غزة.
ويصطدم المتسوقون، كما كل عام، بارتفاع مفاجئ على أسعار السلع الأساسية قبيل بزوغ هلال رمضان، الأمر الذي يجبر البعض على الاكتفاء بشراء بعض المتطلبات والاستغناء عن أخرى.
ويوضح محمود العجل، صاحب محل لبيع الحوم المجمدة والطازجة، أن بعض التجار رفعوا الأسعار مع اقتراب شهر رمضان المبارك، حيث ارتفع سعر كيلو لحم العجل الطازج إلى 60 شيكل (حوالي 17 دولارا أمريكيا) بدل 50 شيكل، وكيلو لحم الخروف الطازج إلى 90 شيكل (حوالي 25 دولارا) بدل 80 شيكل.
وأشار إلى أن التجار الجشعين هم من يرفعون الأسعار استغلالا لشهر رمضان، ولإقبال الناس على الشراء اللحوم، مبينا أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون بغزة خفضت مؤشر الشراء والتبضع إلى أقل من النصف. وطالب العجل وزاراتي الزراعة والاقتصاد بضرورة عمل حملات مكثفة ومعاقبة التجار الذين يرفعون الأسعار.
اسعار الخضروات
لهيب الأسعار طال أيضا الخضروات، السلعة الأساسية التي لا تستغني عنها مطابخ الغزيين، ليوضح بائع الخضروات عامر الحلو أن الأسعار قبل أيام من بدء شهر الصيام شهدت ارتفاعا ملحوظا، ورغم أن بعض التجار لديهم بضاعة بالسعر القديم، إلا أنهم بدأوا برفع ثمن بضاعتهم.
ويشير المواطن خليل وشاح، الذي كان يعاين بسطات الخضروات في سوق فراس بغزة، إلى امتعاضه لسرعة ارتفاع الأسعار بشكل مفاجئ، ليقول: قبل أيام قليلة كنت في السوق واشتريت أغراضا للبيت، وكان سعر الملوخية 10 شواكل لكل 8 كيلوجرامات، واليوم ارتفع السعر إلى 10 شواكل للخمسة كيلوات!!".
وتساءل: أين الحكومة من الرقابة والتفتيش ومتابعة هؤلاء التجار الذين لا يخافون الله؟ هذا الغلاء يحول بيننا وبين توفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة لأبنائنا وعائلاتنا".
جشع التجار
المواطن غازي الشيخ، لم يختلف عن سابقه في إبداء حنقه على التجار، حيث يوضح أنه تفاجأ من ارتفاع سعر كيلو الدجاج الطازج خلال 24 ساعة فقط، ليصبح 12 شيكلا للكيلو بدل 10 شواكل.
وتابع بالقول: هذا الارتفاع في الأسعار ليس جديدا، فكل عام يضاعف التجار أسعار سلعهم مع قدوم رمضان والأعياد، هؤلاء التجار لا دين لهم ولا يهمهم مصلحة المواطن بقدر سعيهم للربح وتضخيم جيوبهم" بحسب تعبيره.
وحمّل المواطن الشيخ الحكومة في غزة المسئولية عن ارتفاع الأسعار "لأنهم لو رغبوا في أن يكافحوا هذا الغلاء لأوقفوا التجار عند حدودهم".
سنردع المخالفين
بدوره، أكد مدير عام حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد بغزة رائد الجزار، أن وزارته تعمل جاهدةً على متابعة جميع السلع دون استثناء على مدار الساعة، ومنع الغش والتدليس، وأي طرق كسب غير مشروعة خاصة بعد اقتراب شهر رمضان المبارك.
وأضاف الجزار أن الوزارة ستقوم بدور رقابي ليس فقط خلال شهر رمضان، بل على مدار العام لحماية المستهلك بمختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، من خلال حملات مركزية تهدف لمتابعة جميع الأنشطة الاقتصادية والسلع والمنتجات المحلية والمستوردة لجميع محافظات غزة، وذلك من خلال متابعة الأسواق والمولات والمخازن الغذائية والمعامل والمصانع والمخابز ومحطات الوقود والغاز والموزعين.
وأشار الى ان وزارته تستقبل أي شكوى تقدم ضد أي تاجر يعمل على استغلال حاجة المواطن في السلعة التي يقدمها، وسوف تقوم على الفور بالاستجابة وعمل اللازم ومحاسبة التاجر وفق القانون.
ظروف قاسية
خبراء بالشأن الاقتصادي رجحوا أن يكون رمضان هذا العام "قاسيا جداً" على أهالي قطاع غزة، بسبب ما يعانيه الناس من ركود اقتصادي في مختلف مجالات الحياة.
وأكد الخبراء أن الركود الاقتصادي في غزة يتطور من وقت لآخر لعدة أسباب، أولها الحصار وفشل محاولات المصالحة الفلسطينية بالإضافة إلى الحروب المتتالية، موضحين أن هذا الركود انعكس سلباً على النمو الاقتصادي والقدرة الشرائية للمواطنين في القطاع، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان.
الخبير في الشأن الاقتصادي، د. معين رجب، أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الأزهر بغزة، أكد أن قطاع غزة يشهد ركودا اقتصاديا كبيرا هذا العام في مختلف مجالات الحياة، لافتاً إلى أنه يتطور من وقت لآخر، وتزداد حدته من عام لآخر نتيجة إحكام الحصار من جهة، وفشل محاولات المصالحة الفلسطينية من جهة أخرى، بالإضافة إلى الحروب المتتالية على غزة.
وبيّن رجب في حديثه لـ"شمس نيوز"، أن تراكم هذه الظروف خلّف حالة من الركود الاقتصادي في غزة يزداد حدة وينعكس سلباً على نمو السلة الغذائية، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان، مشيراً إلى أن الأصل هو وجود حالة من الرواج الاقتصادي في هذا الشهر.
وأضاف: الحصار لا زال قائماً، والمعابر لا تسمح بدخول الاحتياجات الحقيقية والفعلية، خاصة مواد البناء، ومعبر رفح البري لا يُفتح إلا في حالات استثنائية، وجزء كبير من العاملين في غزة لا يتقاضون رواتب"، مبيّناً أن حركة التصدير أيضا محدودة للغاية إن لم تكن معدومة.
مختلف تماماً
من جهته، قال الخبير في الشؤون الاقتصادية البروفسور أنور أبو الرب، إن المعاناة التي تعصف بأهالي غزة جراء اشتداد الحصار وعدم صرف رواتب للكثير من الموظفين، أثرت بشكل كبير على القدرة الشرائية في استقبال شهر رمضان كما العادة، منوهاً إلى أن رمضان هذا العام سيكون مختلفا تماماً عن الأعوام السابقة.
وعن التسهيلات التي منحت للقطاع في شهر رمضان، شدد على أنها لم تفِ بالغرض الكامل، مبيّناً أن المطلوب رفع الحصار بشكل نهائي عن قطاع غزة.
وأردف بالقول: من حق أهل غزة أن يعيشوا كباقي الشعوب، وأن يكون لهم معابر واتصالات مع العالم الخارجي وحرية حركة تجارية ومنفذا تجاريا مع العالم الخارجي".
مطلوب إجراءات رادعة
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي صلاح هنية "مع اقتراب شهر رمضان المبارك بدأنا نشهد ارتفاعا في بعض أصناف الخضروات، وشهدنا في الفترة الأخيرة ارتفاعا على أسعار اللحوم والدواجن وخاصة العجول" معربا عن اعتقاده أن السبب في ذلك عدم وجود تسعيرة رسمية للسلع في السوق.
وأضاف: تراخي أجهزة الرقابة وافتقارنا لإجراءات قضائية رادعة لموضوع التلاعب بالأسعار، يدفع ببعض التجار إلى احتكار سلع أساسية، وفرض السعر الذي يريدونه في السوق، وبالتالي يزيد العبء على المواطن البسيط".
وأكد المحلل الاقتصادي ضرورة إيجاد أسلوب رادع حتى يتمكن المواطن من شراء حاجياته بالأسعار البسيطة التي كانت قبل أسبوع وإنهاء الاستغلال والاحتكار لأجل كسب بعض الأموال على حساب الآخرين، مشيرا إلى أن التاجر عندما يبيع لا يخسر، ولكن الطمع يدفعه إلى رفع السعر، خاصة في المواسم التي يزيد فيها إقبال الناس على الشراء مثل رمضان والأعياد.
ويستقبل المواطنون في قطاع غزة شهر رمضان الكريم وهم مثقلين بالهموم والمشاكل التي أرهقت كاهلهم، في ظل الحصار والمعاناة والفقر والبطالة، ومن تداعيات الحروب الأخيرة والهجمات المتكررة على القطاع، لا سيما أزمة تأخر صرف رواتب الموظفين، وما يصاحبها من موت للأسواق.
ومن المتوقع أن يكون الخميس القادم 18 يونيو، غرة شھر رمضان المبارك، وأن يكون الأربعاء ھو المكمل لشهر شعبان، بحسب مركز الفلك الدولي.