غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر حقيقة استثناء 2800 موظف من المنحة القطرية

بقلم: محمد مشتهى

استثناء جزء كبير من الموظفين المدنيين من المنحة القطرية له بُعدين أحدهما سياسي والآخر مجتمعي:

أولاً: البعد السياسي

حاولت حماس عمل اختراق في ملف رواتب الموظفين ظنّاً منها أنها من خلال قطر ممكن أن تعمل على تخفيف جزء من الحصار المفروض على قطاع غزة خاصة في ملف الموظفين، وهنا وقع الاختيار على قطر بحكم علاقتها مع "إسرائيل"، فهي قادرة على تحويل الأموال بطريقة رسمية وبموافقة "إسرائيلية" وهذا ما تم بالفعل، وهنا جاء دور "إسرائيل" فهي تعتبر التطور الامدادي المالي لحركة حماس من مشاريع بنية تحتية إلى تمويل رواتب لموظفي غزة هو تطوّر بحاجة إلى دراسة وتفحُّص واستفادة في نفس الوقت، ففي البداية لم توافق "إسرائيل" على المنحة القطرية وهذا كان تهيئةً للرأي العام داخل "إسرائيل" لتقبّل الأمر، ثمّ جاءت لتستثني الموظفين العسكريين دون المدنيين، ثمّ جاءت لتستثني جزءاً من المدنيين أنفسهم.....لماذا؟

هنا يأتي البعد السياسي وهو كالتالي: إسرائيل تحرص على علاقة جيدة مع قطر ولا تريد أن توتر علاقتها معها خصوصاً مع الاجتياح التطبيعي "الإسرائيلي" لدول الخليج في هذه الفترة، لكنه في المقابل أراد "الإسرائيلي" إيصال رسالة إلى قطر والى حماس بأن (يدنا هي العليا في قطاع غزة) وأننا منذ اللحظة الأولى ونحن نتحكّم بمفاصل وتفاصيل المنحة القطرية والدليل أننا نشارككم تفاصيل توزيعها (مدني، عسكري، كشوفات مستثناة) وهذه الرسالة مفادها بأن المنحة القطرية لا تعني تخفيف الحصار أو ضمان استمرار تدفّق تلك المنح لقطاع غزة المحاصر وأن ما يضمن رفح الحصار أو التخفيف عنه هو تلبية الشروط "الإسرائيلية" والتي لا تخفى على أحد.

ثانياً: البعد المجتمعي

البعد السياسي غالباً ما تكون رسائله إلى السياسيين وهذا ما يعرفه "الإسرائيلي" وغيرهم من السّاسة، لكن "إسرائيل" أرادت أن تستغل هذه الفرصة أيضاً التي خطفت الأضواء خلال شهر مضى وأصبحت حديث الساعة لعشرات الآلاف من الأسر الفلسطينية محاولةً إحداث مزيد من الشقوق المجتمعية بين تلك العائلات التي تعاني من نفس المعاناة، ففي الخطوة الأولى من المنحة القطرية عندما أشاعت "إسرائيل" منعها المنحة القطرية أرادت إرباكاً مجتمعياً وتدخلاً في الانتخابات البلدية محاولةً توجيه الرأي العام في داخل القطاع لجلد نفسه وتوجيه الاتهام لذاته وتبرئة "الإسرائيلي" وإظهار نفسه بالوجه الإنساني الذي يُدخل الأموال إلى غزة وفي المقابل إظهار أن الفلسطينيون أنفسهم هم من لا يرغبون إلا أن يضعوا العقبات لأنفسهم، وهذا ما لم تريده قطر الذي بدورها أنهت هذه المحاولة على لسان "العمادي" عندما نفى تدخل السلطة في المنحة القطرية، ثم بدأت المرحلة الثانية وهي (عسكري، مدني)، هنا حاولت حماس جاهدةً أن تكون المنحة القطرية للمدنيين والعسكريين وهذا ما لم تستطع لا قطر ولا غير قطر في اختراقه لأنه يتعارض مع ثقافة الداخل والرأي العام "الإسرائيلي"، فوحده هذا الأمر كفيل باستقالة الحكومة "الإسرائيلية" ، فكيف يعقل أن توافق الحكومة "الإسرائيلية" على تمويل العسكريين ومن تصفهم بأنهم (قسّاميين)، وكيف يمكن للحكومة تبرير هذا الأمر خاصّة وأن لدى حماس أسرى "إسرائيليين"، وهنا عمدت "إسرائيل" على إحداث شرخ بين الموظفين المدنيين والعسكريين فأدركت وفهمت حماس هذا المقصد وبدأت ماكينتها الإعلامية بتوجيه الرأي العام داخل القطاع من خلال نشر صور للعسكريين وهم يقولون بأنني سأبقى على رأس عملي بالإضافة إلى طمأنة العسكريين بأنهم سيتقاضون راتباً كاملاً ويبدو أن هذا المقصد أيضا سقط إلى حد كبير وبدأ يتلاشى تأثيره، هنا جاء البعد المجتمعي الثالث وهو استثناء جزء من الموظفين المدنيين وهدفه أيضا كسابقه وهو إحداث شروخ إضافية مجتمعية وإشغال الرأي العام في قطاع غزة بهمومه وجلد ذاته بعيداً عن تحميل "إسرائيل" أي مسئولية وهذا ما نراه الآن واقعاً بيننا جلياً على مواقع التواصل الاجتماعي حيث التحليل الشخصي والأخطر من ذلك البعد التنظيمي، فتارة نقول بأن فئة المهندسين هي المستهدفة من الاستثناء وتارة أخرى من النخبة، من الإعلاميين، من الممرضين، وما إلى ذلك، فالمستثنيين من المنحة القطرية هم من جميع فئات الشعب (ذكوراً وإناثا، مهندسين وإعلاميين، ممرضين ومحاسبين، حماس وجهاد وفتح وجبهة ومستقلين) وهذا الهدف هو الذي يسعى له "الإسرائيلي"، فالمطلوب من القائمين على المنحة القطرية توضيح ومصارحة عائلاتنا بتفاصيل هذا الاستثناء منعاً للتحليلات والأحكام المسبقة التي تساعد "الإسرائيلي" في تحقيق هدفه ذو البعد المجتمعي وطمأنة الموظفين والموظفات المستثنيين من المنحة القطرية ومساواتهم بزملائهم وزميلاتهم المستفيدين من المنحة القطرية وعدم إشغال الرأي العام أكثر من ذلك بقضية أولها مُرّ وآخرها علقم.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".