غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر التطبيع أولًا !! والاحتلال "مش مهم" !!

بقلم: مهند عبد الحميد

رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق علي الغانم اعترض على مشاركة الوفد البرلماني الإسرائيلي في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي المنعقد في بطرسبرغ – روسيا ودعاه للانصراف من المؤتمر في صيغة طرد. وقد استجاب أعضاء الكنيست للطرد بالخروج الفوري من جلسة المؤتمر وسط تصفيق برلمانيين من مختلف الجنسيات. السبب الذي ساقه الغانم هو أن أعضاء الكنيست – البرلمانيين الإسرائيليين يمثلون دولة احتلال تمارس الإرهاب وتقتل الأطفال الفلسطينيين، معتبرًا إرهاب الدولة بأخطر أنواع الإرهاب.

وبدورها دعت ممثلة تونس في الاتحاد البرلماني الدولي سلاف القسنطيني إلى طرد إسرائيل من الاتحاد والتحقيق في اعتقال نواب المجلس التشريعي الفلسطيني بسجون الاحتلال الإسرائيلي. وقالت في كلمتها، إن "النواب الفلسطينيين المحتجزين قسرًا في سجون الاحتلال تنتهك بحقهم الحصانة البرلمانية"، وينتهك القانون الدولي بلجوئه للاعتقال الإداري وفي احتجازه لمليوني فلسطيني في قطاع غزة وهو أبشع وأطول حصار شهدته البشرية.

موقف الكويت وتونس الذي عبر عنهما الغانم والقسنطيني بشجاعة ومبدئية قوبل بردود فعل عديدة داخل البرلمان العالمي حيث حظي الموقفان بإجازة أكثرية البرلمانيين من مختلف الجنسيات عبر التصفيق، وبتأييد شعبي ونخبوي خارج البرلمان، وحقيقة الأمر فإن الموقفين أثلجا صدور كل الذين يحلمون بالحرية ويكرهون الغطرسة والظلم والخنوع. لكن الموقفين قوبلا في الجهة الأخرى بامتعاض إعلاميين وسياسيين لأنهما تسببا في إحراج أصدقاء دولة الاحتلال الجدد، معتبرين الاعتراض على الاستباحة الإسرائيلية لشعب كامل، هو موقف شعبوي يعود الى المرحلة الناصرية.

موقف الغانم الجريء أعاد وضع قضية العلاقة العربية مع دولة الاحتلال على بساط البحث. تلك العلاقة التي دخلت في طور التحالف والصداقة والتعاون لدى العديد من الدول، بمعزل عن المعايير المعتمدة في منظومة القوانين الخاصة بكل بلد والمعتمدة عالميا، وبمعزل عن مصالح الشعوب.

قبل نقاش العلاقة من زاوية مبدئية ثمة أهمية للاعتراف بحقيقة ما يجري، سيما وان العلاقات أصبحت معروفة للقاصي والداني في ظل عولمة الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة التي ضعضعت السرية والكتمان، فضلا عن عدم الالتزام الإسرائيلي بالسرية. ما لا يقال عربيا، تشهد المنطقة ازدهارا للعلاقات العربية الإسرائيلية وفي كل المجالات. علاقات في جانبها العربي الرسمي غير مصرح بها وممنوعة من التداول، وفي جانبها الإسرائيلي معلنة وشبه معلنة. وفي كل الأحوال فإن الجميع يعرف، بأن رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي غادي آيزنكوف سيشارك في الاجتماع مع قادة هيئات الأركان في السعودية والإمارات ومصر والأردن إضافة لقادة أركان "الناتو"، وقبل ذلك أجريت مناورات عسكرية بمشاركة إسرائيل ودول عربية ثنائية ومشتركة مع الولايات المتحدة ودول "الناتو"، في ظل تعاون أمني على مستوى رفيع، وهناك معلومات تتحدث عن صفقات أسلحة بين إسرائيل ودول عربية.

أما المجال الاقتصادي فيشهد تعاونًا متعاظمًا ومتسارعًا – كالتبادل التجاري في التكنولوجيا والمواد الصناعية الخام ورحلات الطيران -، وزيارات متبادلة لمسؤولين ورجال أعمال، ومشاركة في فعاليات ثقافية ورياضية بين بلدان عربية وإسرائيل، ولقاءات تنسيقية بين المسؤولين.

التعاون الأمني والعسكري والاقتصادي والتجاري والثقافي والرياضي بين إسرائيل ودول عربية، ينطلق من رؤية سياسية – "واحدة في الجوهر" - ومن تفاهم سياسي ومصالح وتحديات "متقاطعة"، وهذا هو أخطر شيء في العلاقة والمعادلة القائمة، لأنه "سيخلق خارطة جيوسياسية جديدة في الشرق الأوسط"، عنوانها بالمصطلح الإسرائيلي التحالف مع محور الدول السنية العربية، في مواجهة الخطر الإيراني.

كل او معظم التقديرات تعتبر صعود إيران الإقليمي الذي كرسه اتفاق 5+1، هو الذي دفع الدول الخليجية للتقارب والتحالف مع إسرائيل "الدولة الإقليمية العظمى" التي رفضت وترفض صعود إيران وأي دولة أخرى من دول المنطقة، حتى لو كانت تلك الدولة مصر التي تربطها معاهدة تعاون وتطبيع مع إسرائيل. ومن المشكوك فيه ان تقبل إسرائيل بصعود السعودية إقليميًا. فهذه الدولة الكولونيالية تريد علاقات في إطار التبعية فقط. وهو ما يؤكده حرصها على إضعاف واحتواء الدول التي أبرمت اتفاقيات "سلام" معها كمصر والأردن إضافة لمنظمة التحرير.

وإذا كانت المصالح والتحديات المشتركة بين إسرائيل والدول العربية التواقة للتحالف معها، تبقى في إطار علاقات التبعية لأميركا الدولة العظمى على صعيد كوني، ولإسرائيل الدولة الإقليمية العظمى فإن كل مصالح شعوب المنطقة تضرب عرض الحائط. وان صعود إيران الإقليمي كان ضمن علاقات التبعية والاحتواء ومتناغمًا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا معها يشهد على ذلك – مشاركة إيران في معارك التحالف الدولي في العراق وسورية وقبل ذلك في أفغانستان -. ولم تكن إيران مع الديمقراطية والحريات داخل إيران ولا في أي بلد في الإقليم، بل قاتلت إيران بشراسة لحماية أنظمة حليفة لها ولم تأبه باستبدادها ودمويتها، في هذا الصراع المتوحش فإن كل مصالح شعوب المنطقة تُضرب عرض الحائط أيضًا.

الشعوب تدفع ثمن الصراع على النفوذ الإقليمي في الميلين، الإيراني، والخليجي، والشعب الفلسطيني يدفع الأثمان أضعاف ما تدفعه الشعوب الأخرى. إن عنوان الظلم الفادح الذي يلحق بالشعب الفلسطيني، هو استخدام إسرائيل للتحالف الجديد مع الدول العربية كغطاء لشطب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وتثبيت الاحتلال ونشر الاستيطان في كل مكان، وممارسة أشكال من التطهير العرقي في القدس و60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة. والأخطر فإن دولة الاحتلال تستبدل القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بادعاءات الملكية الحصرية اليهودية لفلسطين.

بحسب السلوك العملي الإسرائيلي، وبحسب الخطاب السياسي والإعلامي الإسرائيلي، لا يوجد أي ثمن تدفعه إسرائيل له علاقة بالحقوق الوطنية والمدنية الفلسطينية، مقابل التحالف العربي معها. والدليل الذي يمكن استخراجه من الواقع، لا يمارس أي ضغط عربي على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها الفادحة في القدس وفي سجن غزة الكبير وفي "بنتوستونات" الفصل العنصري في الضفة. بالعكس، تكافأ دولة الاحتلال بالانفتاح والتطبيع معها، وبالعكس من مبادرة السلام العربية التي تشترط إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة، وحل قضية اللاجئين حلا عادلا مقابل التطبيع وإقامة علاقات مع إسرائيل، لكن هذه الدول تطبع وتتحالف مع دولة الاحتلال في الوقت الذي تنكر فيه إسرائيل وجود احتلال، لأنها تتعامل مع "ارض إسرائيل" التي جرى "تحريرها"! لو كان الشعب الفلسطيني، ليس عربيًا، ولا تربطه أي علاقة بالدول العربية ويتعرض لمثل هذا الظلم والقهر، فإن كل دول العالم بما فيها الدول العربية مطالبة برفض وإدانة التوحش الكولونيالي والعنصري الإسرائيلي، ومعاقبة دولته المتمردة على القانون الدولي. لو كان يعيش في فلسطين "الروهينغا" وتتعرض لتطهير عرقي ولتدمير حقوقها على الأرض لاستوجب الموقف إدانة وتدخلات وعقوبات على الدولة التي ترتكب الجرائم! لقد تجاوز موقف حلفاء إسرائيل الجدد كل المعايير التي تستخدم في مثل هذه الأحوال!

 

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".