بعد مماطلات وسجالات طويلة داخل الائتلاف الحكومي، يبدو أن موازنة العام 2015 ـ 2016 الإسرائيلية، والتي تبلغ أكثر من 100 مليار دولار للعام 2015، و110 مليارات دولار للعام 2016، تشق طريقها نحو الإقرار في الكنيست بعد تأخير.
فقد أقرت لجنة المالية في الكنيست الإسرائيلية الموازنة بالقراءتين الثانية والثالثة، على أن تبدأ الكنيست بكامل قوامها مناقشة بنود الموازنة والتصويت عليها طوال ثلاثة أيام بدأت أمس. ورغم أن الخلافات كانت تدور حول أبواب عدة في الموازنة، إلا أن واحداً من الخلافات المركزية دار أساساً حول موازنة وزارة الدفاع التي تحفظ وزيرها، موشي يعلون، في حينه، إزاء إقرارها في الحكومة قبيل نقلها إلى الكنيست. وتم الاتفاق على أن تتجاوز موازنة الدفاع للعام 2016 مبلغ 60 مليار شيكل (ما يزيد عن 16 مليار دولار).
وتمكنت الحكومة الإسرائيلية من تمرير الموازنة في لجنة المالية بعدما تم حل جميع الخلافات بين مكونات الائتلاف، والتي كانت تحول دون إقرارها. وتم ذلك عبر تشكيل وزير المالية موشي كحلون طواقم مفاوضات عدة، عمدت إلى حل الخلافات مع وزارة الدفاع ومع الحريديم وحركة «شاس»، التي كان زعيمها يطالب بقانون صفر ضريبة قيمة مضافة على المواصلات العامة كشرط للموافقة على الموازنة. ومن بين العقبات المهمة التي اعترضت إقرار الموازنة، كان قانون التجنيد الذي عارضته كتلة «يهدوت هتوراه»، وكانت تهدد بعدم التصويت على الموازنة ما لم يتم تعديل هذا القانون الذي ترى أنه أساء إلى شباب الحريديم. واضطر كل قادة أحزاب الائتلاف إلى التوقيع على تعهد بتعديل القانون خلال عشرة أيام، وهذا ما وفر موافقة «يهدوت هتوراه» على الموازنة.
وكان الخلاف الأشد جوهرية يدور حول حجم موازنة الدفاع. وبعدما قبلت الحكومة بموقف وزارة المالية وتحفظ وزير الدفاع على مسودة الموازنة، دارت مفاوضات بين وزيري الدفاع موشي يعلون والمالية موشي كحلون، وتوصلا إلى اتفاق يقضي بأن يتم التصويت على موازنة دفاع بقيمة 56.1 مليار شيكل ضمن الميزانية العامة، على أن تقدم وزارة المالية لاحقاً للجيش حوالي أربع مليارات شيكل، باشتراط النجاعة في الجيش.
وبحسب ما نشرت صحيفة «هآرتس»، فإن المفاوضات بين وزارتي المالية والدفاع جرت هذا العام في أجواء مريحة أكثر من الماضي. ورغم أن الحكومة أقرت موازنة الجيش بمبلغ 56.1 مليار شيكل، وهو ما رفضه الجيش واعتبرها موازنة لا توفر الأمن لإسرائيل، إلا أن المفاوضات قادت إلى زيادة هذا الموازنة بأربعة مليارات شيكل أخرى.
ويدور الحديث عن تنفيذ توصيات لجنة «لوكر» التي تهدف إلى زيادة نجاعة إنفاق الأموال في الجيش ومنع الهدر، ولكن وفق ما نشر، فإن تفاهمات يعلون وكحلون لا تتضمن بالضبط تنفيذ توصيات لجنة «لوكر» التي عارضها يعلون والجيش.
وأشار المعلق العسكري لـ «هآرتس»، عاموس هارئيل، إلى أن الجيش سينفذ على ما يبدو خطة «جدعون» المتعددة السنوات التي بلورها رئيس الأركان الجنرال غادي آيزنكوت ومسؤولي وزارة المالية مع تعديلات طفيفة. وعملياً، فإن نجاح الإصلاحات التي أدخلها آيزنكوت تتعلق بمدى إصراره على استمرار تنفيذها في السنوات المقبلة. وقال إن التسويات التي تبلورت لا تسمح بممارسة ضغوط خارجية على المؤسسة العسكرية، عدا ميدان الشفافية أمام وزارة المالية.
وتتفاخر وزارة الدفاع بأنها وضعت حداً لتدخلات وزارة المالية، والتي كانت ترى أن على الجيش أن يصرف من ميزانيته على بنود مثل حماية المنصات البحرية لإنتاج الغاز والصناعات العسكرية وما شابه. وعملياً، تم الاتفاق على أن تبقى كل هذه الأمور خارج موازنة الدفاع، ولكن هذا الاتفاق يظل غامضاً وموضع خلاف في السنوات المقبلة.
وبحسب ما نشر في الصحف الإسرائيلية، فإن موازنة العام 2015 ستبلغ 383 مليار شيكل، فيما ستبلغ موازنة العام المقبل 424 مليار شيكل. وتنال وزارة الدفاع الحصة الأكبر من الموازنة العامة، وتبلغ 60 مليار شيكل، فيما احتلت موازنة التعليم المكانة الثانية وبلغت 50 مليار شيكل، تليها موازنة الصحة البالغة 29.2 مليار شيكل.
وبدأت النقاشات حول بنود الموازنة، والتي تحاول المعارضة تفنيدها، على أن تبدأ عملية التصويت عليها يوم الأربعاء، وقد تمتد لساعات طويلة بسبب كثرة التحفظات. ومنذ اليوم، تتحدث المعارضة عن عملية اختطاف للموازنة، وإقرارها مستعجلةً ومخالفةً لقواعد الشفافية. ولكن الائتلاف يرد على هذه الاتهامات بأنه لم تنل أي موازنة وقتاً ولا شفافية كالتي نالتها هذه الموازنة. ولكن المعارضة تشدد أساساً على ما تخصصه الموازنة من مبلغ 20 مليون شيكل (أكثر من خمسة ملايين دولار) لكل عضو في الائتلاف يتقرر توجيهها وفق قادة الكتل إلى مناحٍ تهم جمهور هذه الكتل. وهكذا مثلاً، تحوي الموازنة بنوداً تخصص أموالاً لتشجيع «الإخصاب وفق الشريعة»، أو لـ «جائزة وزير الأديان» أو للمستوطنات.
وتقول المعارضة إن هذه البنود تجسد شراء الحكم بالمال، ما يندرج ضمن «الرشوة السياسية».