غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر "رجال الأنفاق".. منها وفيها وإليها.. زرع استغلظ فاستوى على سوقه

شمس نيوز / عبدالله عبيد

في كل ساعة وكل حين قبلما يذهب لعمله الذي لا يعلمه سوى ثلة من أمثاله، يقبل جنته "قدمي والدته" وجبين أبيه ويمضي شامخ الرأس وكأنه يومه الأخير، يحمل عدته وعتاده لينحت صخرة تحت الأرض، ويدندن مع زملائه الذين يسيل عرقهم كالمطر، لكن ابتسامتهم الطاهرة تمحو آلام التعب، بأنشودة "سنخوض معاركنا معهم.. وسنمضي جموعا نردعهم".

 ساعة بساعة وليل نهار يواصلون المشقة، لا حر صيف يمنعهم ولا سيل مطر يعيق طريقهم، هم رجال الأنفاق، شباب المقاومة في قطاع غزة الذين أثبتوا أن الحفر تحت الأرض هو الإستراتيجية التي تقض مضاجع الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً بعد خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، والذي أُفرج عنه بصفقة تبادل أسرى تم الإفراج بموجبها عن أكثر من ألف أسير فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وأعلنت كتائب القسام أول أمس الخميس عن استشهاد سبعة من مقاتليها، إثر انهيار نفق للمقاومة شمال شرق غزة، نتيجة سوء الأحوال الجوية، بعد أن أعلنت في بيان رسمي لها قبل يومين فقدان التواصل مع مجموعة من مقاتليها داخل نفق.

 وأطلقت القسام على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، وسم #رجال_الأنفاق، للتعريف بأنفاق المقاومة وشهدائها الذين كان لهم الفضل في بناء هذه الأنفاق.

وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية قال في خطبة الجمعة يوم أمس خلال تشييع جثامين شهداء القسام السبعة: إن كتائب القسام، الجناح المسلح للحركة، حفرت الأنفاق “لتدافع عن غزة وتحصّنها وتحميها، وتشكل نقطة الانطلاق نحو بقية أرض فلسطين".

وأضاف هنية أن “شهداء القسام السبعة، الذين ارتقوا في انهيار نفق للمقاومة، قضوا بين معركتين، الأولى العصف المأكول (الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع)، ومعركة الإعداد والبناء"، مبيّناً أن "الإعداد والبناء بمثابة معركة، وليس كما يظن البعض بأن التهدئة للاستراحة، وكتائب القسام تثبت دوماً أن الهدنة معركةً لبناء وتطوير القوة، والاستعداد لأية معركة قادمة مع العدو الصهيوني".

أداة رعب

القيادي في حركة حماس، مشير المصري، أكد من جهته أن إستراتيجية الأنفاق أداة من أدوات الرعب الجديد في تاريخ صراعنا مع العدو الإسرائيلي، لافتاً إلى أنها جاءت لصناعة تضاريس عسكرية جديدة في جغرافيا قطاع غزة.

ويقول المصري لـ"شمس نيوز": للأنفاق دور كبير، حيث شكلت إضافة نوعية في أتون صراعنا مع إسرائيل، وإستراتيجية الأنفاق أدخلت للمعادلة نقطة الصفر والقتال خلف خطوط العدو، وقتل الجنود سواء في معركة العصف المأكول الأخيرة أو في عملية الوهم المتبدد التي أُسر فيها شاليط".

وأسرت المقاومة الفلسطينية الجندي "شاليط" في 25 يونيو 2006 في عملية عسكرية نوعية أطلق عليها "الوهم المتبدد" خلال اختطافه من أحد أنفاق المقاومة، فيما أفرجت عنه عام 2011 بوساطة مصرية، مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً، حيث تعد الصفقة من أضخم عمليات تبادل الأسرى العربية (الإسرائيلية).

ويضيف المصري: لا شك أنه في مسيرة الأنفاق يقضي الشهداء نحبهم؛ لأنها مسيرة محفوفة بالمخاطر، لكنها تبقي مستمرة لما لها من دور أساس في معركة الإعداد والمواجهة المقبلة مع العدو الإسرائيلي"، مشدداً على أن للأنفاق دور كبير في إعداد غزة نحو تحرير بيت المقدس.

ينحتون الصخر

ونوه القيادي في حماس إلى أن الشباب الذين يحفرون الأنفاق وكوكبة الشهداء منهم "دللت على أن التهدئة في قاموس كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية لا تعني الخمول والتراجع، بل تعني معركة بلا مدافع هي معركة "وأعدو".

وأوضح أن "آلاف المجاهدين يعملون في باطن الأرض لتسليح قطاع غزة بالترسانة العسكرية والإعداد للمعركة المقبلة"، مشيراً إلى أن هؤلاء الشباب ينحتون في الصخر لصناعة النصر المرتقب"، حسب تعبير المصري.

وشهداء الإعداد والتجهيز أو شهداء المهام الجهادية، مصطلح عادة يطلق على حوادث الانفجار أثناء عمليات التدريب أو التجهيزات التي تنفذها المقاومة استعدادا لأي مواجهة مع إسرائيل.

وقد استحدثت المقاومة في غزة وبالأخص كتائب القسام، سلاح الأنفاق لمواجهة الاحتلال، ونفذت أثناءه عمليات أوقعت به خسائر فادحة في أوساط قوات الاحتلال الإسرائيلي، في المواجهات الماضية.

تحول إستراتيجي

الخبير بالشأن العسكري، يوسف الشرقاوي أوضح أن أنفاق القطاع إحدى الوسائل التي شكلت تحولا استراتيجياً في سر المعركة الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي صيف 2014 والتي قبلها عام 2012.

وأشار في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن الأنفاق سلاح استراتيجي ثبت أنه حاسم في معركة التحرير، وأحد الوسائل التي لقنت العدو درسا كبيراً وكسر النظرية العسكرية للاحتلال الإسرائيلي.

ولفت الخبير بالشأن العسكري إلى أن الشهداء السبعة الذين ارتقوا مؤخراً بعد انهيار نفق في غزة، كانوا يرممون هذه الأنفاق ويقومون بالتجهيز والإعداد، "لأنه بعد كل حرب الوسائل القتالية تحتاج للترميم"، مبيّناً أنهم حافظوا على صيانة السلاح على خطى التحرير.

عدة استعمالات

وشدد الشرقاوي على أن الأنفاق إستراتيجية فذة بالنسبة لفصائل المقاومة بغزة، مؤكداً أن كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، أبدعت في هذه الإستراتيجية بعد خطف العديد من الجنود الإسرائيليين، وأولهم كان الجندي شاليط.

وأضاف قائلاً: منها كان خطف شاليط والعديد من الجنود في المعركة الأخيرة، ومن خلالها كان تزويد السلاح وانطلقت المقاومة للعمليات، فهي لها عدة استعمالات".

يذكر أن، قادة عسكريين إسرائيليين أكدوا أن سلاح الأنفاق يشكل رادعا استراتيجيا مهمّاً لدى المقاومة، وسيكون له تأثير بالغ في حسم مسارات أي مواجهة مقبلة لصالح المقاومة، خاصة في العمليات البرية.

وعبر مسؤولون إسرائيليون عن خشيتهم من وصول الأنفاق إلى داخل الأراضي المحتلة، مما سيدفع بترحيل سكان الجبهة الجنوبية بإسرائيل في أي مواجهة مقبلة.

وشيع عشرات آلاف المواطنين بعد صلاة الجمعة (29/1) جثامين السبعة شهداء الأنفاق (رضوان الشوبكي، وسيم حسونة، نضال عودة، كمال بصل، جعفر حمادة، سامر الريفي، وعز الدين عمر قاسم) في موكب جنائزي مهيب قلما تشهد الجنازات في غزة له مثيلا.