غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر ذكاء وفراسة الإمام الشافعي

شمس نيوز/ وكالات

هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضاً إمام في علم التفسير وعلم الحديث، وقد عمل قاضياً فعُرف بالعدل والذكاء.

وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحاً شاعراً، ورامياً ماهراً، ورحّالاً مسافراً. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: “كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس”.

شغل الشافعيُّ الناسَ بعلمه وعقله، شغلهم في بغداد وقد نازل أهل الرأي، وشغلهم في مكة وقد ابتدأ يَخرج عليهم بفقه جديد يتجه إلى الكليات بدل الجزئيات، والأصول بدل الفروع، وشغلهم في بغداد وقد أخذ يدرس خلافات الفقهاء وخلافات بعض الصحابة على أصوله التي اهتدى إليها.

فقد أوتي الشافعي علم اللغة العربية، وأوتي علم الكتاب، ففَقِهَ معانيه، وطبَّ أسراره ومراميه، وقد ألقى شيئاً من ذلك في دروسه، قال بعض تلاميذه: “كان الشافعي إذا أخذ في التفسير كأنه شاهد التنزيل”، وأوتي علم الحديث، فحفظ موطأ مالك، وضبط قواعد السُّنَّة، وفهم مراميها والاستشهاد بها، ومعرفة الناسخ والمنسوخ منها، وأوتي فقه الرأي والقياس، ووضع ضوابط القياس والموازين، لمعرفة صحيحه وسقيمه، وكان يدعو إلى طلب العلوم، فقد كان يقول: “من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في الفقه نبل قدره، ومن نظر في اللغة رق طبعه، ومن نظر في الحساب جزل رأيه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه”.

كان الشافعي رحمَه الله يجلس في حلقته إذا صلى الصبح، فيجيئه أهل القرآن، فإذا طلعت الشمس قاموا وجاء أهل الحديث، فيسألونه تفسيره ومعانيه، فإذا ارتفعت الشمس قاموا فاستوت الحلقة للمذاكرة والنظر، فإذا ارتفع الضحى تفرقوا وجاء أهل العربية والعروض والنحو والشعر، فلا يزالون إلى قرب انتصاف النهار.

ومما روي عن ذكائه أنه كان ذاتَ مرةٍ جالساً مع الحميدي ومحمد بن حسن يتفرسون الناس، فمر رجل فقال محمد بن الحسن: “يا أبا عبد الله انظر في هذا”، فنظر إليه وأطال، فقال ابن الحسن: “أعياك أمره؟”، قال: “أعياني أمره، لا أدري خياط أو نجار”، قال الحميدي: فقمت إليه فقلت له: “ما صناعة الرجل؟”، قال: “كنت نجاراً وأنا اليوم خياط”.

ومما روي عن ذكائه، أنه كان هناك مجموعة من العلماء يحقدون على الإمام الشافعي ويدبرون له المكائد عند الأمراء .. فاجتمعوا وقرروا أن يجمعوا له عديد من المسائل الفقهية المعقدة لإختبار ذكائه .. فاجتمعوا ذات مرة عند الخليفة هارون الرشيد الذي كان معجبًا بذكاء الشافعي وعلمه بالأمور الفقهية وبدأوا بإلقاء الأسئلة والفتاوى في حضور الرشيد:

 

فسأل الأول : ما قولك في رجل ذبح شاة في منزله ثم خرج في حاجة فعاد، وقال لأهله : كلوا أنتم الشاة فقد حرمت علي.. فقال أهله : علينا كذلك ؟

فكر قليلاً فأجاب الشافعي: إن هذا الرجل كان مشركاً فذبح الشاة على اسم الأنصاب، وخرج من منزله لبعض المهمات فهداه الله إلى الإسلاموأسلم فحرمت عليه الشاة، وعندما علم أهله أسلموا هم أيضاً فحرمت عليهم الشاة كذلك.

وسُئل: شرب مسلمان عاقلان الخمر،, فلماذا يُقام الحد على أحدهما ولا يُقام على الآخر ؟

فكر قليلاً : فأجاب إن أحدَهما كان صبياً والآخرُ بالغاً.

وسُئل: زنا خمسة أفراد بإمرأة، فوجب على أولِهم القتل .. وثانيهم الرجم .. وثالثِهم الحد .. ورابعِهم نصفُ الحدِّ .. وآخرهم لا شيء ؟

فكر قليلاً فأجاب: استحل الأولُ الزنا فصار مرتدًا فوجب عليه القتل .. والثاني كان محصناً ..والثالثُ غيرَ محصنٍ .. والرابعُ كان عبداً .. والخامسُ مجنوناً.

 

وسُئل : رجل صلى ولما سلم عن يمينه طلقت زوجته !! .. ولما سلم عن يساره بطلت صلاته !! .. ولما نظر إلى السماء وجب عليه دفع ألف درهم ؟

فكر قليلاً ثم قال الشافعي: لما سلم عن يمينه رأى زوج امرأته التي تزوجها في غيابه فلما رآه قد حضر طلقت منه زوجته، ولما سلم عن يساره رأى في ثوبه نجاسة فبطلت صلاته، فلما نظر إلى السماء رأى الهلال وقد ظهر في السماء وكان عليه دين ألف درهم يستحق سداده في أول الشهر.

وسُئل : ما تقول في رجل أخذ قدح ماء ليشرب .. فشرب حلالاً وحرم عليه بقية ما في القدح؟

فكر قليلاً فأجاب: إن الرجل شرب نصف القدح فرعف (أي نزف) في الماء المتبقي .. فاختلط الماء بالدم فحرم عليه ما في القدح !.

إلى هنا لم يستطع الرشيدُ الذى كان حاضرًا تلك المساجلة أن يخفي إعجابه بذكاء الشافعي وسرعة خاطرته وجودة فهمه، وقال له: لقد بينت فأحسنت وعبرت فأفصحت وفسرت فأبلغت، فقال الشافعي: أطال الله عمر أمير المؤمنين إني سائل هؤلاء العلماء مسألة فإن أجابوا عليها فالحمد لله، وإلا فأرجو أمير المؤمنين أن يكف عني شرهم فقال الرشيد لك ذلك وسلهم ما تريد.

فقال الشافعي : مات رجلٌ وترك 600 درهم، فلم تنل أخته من هذه التركة إلا درهمًا واحدًا .. فكيف كان الظرف في توزيع التركة؟.

 

فنظر العلماء بعضُهم إلى بعض طويلاً ولم يستطع أحدهم الإجابة على السؤال، فلما طال بهم السكوت طلب الرشيد من الشافعي الإجابة.

فقال الشافعي: مات هذا الرجل عن ابنتين وأم و زوجة واثني عشر أخاً وأختٍ واحدةٍ، فأخذت البنتان الثلثين وهما 400 درهم، وأخذت الأم السدسَ وهو 100 درهم، وأخذت الزوجة الثمنَ وهو75 درهم، وأخذ الإثنا عشر أخاً 24 درهمًا فبقي درهم واحد للأخت.

فتبسم الرشيدُ وقال: أكثر الله في أهلي منك، وأمر له بألفي درهم فتسلمها الشافعي ووزعها على خدم القصر.

قال المزني : كنت مع الشافعي في الجامع، إذ دخل رجل يدور على النيام الذين ينامون في المسجد، فقال الشافعي للربيع : قم فقل له: ذهب لك عبد أسود مصاب بإحدى عينيه؟

قال الربيع : فقمت إليه فقلت له، فقال: نعم. فقلت: تعال، فجاء إلى الشافعي ، فقال: أين عبدي؟ فقال الشافعي : تجده في الحبس، فذهب الرجل فوجده في الحبس.

قال المزني : فقلت للشافعي : أخبرنا فقد حيرتنا، قال: نعم. رأيت رجلاً دخل من باب المسجد يدور بين النيام، فقلت: يطلب هارباً، ورأيته يجيء إلى السود دون البيض، فقلت: هرب له عبد أسود، ورأيته يجيء ليرى العين اليسرى، فقلت: مصاب بإحدى عينيه، قلنا: فما يدريك أنه في الحبس، فقال: هذا هو الغالب، أي: أنهم إذا جاعوا سرقوا، وإذا شبعوا أفسدوا، فتأولت أنه قد فعل شيئاً في ذلك، مادام أنه هارب يبحث عن شيء، فقد سرق وأنه في السجن.