شمس نيوز/ أحلام الفالح
"طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.. وجب الشكر علينا ما دعا لله داع"
بهذا المديح كان يبدأ الحاج محمد أمين، سهرته مع عائلته في يوم المولد النبوي، بحضرة العائلة كلها، بعدها يسرد للحضور قصة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، لتنتهي السهرة بتوزيع الحلويات على المشاركين في هذا الحفل العائلي..
رحل الحاج محمد عن الحياة وورّث من خلفه عادة الاحتفال بالمولد النبوي، حتى باتوا يعتقدون أنها فرض مكتوب، دون أن يعلموا أنها بدعة لم تثبت عن أحد من سلف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هي أيام قليلة، ويحل الثاني عشر من ربيع الأول، ذلك اليوم الذي صار راسخا في عقول كثير من المسلمين أنه تاريخ مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، رغم أن كثيرا ممن كتبوا وأرّخوا للسيرة النبوية العطرة، رجحوا التاسع من ربيع الأول، يوم مولد النبي.
تحضيرات للاحتفال
تجتمع عائلة المواطن سامي أبو السعيد في منزل والده بيوم المولد النبوي للاحتفال، حيث لـ" شمس نيوز" عن تحضيرات العائلة لهذا اليوم، ليقول: تبدأ أمي وأخواتي في تزيين المنزل بطريقة جميلة، وتحضير بعض الحلويات وشراء أصناف أخرى، وتجتمع العائلة لنبدأ بالمديح النبوي، وتوزيع الحلويات على جميع العائلة والجيران، وباقي السهرة نكملها بالحديث الأسري".
والمولد النبوي الشريف هو يوم ميلاد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، في ربيع الأول من كل عام هجري، حيث تخصص بعض الطوائف لهذا اليوم طقوسا خاصة، لم تثبت لها صحة في الإسلام.
حكم الشرع
تحدثت مراسلة "شمس نيوز" مع الدكتور ماهر السوسي، رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية، حول حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أكد أن العلماء اختلفوا في حكم الاحتفال به، خاصة أنه لم تقرر فيه سنة معينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الصحابة.
وأوضح السوسي أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي لمجرد الابتهال والطرب بدعة محرمة، وأما إذا كان على شكل تدارس لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومراجعة سيرته للاقتداء به، دون المراسم الاحتفالية "فلا إثم في ذلك".
وقال إن يوم المولد النبوي فرصة لرجوع المسلمين إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن النبي قد جاء بمنهج حياة فرضه الله في كتابه وحثنا على التمسك بما قال رسوله في قوله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" فيجب علينا أن نتمسك بمنهج الله ورسوله".
نشارك المسيحيين
وفي جانب آخر، تقترب أيضا مواسم ما يسمى بـ"أعياد الميلاد" لدى النصارى، والتي يخص لها المسيحيون طقوسا خاصة، يشارك فيها بعض المسلمين، إما مباشرة، أو باعتماد ذك اليوم عطلة رسمية في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
الشابة "ياسمين" قالت لـ"شمس نيوز" إنها تنتظر اقتراب رأس السنة الميلادية للذهاب إلى المحال التجارية وشراء شجرة "أعياد الميلاد" وتزيينها في منزلها، بسبب شكلها الجذّاب، مشيرة إلى أنها تشتريها لمجرد تزيين البيت وتقليد بعض مظاهر احتفال المسيحيين.
وبينت أنها تحاول جعل هذا اليوم مميزا في بيت حمويها ليشاركوها وزوجها الاحتفال برأس السنة، منوّهة إلى أن الكثير من الناس يفرحون في هذا اليوم "فلماذا لا نكون مثلهم ؟" بحسب تعبيرها.
أما الشاب أحمد.س، فيعتقد أنه لا بأس في مشاركة المسيحيين أعيادهم من خلال الخروج في منتصف الليل لمشاهدة احتفالاتهم "خاصة أن عائلتي تطلب مني أخذهم في نزهة بالسيارة ليروا الاحتفالات والمحلات المزينة" بحسب وصفه.
وأضاف: نحن نهنئ المسيحيين في احتفالاتهم، خاصة أنهم يعيشون معنا في بلادنا، ومن حقهم الاحتفال بأعيادهم، حيث أصبحت لدينا عادة في كل عام نخرج للمشاهدة والتهنئة، وإنهاء السهرة بعشاء في أحد المطاعم، لأن الأجواء تكون مميزة في ذلك اليوم" على حد تعبيره.
حكم الشرع
في حكم مشاركة المسيحيين أعيادهم وتهنئتهم، يقول الدكتور السوسي: إذا اقتصر الأمر على تهنئة المسيحيين فقط، فلا بأس في ذلك، لأن الله لم يمنعنا من بر أهل الكتاب الذين لا يحاربون المسلمين" مستدلا بقوله تعالى "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"واصفا التهنئة بأنها شكل من أشكال البر.
وأكد أن المسلم لا يجوز له مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم، خاصة أن مظاهر احتفالهم في غالبيتها محرمة "لذلك يجب على المسلم الابتعاد عن المشاركة في احتفالاتهم حتى لا يقع في الشرك بالله".