شمس نيوز/القدس المحتلة
قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به كلمات رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن «الاختراق التكنولوجي العالمي» في اكتشاف الأنفاق، تحدث الجيش الإسرائيلي عن أنه لن تتوفر لديه تقنية حديثة لاكتشاف الأنفاق قبل مرور عامين على الأقل.
وكانت محافل "إسرائيلية" قد ملأت العالم ضجيجاً عن النجاح في تطوير «قبة حديدية» تحت الأرض مشابهة لـ «القبة الحديدية» فوق الأرض، بعدما دفعت الولايات المتحدة عشرات الملايين من الدولارات من أجل تمويل تطوير «قبة» كهذه.
ومن الجائز أن الصدمة الأكبر للإسرائيليين جاءت على لسان قائد الجبهة الجنوبية الجنرال إيال زامير حول خطط لإجلاء مؤقت للمستوطنين في غلاف غزة في أي حرب مقبلة.
وقد قاد اكتشاف نفق قرب مستوطنة كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة إلى أوسع حملة استغلال سياسي للخلافات في الرؤى الأمنية.
وفيما طالب المعارضون لنتنياهو، داخل ائتلافه الحكومي وخارجه، بالعمل ضد ما اعتبروه اعتداءً على السيادة الإسرائيلية، اكتفى نتنياهو بالتفاخر بحجم الإنجاز التكنولوجي في الاكتشاف وتوجيه رسائل لحركة «حماس» بأن الضربة المقبلة ستكون أشد.
وأوحى نتنياهو بأنه من الآن فصاعداً صارت مهمة اكتشاف الأنفاق سهلة، بعد تطوير تقنيات وأجهزة تسمح بذلك.
ولكن ادعاء نتنياهو، الذي أراد منه كما يبدو، تهدئة مخاوف الإسرائيليين زاد الطين بلة في نظرهم. فقد تحدثت الأنباء عن تزايد المخاوف بوجود نفق آخر يمتد إلى داخل إسرائيل، ولم يتم اكتشافه بعد.
بل إن إحدى القنوات التلفزيونية الإسرائيلية تساءلت عما إذا كان تأكيد الجيش بعدم وجود أنفاق من لبنان لاستخدام «حزب الله» في أي حرب مقبلة، يشبه تأكيد الجيش لمستوطني غلاف غزة، والذي ثبت عدم استناده إلى أي أساس.
ونقل المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل عن مصادر عسكرية قولها إن الإعلان عن حل قريب لمشكلة الأنفاق ينتمي بقدر ما إلى عالم المبالغة.
وأوضحت هذه المصادر أن الحديث لا يدور حتى الآن عن «قبة حديدية تحت الأرض»، كما عرضها نتنياهو.
وكل ما حدث هو جمع بين عدة أفكار، وعدة أنواع من الأجهزة بطريقة تجريبية وأولية، وأن القدرة على فحص الحدود مع القطاع، وهي بطول 50 كيلومتراً، تحتاج إلى عامين على الأقل.
ويتبدد معنى «الاختراق التكنولوجي» عند معرفة أنه على طول الحدود مع القطاع أكثر من 100 آلية حفر لاكتشاف الأنفاق، ما يعني أن العملية تسير ببطء كبير، وبطريقة أقرب ما تكون إلى البدائية.
ومعروف أن إسرائيل تتحدث منذ مدة عن إنشاء حاجز تحت أرضي، مزود بمجسات إلكترونية على طول الحدود مع القطاع بهدف اكتشاف الأنفاق. وتشير التقديرات إلى أن تكلفة إنشاء هذا الحاجز تصل إلى 2.7 مليار شيكل (حوالي 700 مليون دولار)، لكن ليس هناك ما يضمن توفير هذا المبلغ في الميزانية المقبلة.
وتزداد المطالبات في أوساط الجيش ومستوطني غلاف غزة للبحث عن حلول أقل تكلفة، بينها السعي لتحسين أوضاع أهالي قطاع غزة وخلق حوافز لديهم لتجنب الصدام مع إسرائيل.
ويوم أمس عقد في سديروت مؤتمر حول خطر الأنفاق، عرض فيه قائد المنطقة الجنوبية الجنرال إيال زامير تقديراته لمواجهة مقبلة مع القطاع.
وأعلن أن الجيش «يدرس إمكانية إخلاء مستوطنات في الحرب المقبلة بهدف منع العدو من تحقيق إنجازات».
ولكن رئيس بلدية سديروت ألون دفيدي رفض هذا التفكير، وأعلن رفضه «إخلاء سديروت في وقت الحرب، وأن لا حاجة لذلك، ومحظور الحديث عن هذا»، لكن زامير شدد على أن هذه الفكرة موجودة ضمن سلة الأفكار التي يدرسها الجيش وفق تقديرات الوضع، وبالتشاور مع رؤساء السلطات المحلية.
ولكن زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان قال إن «هناك بديلاً سلطوياً لحماس في قطاع غزة. وأنا لن أذكر أسماء، ولكني لا أشير إلى محمد دحلان ولا أبو مازن.
"فالحكومة الإسرائيلية جعلت قطر لاعباً مركزياً في المحادثات بينها وبين حماس». واعتبر أن «حماس» تحولت من منظمة إرهابية إلى جيش وبنية تحتية علمية وأرض، وأصبحت دولة إرهابية".
وأضاف «لو أنني أتولى المسؤولية، لعدت فوراً إلى سياسة الاغتيالات. وإذا لم تعد حماس جثامين الجنود والمدنيين في القطاع خلال 48 ساعة، فعليهم أن يبدأوا في ترتيبات تسيير جنازتهم».
وتساءل: هل ينبغي ترك حماس تستكمل بناء قوتها، وبالتالي اختيار الوقت المناسب للمواجهة المقبلة. ومع ذلك طالب بتحسين أوضاع سكان قطاع غزة، معتبراً ذلك سبيلاً لتقليص حافز انضمام الشبان لحركة «حماس».
من جانبها، قالت زعيمة «ميرتس» زهافا غالئون إن «غزة لن تختفي، حتى إذا وُجد أناس يريدون ذلك. يمكن اتهام حماس وبحق، لكن ليست حماس من طلبت أصواتكم من أجل الحفاظ على أمنكم، بل نتنياهو. وعلى إسرائيل أن تسأل نفسها عن سبل إنتاج أمن على المدى البعيد. ولدى إسرائيل الكثير مما تقدمه لغزة ولا يضر أمن إسرائيل. وينبغي أن يكون واضحاً للجميع أن للردع صلاحية محدودة».