شمس نيوز / تمام محسن
مع تغير اللاعبين على الساحة الدولية في ضوء المستجدات السياسية الدولية والإقليمية، تأتي دعوة معهد الاستشراق الروسي للفصائل الفلسطينية لحضور ندوة لبحث الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بما فيها ملف المصالحة المتجمد منذ فترة ليست بالوجيزة.
وكان صرح عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عن تلقي حركتي فتح وحماس والجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني والمبادرة الوطنية دعوة روسية لبحث المصالحة بمشاركة وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" في 15-16 يناير كانون الثاني.
وتتزامن دعوة موسكو مع انعقاد المؤتمر الدولي "للسلام" الذي دعت إليه فرنسا والمزمع عقده في 15 يناير/كانون الثاني، بحضور 70 دولة، إضافة إلى مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات إقليمية.
فما هي دلالات دعوة موسكو في هذا التوقيت بالذات؟ وهل تنجح مساعيها في تحريك عجلة المصالحة المتجمدة؟
تدفعها ولا تحققها
يرى ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، أن دعوة موسكو تأتي في سياق الدور المتزايد الذي تلعبه في الشرق الأوسط وخصوصا فيما يتعلق بالملف الفلسطيني-الإسرائيلي في ظل غياب الدور الأمريكي.
ويوضح شراب، خلال حديثه لـ "شمس نيوز": "موسكو تدرك أهمية القضية الفلسطينية على الرغم أنها تدرك تماما أنه لا يمكنها تحقيق دورا فاعلا فيها".
ويشهد الدور الأميركي في عهد إدارة الرئيس الذي توشك أن تنهي ولايته، باراك أوباما، تراجعا أمام التوسع في الدورين الروسي والإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
ويرى شراب، أن الدور السياسي لموسكو يأتي استكمالا للدور العسكري الذي تمارسه في المنطقة.
وفي رده على سؤال إذا ما كانت تستطيع موسكو تحقيق نجاحا في الملف المصالحة، يجيب:" روسيا تربطها علاقات جيدة إلى حد كبير مع السلطة وبعض الفصائل وخصوصا حركة حماس التي تحتاج إلى الشرعية الدولية وإلى علاقة مع دولة قوية كروسيا “، مضيفا: "موسكو ممكن أن تلعب دور الذي لا يمكن أن تؤديه الأطراف العربية بسبب حالة الاستقطاب والخلافات والفوضى الداخلية ".
ويستدرك بالقول: إن الوساطة الروسية لا يمكنها تحقيق دورا مباشرا في ملف المصالحة التي يحكمها، وفق شراب، عاملان رئيسيان أولهما العامل الفلسطيني- الفلسطيني، وثانيهما الدور العربي.
ويضيف:" لا يمكن للدور الروسي أن يأتي على حساب دور القاهرة أو قطر لكن يمكن أن يشكل دفعة قوية في اتجاه المصالحة".
وحول تزامن دعوة موسكو مع انعقاد المؤتمر الدولي، يفسر شراب ذلك، برغبة موسكو إعطاء القوة للدور الفلسطيني، منوها:" لا يمكن للفلسطينيين أن يذهبوا للمؤتمر والمفاوضات وهو منقسمين على أنفسهم ".
واستبعد شراب، أن تسعى موسكو لمناكفة باريس، مشيرا إلى أن المؤتمر الدولي الذي دعت إليه فرنسا لا يمكن أن يتم دون دعم دولي وعلى رأسه الولايات المتحدة وروسيا.
استثمار روسي
على خلاف سابقه لا يتوقع، المحلل السياسي المختص في الشأن الدولي، وليد المدلل، أن تحقق دعوة موسكو أي انجاز يذكر على ملف المصالحة، قائلا:" في كل جهود المصالحة الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يقرر ذلك، هو دائما من يخرق المصالحة ويعطل ما تم الاتفاق عليه".
ويرى المدلل أن "روسيا دخلت على خط القضية الفلسطينية حين أيقنت أنها حققت انجازا في الساحة السورية"، مفسرا دعوة موسكو إلى أنها محاولة من روسيا لاستثمار التحولات الإقليمية، والتي قدمت روسيا كلاعب دولي.
ويضيف، لـ "شمس نيوز": "الرئيس فلاديمير بوتين يريد أن يستعيد زخم روسيا وإحياء تاريخ الاتحاد السوفيتي"، باستثمار المعارك العسكرية لتحقيق إنجازات سياسية على أصعدة مختلفة كسوريا واليمن بالإضافة إلى القضية الفلسطينية التي تحظى بحضور دولي، بحسب كلماته.
إلى المفاوضات
كما ويؤكد المدلل، أن الطرف الفلسطيني بما فيه حركة حماس يحتاج من يقنعه بالذهاب إلى مفاوضات مع "إسرائيل"، وإلى طرف ضامن ليس الطرف الأمريكي لأنه قدم نفسه كطرف منحاز لـ"إسرائيل"، بحسب المحلل.
ويضيف: "تلعب روسيا هذا الدور خصوصا في ظل تفاهمات بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ونظيره الروسي ".
ويتساءل: "لا ندري هل ينجح الطرف الروسي في اقناع حماس بالذهاب إلى مفاوضات"، ويجيب نفسه:" روسيا قد تلجأ إلى إيران للدفع بحركة حماس للجلوس على مائدة المفاوضات خاصة أن الأخيرة تعترف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967".