يعرف العلماء ما هي المادة الفعّالة في "التوت البري" والتي تعطيه خصائص عجيبة في محاربة السرطان، لكنهم يعلمون شيئاً واحداً أكدته دراسة حديثة قامت بها جامعة "ماساتشوستس" في دارتموث الأمريكية، هو أن التوت البري بمحتوياته الكاملة يبدو كأنه دواء فعال في الحد من نمو الورم الخبيث الذي يصيب أكثر من مليون إنسان في العالم سنوياً، ويقتل ما لا يقل عن ٧٥٠ ألف مريض في كل عام، مستهدفاً الدول المتقدّمة بشكل خاص، سرطان القولون.
ولأنهم حاولوا فصل مكوّنات التوت البري عن بعضها ليتمكّنوا من تحديد المادة الفعالة واستخدامها في تصنيع عقاقير جديدة، دون أن تنجح محاولاتاهم، فإن توصياتهم المبدئية تقتضي بألا يعتمد المصابون بسرطان القولون على عصير التوت البري، بل على تناول حبّات التوت كاملة، إذ إن عناصر من قشر التوت البري -والتي لا توجد في العصائر- قد تكون وراء الخصائص العجيبة للتوت.
يصيب سرطان القولون واحداً من كل عشرين إنسانا (أي ٥٪ من البشر)، خصوصاً في أميركا والدول المتقدّمة، ويصنف في أميركا على أنه ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً (باستثناء سرطانات الجلد)، كما أنه ثالث أكثر أنواع السرطانات المسببة للموت في كل من الجنسين، في حين فإن معدلات الإصابة به تنخفض في الدول النامية وبلدان العالم الثالث، وتصل لحدود أدنى بكثير (أقل بحوالي عشرة أضعاف) في دول إفريقيا وجنوب آسيا.
وتفسّر الدراسات شيوع سرطان القولون في الدول المتقّدمة بالمقارنة مع الدول الأكثر فقراً بسبب النمط الغذائي الذي يعتمد بشكل رئيسي على اللحوم الحمراء على حساب الألياف والخضار والحبوب، كما تثبت التجارب أن النمط الكسول في الحياة وقلة ممارسة الرياضة تزيد من خطر الموت بسرطان القولون، وبالمقابل يشيع المرض بشكل وراثي في بعض العائلات، إلا أن ذلك لا يشكل سوى ٥٪ من حالات الإصابة.
وكان الباحثون قد أجروا تجاربهم على فئرانٍ مخبريّة مصابة بسرطان القولون، ووجدوا بعد عشرين أسبوعاً من تناول التوت البري أن الأورام الخبيثة قد قلّت بنسبة النصف، كما أن أحجامها كانت أصغر مقارنة بالفئران التي لم تتناول التوت، كما أنهم لم يحصلوا على ذات النتائج عندما قاموا بفصل عناصر التوت البري عن بعضها بعضا، لذا لم يتمكّنوا من تحديد مادة فعالة واحدة، وجادل بعضهم بأنه لا وجود لمادّة فعالة، بل إن حبة التوت بتضافر كل عناصرها هي المادة الفعالة في القضاء على السرطان.