غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر رؤية سعودية أميريكية لتصفية حزب الله وحماس والجهاد وضم اسرائيل للتحالف السني

بقلم/ عبد الباري عطوان

نعترف أننا أصبنا بـ"الدوار" ونحن نتابع أرقام صفقات الأسلحة الضخمة، العسكرية والاستثمارية، التي جرى توقيعها بين المسؤولين السعوديين والأمريكيين اثناء وقائع اليوم الاول لزيارة الرئيس دونالد ترامب للعاصمة السعودية الرياض، وتحول هذا "الدوار" الى صداع مزمن قاتل، بعد الإنصات لما ورد في المؤتمر الصحافي المشترك للسيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي مع نظيره الأمريكي ريكس تيرلسون، خاصة الفقرات التي تتعلق بـ"الرؤية الاستراتيجية" المشتركة لبلديهما في المنطقة، والبنود المتعلقة منها بايران واليمن وسوريا.

إذا بدأنا بالصفقات العسكرية، والتي بلغت قيمتها 460 مليار دولار من بينها فقرة فورية التسليم بحدود 110 مليار دولار، تشمل منظومة صواريخ "ثاد" المضادة للصواريخ، ومنصات بحرية، وذخائر وقنايل ذكية، والباقي، أي 350 مليار دولار، فسيجدى تسليمها على مدى السنوات العشر المقبلة، هذا عدا الصفقات والاستثمارات المالية السعودية في مشاريع البنى التحتية الامريكية.

إنها زيارة تاريخية فعلًا، وصفقاتها "سوبر تاريخية" وغير مسبوقة أيضًا، فإذا كانت كل هذه الصفقات العسكرية وأرقامها، لا تحقق التفوق العسكري السعودي في منطقة الشرق الاوسط، ولا تكسر احتكار إسرائيل له، فمعنى ذلك أنها أسلحة أقل فاعلية، ومنزوعة الدسم، والمواصفات التكنولوجية المتقدمة، ولا تضم طائرات حربية مثل "اف 35" التي حصلت عليها إسرائيل قبل عدة سنوات.

أن تظل إسرائيل متفوقة عسكريًا رغم كل الأرقام "الفلكية"، فهذا يعني أن الصفقات وما تضمه من معدات عسكرية، غير موجهة على الإطلاق، لا اليوم ولا بعد عشر سنوات لتحرير الاقصى، ومدينة القدس، وإنما لمحاربة دول أقل تقدمًا في مجال الدفاع مثل اليمن وإيران، وربما العراق وسورية أيضًا.

الحديث عن إيران، وهنا ننتقل إلى محاولة تفكيك شفرة "الرؤية الاستراتيجية"، انصب كامل المؤتمر الصحافي باتجاه المواجهة العسكرية، والشروط والمطالب التعجيزية "المهينة"، بينما كان السيد الجبير ودودًا جدًا فيما يتعلق بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وانحصر في عبارة واحدة وهي "مستمرون بالعمل مع الولايات المتحدة لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين"، أي أنه كان يتحدث عن هذه القضية كما لو أنها في أمريكا الجنوبية أو البحر الكاريبي، ولم يطالب مطلقًا بانتهاء الاحتلال أو الانسحاب الاسرائيلي، فمثل هذه الكلمات "محرمة" وغير موجودة في قاموسه.

أخطر ما ورد في تصريحات السيد الجبير، ويسلّط الضوء على الهدف الأساسي من هذه "الروية الاستراتيجية"، قوله "أن أيران أسست أكبر منظمة إرهابية، وهي "حزب الله" إلى جانب دعمها لجماعات ارهابية مثل "القاعدة" و"طالبان" وعليها تفكيك هذه الشبكات الإرهابية قبل أي حوار معها.

المقصود من هذا الكلام هو "حزب الله"، أما "القاعدة" و"الطالبان"، فقد جرى جرها جرًا في هذا السياق، فالسعودية دعمت طالبان واعترفت بها ودولتها، وهناك سفارة لها في الدوحة، وبمباركة أمريكية لرعاية التفاوض بين مندوبي الحركة وممثلي البيت الابيض.

"الرؤية الاستراتيجية" السعودية الأمريكية كما نفهمها، هي القضاء على أي خطر يمكن أن يهدد إسرائيل، وخاصة "حزب الله"، وربما حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" وباقي حركات المقاومة الاخرى، والأسلحة التي ستحصل عليها السعودية هي لتحقيق هذا الهدف، ولذلك لم يكن مستهجنًا بالنسبة إلينا دعوى السيد سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان المعادي لحزب الله، وليس الرئيس ميشال عون لحضور القمة العربية الإسلامية التي سيشارك فيها الرئيس ترامب.

نحن الآن أمام "ميثاق" يتبلور لتحديد أهداف "الناتو" العربي الإسلامي الذي تريد القيادة السعودية تأسيسه بطلب أمريكي، وهو محاربة إيران و"حزب الله" وإشعال فتيل الحرب الشيعية في المنطقة والعالم الإسلامي، تمامًا مثلما تأسيس حلف الناتو الغربي لمحاربة الشيوعية وحلفائها، ولا نستبعد ان يكون هذا "الميثاق" الجديد والمتوقع يتضمن نصًا صريحًا على انضمام إسرائيل، وربما قيادتها لهذا الحلف الإسلامي العربي الذي باتت ملامحه تتبلور يومًا بعد يوم.

"الدولة الاسلامية"، أي داعش، وجبهة النصرة، ليسا هدفًا لحلف الناتو العربي الجديد، لأن القضاء عليهما لا يحتاج إلى عقد صفقات بأكثر من 500 مليار دولار تقريبًا، فهما لا تملكان صواريخ ولا طائرات، ولا زوارق أو غواصات بحرية، كما أن الحرب مع إسرائيل ليست من أهدافهما المعلنة، حتى الآن على الأقل، هذا الحلف الذي سيكون نواة شراكة استراتيجية أمريكية سعودية هو للحرب على أيران والعراق وسوريا، وربما على روسيا إذا لزم الأمر، وحدثت صدامات بين القوتين العظميين في سوريا أو غيرها، أي كسر "فوبيا" إسرائيل، وبدء التعاطي معها كدولة صديقة حليفة، لهذا نقولها بكل حسرة وخنق وألم، أن التطبيع قادم وبسرعة قياسية.

الثروات السعودية يجري توظيفها في خدمة مخطط يرمي إلى توفير الحماية والاستقرار لإسرائيل لعقود قادمة، ومحاربة كل من يشهر سيف العداء لها، وإنقاذ الاقتصاد الأمريكي، وترجمة وعود ترامب الانتخابية على شكل استثمارات ضخمة في البنى التحتية، وتوفير الوظائف لناخبيه البيض لإنقاذ شعبيته المنهارة، ورفض الشعب الأمريكي أو 48 بالمئة منه له وحكومته التي تمزقها الفضائح.

أنه انتداب أمريكي جديد للجزيرة العربية، ورهن لثرواتها فوق الارض وتحتها لعقود قادمة، لتمويل هذا الانتداب، انها لحظة مأساوية تبعث على القلق والخوف بل والرعب مما هو قادم.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".