غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر هل تنجح تقنيات التجسس الحديثة في كشف السياسات النووية الإيرانية؟

عامل واحد قد يضمن نجاح الاتفاق النووي مع إيران، وهو إحكام المراقبة حول النظام في طهران

تقرير: ديلي بيست

قال مشككون إن إدارة أوباما تستطيع إبرام كل الاتفاقات النووية التي تبغاها، لكن إيران ستظل تتحايل وتسعى نحو تصنيع قنبلة، وإن كانت محاولاتها للتلاعب قد تصبح أصعب مما قد يبدو؛ بسبب التطورات التي شهدتها تكنولوجيا المراقبة، والتحقق النووي.

تستطيع الوكالة الدولية للطاقة الذرية استخدام مجموعة متطورة من الأساليب الجديدة للكشف عما إذا كانت إيران تخالف التزاماتها أم لا، من خلال استخدام أختام الألياف الضوئية، ووضعها على المعدات، بجانب صور الأقمار الصناعية بالأشعة تحت الحمراء، والتي يمكنها تعقب المفاعلات التي تم إخفاؤها، إلى جانب أجهزة الاستشعار البيئية التي يمكنها الكشف عن علامات دقيقة تؤكد وجود جسيمات نووية، بالإضافة للكاميرات الصلبة، والمخصصة لتحمل الإشعاع.

وبالإضافة لتلك القائمة، يمكن أيضًا لأجهزة الاستخبارات الغربية استخدام: عمليات التجسس الإلكتروني المتطورة، ومجموعة أجهزة الاستشعار الزلزالية والصوتية، إلى جانب الطرق القديمة للتجسس بالشبكات المعتمدة على الإنسان.

وفي الوقت الذي تقترب فيه القوى الكبرى من إتمام الاتفاق النووي بعد اقتراب الموعد النهائي لإتمام الصفقة هذا لأسبوع، يؤكد حلفاء إدارة أوباما أن تلك التقنيات دليل على أن واشنطن ستتمكن من كشف أي خداع قد تمارسه ايران، وبالتالي ستكون قادرة على ردع مثل هذا الإجراء.

كما أكد جوزيف سيرينسيون، رئيس صندوق بلاوشيرز-وهي منظمة لحظر أسلحة الدمار الشامل والانتشار النووي- أن من خلال أجهزة الاستشعار المتطورة، والأختام، والكاميرات، إلى جانب عمليات التدقيق الشاملة، والمقابلات، وقوائم الجرد، وقناة الواردات الخاضعة للرقابة لجميع المشتريات الإيرانية التكنولوجية والمتعلقة بالأنشطة النووية سنتمكن من رصد أي محاولة إيرانية للخداع أو التنصل أو مخالفة الاتفاق.

فيما أضاف أحد المسؤولين في وزارة الطاقة الأمريكية قائلاً ” في الوقت الراهن تسمح إيران فقط للوكالة باستخدام بعض التكنولوجيات القديمة والتي تستغرق وقتًا طويلاً” وأضاف إن أحد البنود الرئيسة للاتفاق النووي المؤقت والذي تم عقده مع إيران في لوزان هو السماح للوكالة باستخدام تكنولوجيات أكثر حداثة وكفاءة و أمنًا.

تلك “التقنيات الحديثة” المحددة التي سيتم استخدامها في إيران ما زالت نقطة للتفاوض، كما أن هناك بعض الأساليب الأكثر تقدمًا قد لا يسمح بها في بنود الاتفاق النهائي.

كانت انفراجة في المفاوضات قد وقعت خلال عطلة نهاية الأسبوع، وذلك بعد أن قالت وكالة الطاقة الذرية إنه بإمكانها توفير التحقيق الذي وعدت بالكشف عنه سابقًا عن الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي السابق لإيران بحلول ديسمبر؛ وهي القضية الرئيسة التي تحتاج إلى حل.

وتعمل الأطراف المتفاوضة الآن على قائمتين من المواقع الإيرانية؛ إحداهما قائمة للمواقع النووية المعلنة، والثانية  قائمة للمواقع التي يحتاج مفتشو الوكالة إثارة العديد من التساؤلات حولها.

ورغم أنه قد تم بالفعل اكتشاف أن إيران تجاوزت حدود الاتفاق النووي المؤقت مع القوى العظمى الولايات المتحدة حاولت التقليل من أهمية تلك الانتهاكات. مما يثبت أن التكنولوجيا ليست بديلة عن القدرات الاستنتاجية، والتي يملكها المفتش النووي ذو الخبرة، والذي تدرب على الوصول إلى المنشآت النووية أو المواقع المشتبه بها.

“لا يمكن لأي قدر من التكنولوجيا أن يكون بديلاً عن المفتشين في أي وقت أو أي مكان” قالت عمري سيرين العضو المنتدب قي مشروع إسرائيل والذي يعارض الاتفاق النووي الذي تحاول إدارة أوباما الوصول إليه مع إيران قائلة إن حتى العلماء المخضرمين في العالم دائمًا ما يقولون إن التكولوجيا لن تكون قادرة على التحقق من دون هذا النوع من التفتيش، البيت الأبيض يريد التظاهر بأن الاستخدام التكنولوجي يمكن أن يحل محل عمل المفتشين التقليدين، لكن تلك القدرات المحسنة يمكن أن تساعد الجهود الدولية الرامية لكشف أي تلاعب أو خداع.

كما أضاف أندرياس بيرسبو المدير التنفيذي لفيرتك وهو مركز للأبحاث للتحقق النووي في لندن إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية توظف يومًا بعد يوم أكثر من 100 أداة مختلفة في عمليات الرصد والتحقق، وكل التكنولوجيات الحالية والتي سيتم تطبيقها تمثل مستوى جيدًا للغاية لرصد ومراقبة كافة المنشآت النووية الإيرانية كما أنه يضمن للوكالة كشف أي محاولة إيرانية للمخالفة حتى لو كانت هامشية لكن ذلك بالطبع ليس ضمانًا بأن الإيرانيين لن يتلاعبوا؛ فجميع أساليب المراقبة لن تستطيع الجزم بمنع ذلك.

بينما قال توم شي، الذي كان يعمل في وكالة الطاقة الذرية لمدة 24 عامًا، وساعد في تأسيس إجراءات وقائية لمنع الانتشار النووي إن تقنيات التجسس والرصد المتقدمة، والتي يروج أن بإمكانها معرفة ما إذا كانت إيران تتلاعب بشأن ملفها النووي في السر، وإنشاء مرافق نووية غير معلنة هي الأكثر إفادة بالإضافة لتكنولوجيا الأقمار الصناعية التي يمكن أن تقدم لهم الصور من مواقع في جميع أنحاء إيران فتلك القدرة أحدثت ثورة في إمكانية إيجاد الأشياء التي كانت مخبأة في المناطق النائية، وهو الأسلوب الذي تمكنت الولايات المتحدة من خلاله العثور على منشأة نووية سرية تحت الأرض قبل ايران في عام 2009.

وأضاف بيرسبو إن هناك أداة أخرى لإيجاد المواقع السرية وهي أخذ العينات البيئية، والتي تمكن مفتشي الوكالة من تحديد جزيئات دقيقة متناهية الصغر تساعد في العثور على المنشآت النووية المخفية.

أما داريل كيمبل، المدير التنفيذي لجمعية مراقبة الأسلحة ” أكد أن باستخدام الوكالة للتقنيات البيئية عن بعد وبمجرد مراقبة أي منطقة واسعة من الهواء المحيط والأرض يمكنك الكشف عن الأنشطة النووية دون حتى الذهاب مباشرة إلى مناطق معينة”، وبالنسبة للمحطات المعروفة يمكن لمفتشي الوكالة باستخدام أجهزة الاستشعار والمراقبين للتحقق من أي نشاط مشبوه.

مايكل هايدن المدير السابق لوكالة الأمن القومي والاستخبارات الأمريكية أكد أن الصور والأدوات الاخرى التي تعتمد على برنامج ماسنت القومي (القياس والتوقيع التابع للمخابرات) والتي تشمل استخدام التصوير المتعدد الأطياف والتصوير بالموجات الصوتية والكهرومغناطيسية وأيضًا أدوات فحص التوقيعات والبحث عنها حتى في كوم من النفايات، كل ذلك سيفيد في الكشف عن الأحداث بما فيها محاولات تطوير الأسلحة، كما أن جزءًا من الاتفاق النووي هو السماح بوضع عدد كبير من أجهزة الاستشعار عن بعد في المواقع الإيرانية النووية المعروفة.

ويشير المتشككين إلى الفشل السابق في احتواء البرنامج النووي لكوريا الشمالية بعد أن وقعت اتفاقًا لتفكيك برنامجها للأسلحة النووية في عام 1994. لتقوم في عام 2002 برفع معدات مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية من منشآتها النووية، ثم طرد مفتشي الوكالة لتعلن في العام التالي أنها كانت تملك أسلحة نووية.

ولكن في السنوات التي تلت تلك الواقعة، تم إدخال تحسينات استثنائية على أساليب المراقبة النووية وتكنولوجيات التحقق، مما يخلق مجموعة واسعة من الخيارات إذا تم التوصل إلى اتفاق مع إيران، فتستطيع الوكالة الدولية استخدام أجهزة مراقبة التخصيب عبر الإنترنت، والتي تمد مقر الوكالة في فيينا بتقييمات دقيقة عن مستويات تخصيب اليورانيوم في المنشآت النووية الإيرانية. وأيضًا يمكنها وضع أختام الألياف الضوئية المتطورة على المعدات التي لا تستخدم، لتنبيه الوكالة إذا وجد الختم مكسورًا.

كما أن لدى الوكالة ما يُسمى بـ “نظام مراقبة الجيل القادم”، والذي يمكن أن يربط فيينا من خلال شبكة الإنترنت بالمنشآت، وتغذيتها بالصور، وإرسالها بشكل مستمر على سبيل المثال، إرسال صور إذا حاول أفراد الوصول إلى أجهزة الطرد المركزي المخزنة بطريقة غير مصرح بها.

وأضاف شيا العامل بالوكالة الذرية أن هناك أيضًا الجواسيس، ففي التسعينات مرر السي أي ايه تقريرًا استخباراتيًا للوكالة الدولية يظهر خداع كوريا الشمالية، وعدم التزاماتها بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وهو العمل الأول الذي جعل من وكالة الطاقة الذرية مركزًا لمعلومات المخابرات.

رغم أن الوكالة تشجع البلدان على تقديمهم معلومات من شأنها أن تساعدهم في المراقبة والتحقق.

وصرح كيمبل بأن “أي شيء لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية، والفرنسية، والبريطانية، والإسرائيلية وحتى الروسية يمكن أن ينقل سرًا إلى وكالة لمساعدتهم وإعطاء قرائن وأدلة لهم”  وبطبيعة الحال، تلك الوكالات تتجسس على البرنامج النووي الإيراني منذ سنوات.

كما أن القوات الأمريكية تعمل منذ عقود على تطوير تلك التقنيات من أجل التقاط صور للهياكل والبنيات الموجودة تحت الأرض، كما أن وكالة الاستخبارات الدفاعية في البنتاجون تدير ما يسمى بمركز تحليل المنشآت تحت الأرض، والذي يستخدم المعدات ذات التقنية العالية لمحاولة رؤية الأجسام الصلبة ورسم هياكل للبنيات الموجودة تحت الأرض.

وكما هو معروف  بشكل واسع فإن الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان منذ سنوات في برنامج تجسسي إلكتروني المعروف باسم “الألعاب الأولمبية” لمراقبة وأحيانًا تخريب البرنامج النووي الإيراني التجسس الإلكتروني.

ورغم أن الولايات المتحدة لن تتمكن من إطلاق أسلحة إلكترونية أخرى مثل ستكسنت؛ وهو البرنامج الذي دمر جهاز الطرد المركزي في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، إذا  تم عقد اتفاق مع إيران، لكن فرص التطفل الأمريكي على العلماء وصناع القرار النووي الإيراني تبدأ عند 99.9٪، وترتفع من هناك.

وبطبيعة الحال، فإنه من المستحيل أن نعرف كل ما تقوم به وكالات الاستخبارات التي تعمل هناك فكل ما هو معروف هو أن جزءًا كبيرًا من هذه التدابير سيكون موجودًا من وجهة نظر العامة.

كما أن أساليب وتقنيات الرصد والمراقبة والتحقق ليست بديلاً عن وجود مفتشين على أرض الواقع والذي يعتبر السماح لهم بالدخول إلى إيران من أبرز النقاط الخلافية في الاتفاق النووي المحتمل، هايدن مدير CIA السابق من بين أولئك الذين يعتقد أن المفتشين بحاجة إلى الوصول في أي وقت، في أي مكان يرونه مناسبًا إلى المنشآت الإيرانية، وأن يتم التأكيد على ذلك بالاتفاق فالاستخبارات لن تستطيع ضمان امتثال إيران للاتفاق، كما كشف مسؤول كبير في الإدارة عن أنهم يخططون في كيفية تنفيذ الحكومة الأمريكية لتلك الأساليب والتقنيات بشكل مسبق قبل حتى انتهاء المفاوضات.