نشرت وكالة "أسوشييتد برس" تقريرا حول محاولات الكثير من اللاجئين المسلمين، من إيران وأفغانستان وسوريا والعراق وباكستان، البقاء في ألمانيا من خلال اعتناقهم المسيحية.
ويروي هذا التقرير, قصة اعتناق محمد علي زنوبي، الذي كان يعمل نجارا في مدينة شيراز الإيرانية، للديانة المسيحية بعد أن وصل إلى ألمانيا مع زوجته وطفليه منذ خمسة أشهر، حيث يشير التقرير إلى أن زنوبي ليس سوى مثال واحد من بين مئات الإيرانيين والأفغان الذين اعتنقوا المسيحية في كنيسة الثالوث الإنجيلية في برلين طمعا في الحصول على اللجوء.
وأوضح التقرير أنه على غرار زنوبي، فإن معظم معتنقي المسيحية يصرحون بأن الاعتقاد الصحيح هو الذي دفعهم لاعتناق المسيحية.
ولكن لا يمكن تجاهل حقيقة أن القرار يعزز أيضا فرص الفوز بالموافقة على طلبات اللجوء بعد زعمهم أنهم سيتعرضون للاضطهاد إذا أُعيدوا إلى أرض الوطن.
ونقل التقرير اعتراف القس "مارتنز" من كنيسة الثالوث الإنجيلية في برلين، بأن بعضا من معتنقي المسيحية كان هدفهم تحسين فرص بقائهم في ألمانيا، غير أن هذه الدوافع لا تمثل أهمية تذكر للكاهن، الذي يؤمن بأن كثيرين يؤمنون بأن رسالة المسيحية ستغير حياتهم.
وقال مارتنز: "أعلم أن الناس يأتون إلى هنا مرارا وتكرارا لأن لديهم نوعا من الأمل بشأن لجوئهم، وأنا أدعوهم إلى الانضمام إلينا، لأنني أعرف أن كل من يأتي إلى هنا سيطرأ عليه بعض التغيير".
وبيّن التقرير أن الحصول على الجنسية ليس مرتبطا بالمسيحية فقط أو بترك الإسلام، خاصة أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أكدت هذا الأسبوع أن الإسلام "ينتمي إلى ألمانيا"؛ وإنما يعود الرابط إلى أن دولا مثل أفغانستان وإيران، على سبيل المثال، تعاقب من يتحولون من الإسلام إلى المسيحية بالإعدام أو السجن، وهو ما يمنع ألمانيا من ترحيل اللاجئين الذين يتحولون إلى المسيحية إلى بلدانهم هذه.
وأوضح التقرير أن لا أحد بالطبع من معتنقي المسيحية سيعترف صراحة بأن هدفه من التحول إلى المسيحية هو الحصول على اللجوء، لأن ذلك سيؤدي إلى رفض طلبه وترحيله كمسيحي إلى أرض الوطن، كما أنهم لا يصرحون بأسمائهم خوفا من التداعيات المحتملة على أسرهم في الوطن.
وجاء في التقرير أن معظم اللاجئين يقولون بأنّهم اتخذوا قرار اعتناق المسيحية بناء على إيمانهم، لكن شابة إيرانية أعربت عن اعتقادها بأن معظمهم انضموا إلى الكنيسة فقط لتحسين فرص حصولهم على اللجوء، وهو ما أكده طالب لجوء آخر، قائلا: "غالبية الإيرانيين في ألمانيا لا يعتنقون المسيحية بدافع إيماني، ولكن لرغبتهم في البقاء".
وهكذا تزايدت أعداد معتنقي المسيحية على يد القس "مارتنز" من 150 فقط قبل عامين، إلى أكثر من 600 شخص الآن، في ظل التزايد الكبير في عدد اللاجئين.
ولا ينحصر دور القس "مارتنز" في تعميد المتحولين أو في تعليمهم أسس المسيحية خلال ثلاثة أشهر، وإنما يساعدهم بشكل رسمي في الحصول على اللجوء.
وبين التقرير أنه على الرغم من غياب الإحصائيات الدقيقة، فقد شهدت كنائس أخرى في أنحاء ألمانيا، مثل الكنائس اللوثرية في هانوفر وراينلند، تزايدا في أعداد رعاياها للسبب ذاته، بل إن مارتنز يصف تزايد أعداد معتنقي المسيحية مؤخرا بأنه "ليس أقل من معجِزة"، وأن قائمة الانتظار تضم ما لا يقل عن 80 شخصا معظمهم قادمون من إيران وبعضهم من أفغانستان.
وأوضح التقرير أن ألمانيا تشهد طفرة غير مسبوقة في عدد طالبي اللجوء هذا العام، ويتوقع أن يصل عدد المهاجرين إلى 800 ألف، أي بزيادة قدرها أربعة أضعاف، مقارنة بالعام الماضي.
وذكر التقرير أن معظم الوافدين الجدد ينتمون إلى دول مسلمة، مثل سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان.. وفي حين يجد اللاجئون السوريون سهولة نوعا ما في الحصول على اللجوء، نظرا للحرب الأهلية التي مزقت بلادهم، فإن وضع طالبي اللجوء الإيرانيين والأفغان أكثر صعوبة، لأن بلادهم أكثر استقرارا.. مع العلم أن ألمانية سمحت في السنوات الأخيرة لـ40- 50% من مواطني هاتين الدولتين بالبقاء، إلى جانب منحها أعدادا كبيرة من التصريحات المؤقتة.
ونقل التقرير تصريح المكتب الاتحادي الألماني للهجرة واللاجئين، قال فيه إنه لا يعلق على الدوافع وراء طلب اللجوء، أو حول كيفية حصول كثير من الناس على صفة اللاجئ في ألمانيا على أساس الاضطهاد الديني.
وذكر التقرير ما جاء على لسان محمد زنوبي، من أنه تعرّف على المسيحية في سن الـ 18، وأنه قرر مغادرة البلاد إلى ألمانيا بعد اعتقال العديد من أصدقائه المسيحيين بسبب ممارستهم شعائرهم الدينية.
وفي الختام، نقل التقرير قول أفسانة، زوجة زنوبي، التي أصبح اسمها كاترينا: "الآن نحن أحرار، وأنا سعيدة جدا لأن أطفالنا سيكون لهم مستقبل أفضل وسيحصلون على تعليم جيد في ألمانيا".