بعد أيام من إثارتها أخذت قضية أسلمة المدارس ببريطانيا بعدا وطنيا وباتت موضع تحقيق وسجال على صفحات الجرائد، وبينما يحذر منتقدو "التمدد" الإسلامي من تغيير هوية المدارس، ترد الجالية المسلمة بأن هذه مجرد تهمة تندرج ضمن "معاداة" وسائل إعلامية للإسلام.
لا يزال الحديث في الإعلام البريطاني مستمرا بشأن ما بات يوصف بمحاولات الجالية المسلمة أسلمة المدارس وتغيير بعض القوانين التعليمية في الصفوف الدراسية لصالح إضفاء صبغة إسلامية عليها.
وأخذت هذه القضية بعدا أوسع مع فتح مكتب معايير التعليم تحقيقا في هذا الأمر طال عشرات المدارس في مدينة برمنغهام البريطانية والعديد من المدن الأخرى.
وخضعت عشرون مدرسة في برمنغهام للتحقيق بعد وصول رسالة لأحد المسؤولين في مكتب مراقبة المؤسسات التعليمية تم الادعاء فيها أن هناك فصيلا مسلما يسعى لتغيير مديري بعض المدارس لعدم تعاطفهم مع الميول الدينية للمدرسين الذين يريدون فرضها على الطلاب.
ويخشى الطلبة والمعلمون من انعكاسات سلبية لمثل هذا التحقيق على كثير من الحقوق والحريات المتاحة لهم بالمدارس البريطانية التي تضمن الحرية في الحفاظ على معتقداتهم غير المتعارضة مع القوانين المعمول بها.
وترفض الطالبة ليان عدنان الادعاء بأن هناك محاولات للأسلمة، وترى أن المعلمات سواء كن مسلمات أو غير مسلمات فإنهن يتعاملن بطريقة واحدة مع الطالبات باحترام وعدالة وتقدير.
وتضيف ليان -التي ترتدي الحجاب- أن الطالبات المسلمات لا يحاولن إقناع الأخريات بحجابهن أو فرضه كما يقال، لكن زميلاتهن الإنجليزيات يسألن أحيانا عنه من باب الفضول فتوضح المسلمات أنه جزء من معتقداتهن الدينية.
وتشير إلى أن المعلمات والطالبات يفتخرن بأن بريطانيا تحتضن كل الديانات، وأنه من حق الجميع ممارسة دينه وحريته دون المساس بالآخرين، وكما أن المسلمة تلبس حجابا يحق لمن يعتنق الديانة اليهودية ارتداء طاقية الرأس.
وفي حديث لوسائل اعلام، ألقى محمد كزبر نائب رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا باللوم على بعض وسائل الإعلام ووصفها بالمتحيزة، وحملها مسؤولية إثارة هذا الأمر.
ورأى أن بعض وسائل الإعلام تستهدف المسلمين وبعض منظماتهم الفاعلة على الساحة البريطانية.
وخلال الأسابيع الماضية نشرت بعض الصحف المحلية صورا توحي بأن بعض المعلمين المسلمين قاموا بالفعل بالفصل بين الطلاب والطالبات، وأنه يتم حث الطلبة على ارتداء ملابس طويلة.
وساد جدل كبير في وسائل الإعلام بشأن ما بات يعرف بمخطط "حصان طروادة" لفرض القيم الإسلامية في المجتمع البريطاني، وثمة من رأى هذا الأمر تحديا لقيم ومعتقدات المجتمع.
إلا أن كزبر قال إن هذه الصور ربما تكون في مدارس خاصة وليست في مدارس حكومية ونشرها دون تحديد يعد جزءا من التضليل.
ورأى أن المدارس الخاصة من حقها أن تطبق معتقداتها مثل المدارس الكاثوليكية واليهودية التي تفصل بين الجنسين.
ونقل مدير اتحاد مديري المدارس راسيل هوبي عن رئيس الاتحاد القول إنه تم عقد اجتماع عام لدعم التحقيق بشأن الموضوع بحضور مندوبين عن الشرطة والمجالس المحلية.
وأضاف أن هذا الأمر قد يكون مزيفا، لكنّ عددا محدودا من المدارس الابتدائية والثانوية في عدد من المحافظات شهد على المستوى الأكاديمي والتسييري جهودا ومحاولات لتغيير هويتها نحو الانسجام مع العقيدة الإسلامية.
وأشار إلى أن نظام التعليم الحر ببريطانيا يسمح للمدارس بإحداث تغييرات في المناهج والجداول الزمنية بمشاركة المجتمع المحلي، لكن الاتحاد يعتقد أنه في بعض الحالات الصغيرة تم خرق المبادئ الحاكمة والمعمول بها في العملية التعليمية.
ويزعم بعض المنتقدين لما يسمونه التمدد الإسلامي في المدارس البريطانية وجود محاولات لاستغلال بعض الحريات والمرونة التي يمنحها القانون البريطاني للمؤسسات التعليمية لإحداث تغييرات في هويتها.
وينتظر الجميع نتائج تحقيقات مكتب معايير التعليم وخدمات الأطفال والمهارات الذي يعد هيئة مستقلة ترسل تقاريرها مباشرة إلى البرلمان، وسط دعوات من الجالية الإسلامية لمزيد من التفاعل والدفاع عن حقوقها وفقا للقوانين.
المصدر: الجزيرة نت