شمس نيوز/ هيئة التحرير
أجيال من العائلات المالكة في دول العالم، خاصة من منطقة الشرق الأوسط، تعلموا كيف يكونوا قادة عسكريين في أكاديمية "ساندهيرست" العسكرية الملكية، لتدريب الضباط في بريطانيا.
"ساندهيرست" كلية عسكرية بريطانية تأسست في عام 1802، وتُعد مركز تدريب أساسي لضباط الجيش البريطاني لأكثر من 200 عام، أنشأت على حدود مقاطعتي ساري مع بيركشاير جنوبي انجلترا.
وتعد الأكاديمية، من أعرق المؤسسات التعليمية العسكرية في العالم، ويعود تاريخ بعض أقسامها إلى أكثر من 250 عاما، وهي الأكاديمية العسكرية الوحيدة التي تخرج الضباط للالتحاق بالقوات المسلحة البريطانية.
ويلتحق بها، أبناء العائلة الملكية في بريطانيا، لكن برنامجها المكوَّن من 44 أسبوعًا مكثفًا من التدريب يجذب عسكريين من بلادٍ أخرى.
وبحسب أحدث تقارير الأكاديمية، تحتل الإمارات المركز الأول على قائمة أكثر الدول التي درس ضباطها في "ساندهيرست" بعد بريطانيا. في 2014 استقبلت الأكاديمية 72 ضابطًا من خارج المملكة المتحدة، 40% منهم من العرب. وعلاقة الخليج بأكاديمية ساندهيرست ممتدة منذ أن كانت بريطانيا قوة استعمارية كبرى في منطقة الخليج.
وذكرت شبكة "بي بي سي" البريطانية أن للأكاديمية تاريخًا طويلاً في استقبال أبناء قادة بلاد الشرق الأوسط، الذين يستلمون بعد ذلك دفة الحكم في بلادهم. أبرز هؤلاء القادة كان العاهل حسين ملك الأردن، لكنه لم يكُن الوحيد.
وتضم قائمة خريجي "ساندهيرست" أربعة ملوك عرب، هُم: الملك عبد الله ملك الأردن، والشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والشيخ تمَّام أمير قطر، والسلطان قابوس في سلطنة عمان.
أما عن الملوك السابقين فهناك الشيخ سعد أمير الكويت، والشيخ حمد أمير قطر، وأمراء وأولياء عهد البحرين، والسعودية، والإمارات، وقطر، والكويت، والأردن.
ومؤخرًا، تخرج، ولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله الثاني، ضابطًا في الأكاديمية العسكرية الملكية.
وحضر العاهل الأردني والملكة رانيا العبد الله، وأفراد من الأسرة المالكة في الأردن، حفل التخرج في الأكاديمية البريطانية العريقة التي التحق بها ولي العهد العام الماضي، بعد إكمال دراسته في تخصص التاريخ الدولي في إحدى الجامعات الأمريكية.
وترتبط الأسرة الحاكمة في الأردن مع أكاديمية "ساندهيرست" بعلاقات وطيدة، حيث تطلق اسم الملك الراحل الحسين على الميدالية التي تمنح لأكثر الخريجين غير البريطانيين تطورا خلال فترة التدريب.
لماذا "ساندهيرست"؟
يقول المؤرخ هيلاري بيراتون في كتابه "تاريخ الطلبة الأجانب في الجامعات البريطانية" إن سياسة بريطانيا، خلال الاستعمار وبعده، تعتمد على تشكيل شبكة علاقات واسعة بين المملكة المتحدة وبين حُكَّام وقادة الدول التي كانت تابعة لها. وتبدو الصفقة رابحةً للجميع: تحظى بريطانيا بعلاقات قوية بقادة هذه الدول، ويتلقَّى هؤلاء القادة تدريبًا عسكريًا رفيعًا على مستوى أبناء العائلة الملكية البريطانية.
أموال أمراء الخليج العربي السخيِّة ليست خارج المعادلة؛ فقد تلقَّت أكاديمية "ساندهيرست"، خلال عامي 2012-2013 فقط، تبرعًا بقيمة 15 مليون جنيه إسترليني من الإمارات لإنشاء مبنى سكني جديد يحمل اسم الشيخ زايد آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، و3 ملايين جنيه إسترليني من ملك البحرين، بحسب صحيفة الخليج العربية.
التدريب في "ساندهيرست" ليس عسكريًا فقط، وهذه ميزة كبرى تجعلها مقصدًا لأبناء الأمراء والعسكريين الصاعدين. يضم التدريب برامج خاصة بالسياسة الدولية، وإدارة النزاعات، ومهارات التواصل.
يخلق التدريب العسكري في "ساندهيرست" وغيرها من الأكاديميات البريطانية روابط قوية بين قادة الجيوش الأوروبية والآسيوية والأفريقية. بالإضافة إلى الدول العربية التي ذكرناها، فتضم قائمة خريجي الأكاديمية العديد من أمراء وقادة جيوش ورؤساء الهند، وباكستان، ونيجيريا، وماليزيا، وسلطنة بروناي، والكثير غيرهم.
لكن الأمر لا يمُر بلا كلفة؛ فعادةً ما يستخدم القادة العسكريون الذين تدرَّبوا في بريطانيا ما تعلَّموه من معرفة عسكرية وسياسية، والعلاقات التي جمعتهم بالصف الأول من العسكريين في العالم، في السيطرة على السُلطة في بلادهم.