شمس نيوز/ أحلام الفالح
تمدد على الفراش وأغمض عينيه ورفع إصبع السبابة عالياً ورسم ابتسامة جميلة على وجهه، في مشهد قام بتمثيله الشهيد وسيم حسونة لأخته قبل يومين من استشهاده، ليقول لها "شوفي ما أحلاني وأنا شهيد"، ليتحقق ما يتمنى وينال الشهادة خلال العمل داخل أحد الأنفاق العسكرية التابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".
بعيون يملؤها الشوق، وبقلب صابر على فراق الأحبة، احتسبت والدة الشهيد وسيم حسونة (19 عاما) حبيبها وفلذة كبدها فداءً للدين ثم للوطن، وبأجمل الدعاء وكلمات الرضا زفت ابنها الذي ارتقى شهيداً مع ستة من زملائه أثناء العمل داخل أحد الأنفاق:
يامو ما أحلى الشهادة ابنك رحل شهيد
يامو لا تبكي عليايامو دعواتك ليا
يامو لأجل الحرية ابنك رحل شهيد
وقالت والدة حسونة إنها كانت تتمنى أن تفرح بابنها وتزوجه، ولكنه كان يرفض ذلك، وكثيراً ما يردد أنه يريد الشهادة, فهو كان كثير الخطى إلى المساجد، ويحفَّظ القرآن للأطفال، ويحفزهم للصلاة، ويدربهم على الرياضة، وعندما يتأخر عن تدريبهم يأتون لمناداته عند باب البت والاطمئنان عليه.
وسيم أبو الكرم
وعن أجمل صفاته التي تميز بها وسيم، قالت والدته "إنه كان كثير الكرم لا يعود للمنزل إلا وبيده كيس مليء بالحاجيات للأطفال، وعند أخد راتبه يعطي والده جزءا منه، ويساعد إخوته رغم أنه أصغرهم سنا، وكان قد اشترى ملابس لي ولأخواته، وزوجات إخوانه قبل رحيله بفترة قصيرة فهو "أبو الكرم".
وللابتسامة قصة أخرى، لتضيف الوالدة أنها كانت تحب ابتسامة ابنها، التي لم تكن تفارق ووجهه مطلقاً "كان يمازح الكبار والصغار باحترام، جعل الجميع يحبه، وكان يحب الصغار كثيراً ويلاعبهم، ويهتم بهم دون تذمر".
كان "وسيم" خروجه إلى العمل يسأل والدته: هل تريدين شيئاً يا أمي؟ فأنا أريد مغادرة المنزل، فترد بالدعاء له: الله يسهل عليك ويسعدك، مشيرة إلى أنها كانت تعلم عن عمله العسكري، ولكن دون معرفة التفاصيل الدقيقة، حيث أنه لم يكن يبوح بذلك، ويفضل السرية في العمل.
وتابعت الأم بالقول: دائما كنت مطمئنة عند خروجه للعمل، ولكن يوم استشهاده شعرت بقلق لا أعرف مصدره".
وأصرّت على ابنها الأكبر بمحاولة الاتصال عليه، لكن دون استجابة من أحد، أخ الشهيد الأكبر يوسف تلقى اتصالا بعد مغرب يوم الثلاثاء بفقدان ابنهم دون معرفة مصيره، أخبر يوسف والده وإخوته مخفين الخبر عن والدتهم حتى الفجر، وبعد إلحاح منها في السؤال عن أخبار وسيم، قالوا إنه بخير ولكن قلب الأم.. أجابتهم بأن "يوسف راح" وقصدت أنه استشهد.
"كل حياتي معه حلوة"
وعن سؤال مراسلة "شمس نيوز" للوالدة عن أجمل الذكريات التي عاشتها مع وسيم، قالت إنه "بعد رجوعه من العمل يمشي بخطوات خفيفة متجها نحوي دون أن أشعر ليحضنني ويقبل يدي وجبيني، ومرات أخرى أنتبه له، عند قدومه للمنزل، فيقول لي يا خسارة المفاجأة ليش انتبهتي؟، ويتجه نحوي ويأخذني في حضنه".
كانت تجهز الطعام يوم الثلاثاء ساعة رحيله، وطلب منها أن تصنع له "خبز وسبانخ" وفعلت ما يريد، لأنها تعلم أنها الأكلة المفضلة لديه، وفي الأيام التي تجهز طعام لا يحبه تشتري له الطعام الجاهز، حتى يأتي ويجد الطعام الذي يحب، فهو آخر العنقود "المدلل".
يزداد جمالاً
خلال حديثنا مع عمة الشهيد وسيم حسونة في بيت العزاء للنساء، قالت إن وسيم كان جميلا جداً ولكن في آخر شهرين وجدناه يزداد جمالاً في كل مرة نراه بها، ونسأله "شوهالحلاوة" ليرد: من الله يحلي أيامك".
تعود والدته لتقول: وجهه أشرق نوراً في الفترة الأخيرة، ولاحظ الجميع عليه، وعيناه العسليتان ازدادتا بريقاً لم نره من قبل في وسيم" لم تكن تعلم أنه اقترب من الشهادة التي طالما طلبها وتمناها، وعمل لها.
الأقمار السبعة يجهزون للرحيل
في يوم الجمعة قبل استشهادهم، ذهب السبعة ليحلقوا شعر رؤوسهم، ويشتروا اللباس الجديد، وذهبوا لحمام السمرة سوياً، وتوجهوا للعمل في يوم الثلاثاء ليخرجوهم من النفق شهداء يوم الخميس الماضي ممسكين ببعضهم البعض رافعين أصابع السبابة كما تمنوا جميعهم.
وذكرت القسام أن الشهداء هم: ثابت عبد الله الريفي (25 عاماً)، وغزوان خميس الشوبكي (25 عاماً)، وعز الدين عمر قاسم (21 عاماً)، ووسيم محمد حسونة (19 عاماً)، ومحمود طلال بصل (25 عاماً)، ونضال مجدي عودة (24 عاماً)، وجعفر علاء حمادة (23 عاماً).
يتبع مع فارس آخر من فرسان الأنفاق السبعة..