غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر ستستمر المحادثات قريبا

ستستمر المحادثات قريبا

بقلم: نحاميا شترسلر

تخيلوا أنكم بعتم شقة ويفترض أن تحصلوا على ثمنها بأربع دفعات متساوية. ونُفذت الثلاث الاولى في موعدها أما الرابعة فلا. وأعلن المشتري أنه غير مستعد للدفع لكنه يقترح التوقيع على اتفاق جديد مع تواريخ ودفعات مختلفة. كان كل واحد لو حدث معه ذلك سيرد بالكلمات التالية: فقدت الثقة بك. ادفع الدفعة الرابعة أولا وسنتحدث بعد ذلك عما بقي.

هذا هو ما حدث بالضبط بين نتنياهو وأبو مازن. فنتنياهو لم يُفرج عن دفعة السجناء الاخيرة واقترح بدلا منها صفقة جديدة. لكن أبو مازن أراد ببساطة تنفيذ ما استقر الرأي عليه ولم يتم الوفاء به. فكيف يمكن اذا أن يُزعم أن الفلسطينيين نكثوا الاتفاق وفجروا التفاوض ولا يمكن الاعتماد عليهم؟ فهم قدموا التوجه الى الامم المتحدة للانضمام الى المنظمات الـ 15 ردا على نكث الاتفاق واعلان بناء الـ 708 شقق جديدة في غيلو وهو أمر يشبه إدخال إصبعين في عيني أبو مازن.

لا يتحدثون عندنا إلا عن الضغوط الشديدة المستعملة على بنيامين نتنياهو من اليمين المتطرف، لكن أبو مازن يوجد عنده ايضا أشباه دنون وإلكين وبينيت. وهم يدّعون عليه أنه معاون لإسرائيل وأن نتنياهو يُذله ويطلبون أن يدع طريق ضبط النفس وأن يتحول الى العمليات والارهاب لأن الاسرائيليين لا يفهمون سوى القوة.

تُبين بحوث تمت في الجامعة العبرية في مسار "الاقتصاد السياسي" أن العمليات والارهاب يحركان الرأي العام الاسرائيلي نحو اليسار، شطر تنازل أكبر وموافقة أكبر "على انهاء ذلك" والتوصل الى اتفاق.

لم ينكث نتنياهو الاتفاق عبثا بصورة عارضة. فذاك اجراء يخدمه من جهة البقاء السياسي. فعدم الافراج عن الـ 26 سجينا يمنع استقالة داني دنون وزئيف إلكين من الحكومة، وهي استقالة لو حدثت لضعضعت استقرارها وزادت الضغط على وزراء البيت اليهودي ليتركوا هم ايضا. ومن الجهة الاخرى التصق يئير لبيد وتسيبي لفني بكرسيهما بغراء قوي. وقد استطاع لبيد أن يعلن أن عنده شكوكا في فرض أن يكون أبو مازن معنيا باتفاق ويبدو أنه لا شكوك عنده في نتنياهو الباحث عن السلام.

قلبي مع اولئك الذين يرون أن التفاوض باب ما الى اتفاق. فنتنياهو لا يحلم حتى لحظة واحدة بالتوقيع على وثيقة تعني العودة الى حدود 1967 مع تعديلات حدودية طفيفة، واخلاء 100 ألف مستوطن. فهدفه هو البقاء في المناطق الى الأبد وكل ما عدا ذلك تكتيك. فهو مرة يخطب في بار ايلان ويجمد البناء في اخرى، ويفرج عن سجناء في مرة ثالثة، ويجلس للتفاوض في رابعة ويفجره في خامسة – وكل ذلك مشروع لكسب الوقت "لأن الوقت يعمل في مصلحتنا". وكل يوم يمر يعني بيتا آخر وشجرة اخرى وشارعا آخر وعائلة اخرى، وكلما زاد عدد المستوطنين أصبح اجلاؤهم أصعب. فلم يكن يوجد ذات مرة "اجماع" على ابقاء الكتل الاستيطانية وأصبح موجودا الآن. وسيوجد اجماع غدا على أنه "لا يوجد شريك" وننتسب جميعا الى الليكود.

سلك نتنياهو هذا السلوك ايضا في ولايته الاولى. فقد أعلن قبيل الانتخابات أنه يقبل اتفاق اوسلو، لكن حينما تولى الحكم في 1996 افتتح فورا النفق في القدس وأشعل الضفة وسبب حمام دماء ووسع المستوطنات وفجر العلاقات بياسر عرفات الى أن نجح في القضاء على اتفاق اوسلو الذي كان يراه تهديدا استراتيجيا للانسحاب والسلام.

لهذا لن تكون عنده مشكلة في العودة الى طاولة التفاوض لأنها جزء من التكتيك. الذي هو الجلوس والحديث والتحادث وتبادل الآراء الى ما لا نهاية. فهذا جيد للتخفيف من الضغط الداخلي والخارجي ايضا.

وقد أصبح من الواضح ايضا الآن لماذا أحب نتنياهو اريك آينشتاين، فمن المؤكد أنه كان يستمع مع ابتسامة واسعة للقصيدة التي كتبها نتان ألترمان وغناها آينشتاين: "في القريب ستستمر الاحاديث، تستمر الاحاديث/ تستمر الاحاديث، ويُنسى الموضوع/ ويتيه في ثنايا الحديث التائه".