شمس نيوز / عبدالله عبيد
لا شك أن تفاصيل اختطاف الشبان الفلسطينيين الأربعة بسيناء، توحي بين طياتها أن خلف العملية جهازا استخباراتيا وسياديا في الوقت نفسه، وأنها طريقة تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار وخلط الأوراق وزيادة التضييق على غزة المحاصرة لأكثر من ثمانية أعوام متتالية.
مجريات عملية الخطف تظهر أنها وقعت تحت عين وبصر وتواطؤ الجهات الأمنية المصرية، وصمتهم، وتجاهلهم يحمل اعترافا ضمنيا عن العملية، في الوقت الذي كشف فيه محمد حنون، نائب رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها لندن، عن معلومات مؤكدة بحوزتهم حول تورط الأمن المصري في اختطاف الشبان الفلسطينيين الأربعة، على مقربة من معبر رفح.
مسلحون غير معروفين من أي جهة قاموا باختطاف أربعة فلسطينيين وهم، "ياسر زنون وعبدالدايم أبو لبدة، وحسن الزبدة وعبدالله أبو الجبين"، بعد تعرضهم لإحدى الحافلات خلال طريقها من معبر رفح إلى مطار القاهرة في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء ( 19/8)، أي قبل شهر تقريبا.
وأكمل حنون في تصريح صحفي له: إن جميع الاتصالات والإجراءات المرافِقة، تثبت وجود خطة مسبقة ومعدة من الأمن المصري لتنفيذ هذه الجريمة التي لم تتم بمحض صدفة"، مشيراً إلى "وجود معلومات تؤكد أن المركبات التي نُقل فيها الشبان الأربعة بعد اختطافهم، رافقتها أجهزة حماية أمنية، وأنه تم نقلهم إلى أحد السجون المصرية".
لعب عالمكشوف
كتائب القسام وفور حادثة الاختطاف أعلنت تبنيها للشبان المختطفين، الخطوة التي اعتبرها البعض متقدمة وهو "لعب على المكشوف ورفع لأهمية الحدث، ورسالة للخاطفين أن الأمر ليس مزحة أو عملا يمكن أن يمضي دون تبعات خطيرة، والتهديد أنه لن يمر مرور الكرام".
في حين قالت القسام إنها لن تمر مرور الكرام على حادثة خطف الفلسطينيين، إلا أنها تلتزم الصمت في هذه المرحلة لتتبين ولتتضح حقيقة الأمور.
المحلل السياسي أكرم عطاالله، اعتبر اختفاء الشبان الأربعة لما يقارب الشهر دون معرفة مصيرهم "مدعاة للخوف"، موضحاً أن الذي زاد الأمر سوءً عدم تبني أي جهة لتلك الحادثة.
وأعرب عطاالله في حديثه لـ"شمس نيوز" عن خشيته من أن تفتر تلك القضية وتتراجع حالة السؤال عنها، منبهاً إلى أن هناك شكوك على أكثر من جهة لها يد في عملية الاختطاف.
موقف محرج
وذكر أن الجهة الإسرائيلية هي الأولى المشكوك في أمرها، والتي لها المصلحة الأكبر بهذا الموضوع، خصوصاً وأنه تم اختطاف الشبان من المنطقة الأقرب للحدود الإسرائيلية"، لافتاً في السياق ذاته إلى أن السلطات المصرية هي من يتحمل مسؤولية الخطف.
وأردف عطاالله بالقول: مصر أمام موقف محرج، لأنه بكل الظروف تم خطف الشبان الأربعة، من الأراضي المصرية"، وتابع: هناك قدر من المسؤولية المصرية للمساعدة على قلب البحث إذا لم تكن الجهات الرسمية المصرية هي من قامت باعتقال هؤلاء، على الأقل مصر تقدم أجوبة يحتاجها الفلسطينيون عن هؤلاء الأربعة".
فعلى ما يبدو أن مصر هي من تورطت في عملية اختطاف القساميين الأربعة، سيما وأن العلاقة بين مصر وحماس تتأرجح بين الحين والآخر، لكن عدم وجود طرف خيط حول اختفائهم يضع علامات استفهام كثيرة أمامها.
مصادر مصرية على علاقة وثيقة بالملف الفلسطيني، طالبت حركة حماس بأن تقدم أية أدلة أو مستندات تثبت تورط السلطات المصرية في عملية اختفاء الكوادر الحمساوية الأربعة في سيناء، وأكدت أن السلطات المصرية تستطيع اعتقال أي عنصر فلسطيني داخل أراضيها في أي وقت وفقًا للقانون، وليست بحاجة للقيام بعمليات اختطاف.
وأفاد موقع بوابة الأهرام المصري نقلا عن مصادر فلسطينية، أن الشبان الأربعة الذين زعمت حركة حماس أن عناصر أمنية مصرية اختطفتهم في شمال سيناء، هم من وحدة الكوماندوز التابعة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مشيرة إلى أن عملية الاختطاف تمت ضمن انشقاقات داخلية تشهدها حركة حماس على خلفية كيفية إدارة قطاع غزة، بحسب الموقع المصري.
لن تؤثر سلباً
حركة حماس من جهتها، وفي ظل تحميلها المتكرر للسلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن عملية الاختطاف، إلا أنها أوضحت أن تلك الحادثة لن تؤثر سلباً في العلاقات المصرية الفلسطينية.
وأشار القيادي في حماس، يحيى الدعابسة متحدثا لـ"شمس نيوز" إلى أن السلطات المصرية بأجهزتها المختلفة، لازالت تنفي علمها ومعلوماتها حول مصير الشباب الفلسطينيين الأربعة الذين تم اختطافهم من حافلة ركاب في شبه جزيرة سيناء قبل عدة أسابيع.
وأضاف: ما زلنا نتمنى على الدولة المصرية أن تتعامل كدولة، وفق القوانين الدولية وقواعد حقوق الإنسان والشرائع المختلفة ".
اللغز الأصعب
حادثة سيناء تعتبر اللغز الأصعب الذي حيّر المراقبين والمتابعين والمحللين، كما يقول محمود العجرمي، المحلل الأمني والاستراتيجي لـ"شمس نيوز"، معتبراً "حادثة سيناء" سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات الفلسطينية المصرية، "خاصة أن هناك علامات استفهام كبيرة تدور حول كيفية سير العملية".
وأوضح العجرمي أن هناك الكثير من الإشارات التي تدلل على وجود تنسيق بين المعبر والجهات التي قامت بالاختطاف خاصة وأنها قامت بإيقاف الحافلة بحد ذاتها التي تحمل هؤلاء الركاب"، مشدداً على أن هذه الحادثة تهديد للشارع والمواطن الفلسطيني الذي يغادر قطاع غزة لعمله أو دراسته أو للعلاج أو للالتحاق بعائلته.
وأعرب الخبير الأمني عن اعتقاده أن عملية الخطف متعمدة، محملاً الحكومة المصرية والجهات الأمنية والاستخباراتية المسؤولية الكاملة عن عملية الاختطاف وعن الأمن في سيناء.
الجدير بالذكر، أن عائلات المختطفين ناشدوا وبشكل متكرر السلطة الفلسطينية والحكومة والمجلس التشريعي والسلطات المصرية ووزارة الخارجية لمعرفة مصير أبنائهم، لكن دون أي فائدة تُذكر.