غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر عاقبوا "إسرائيل"!!

بقلم/د. مصطفى البرغوثي

من المثير للاستهجان والغضب المشروع أن تخرج تصريحات عن بعض المسؤولين العرب تتحدث عن التطبيع مع "إسرائيل" في الوقت الذي يحتفل فيه رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بقرار الرئيس الأمريكي الأرعن اعتبار القدس عاصمة لـ"إسرائيل".

ومن المرفوض أن يواصل بعض المسؤولين الدوليين الحديث عن الوضع في فلسطين باعتباره مجرد خلاف أو صراع بين طرفين متساويين في المسؤولية، وأن يكرر بعضهم خطيئة ترامب في اعتبار حق الفلسطينيين في الحرية والاستقلال مشروطا بالموافقة الإسرائيلية .

لقد قفزت قضية الشعب الفلسطيني خطوات كبيرة للأمام، بإعلان 151 دولة في العالم رفضها لقرار ترامب، وبالموقف الصارم الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي ضد ذلك القرار، وبرد الفعل الجماهيري الشعبي الفلسطيني والعربي والدولي العظيم، وإن كانت مواقف بعض الحكومات الرسمية عجزت عن مجاراته.

ولم يعد جائزًا بعد كل ما جرى مواصلة الحديث عن تسوية ما بين الطرفين، عندما تخرق "إسرائيل" كل يوم القوانين الدولية، وتدمر حرفيا بمستوطناتها وإجراءاتها كل فرصة لحل سياسي، وعندما تكرس في كل لحظة وبإصرار وقح، منظومة الأبارتهايد العنصرية الأسوأ في تاريخ البشرية.

وبعد 25 عامًا من عملية سلام فاشلة لا بد من مقاربة بديلة ومختلفة، تعود إلى جوهر وأصل المشكلة باعتبار قضية فلسطين قضية شعب يناضل ضد الظلم والقهر والاحتلال والعدوان والتمييز العنصري، ولا بد من إسناد نضاله في وجه قوة "إسرائيل" العاتية.

فلسنا بحاجة لمن يتوسط بيننا كفلسطينيين وبين مضطهدنا بل نحن بحاجة إلى إسناد نضالنا ضده، ومن أجل تغيير ميزان القوى لإجباره على التراجع كما أجبرت قوى استعمارية عديدة على التراجع واحترام إرادة الشعوب المناضلة من أجل حريتها.

ولا تستطيع دول عربية أو إسلامية تؤمن بمكانة القدس ومقدساتها، التي تضم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، أن تتقاعس عن القيام بواجبها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني واتخاذ إجراءات عقابية ضد “إسرائيل” بدل البحث عن وسيلة للتطبيع ولإقامة العلاقات معها، كما أن الدول الأوروبية التي أكدت اعترافها بحق الفلسطينيين في القدس لا تستطيع إن تكون صادقة مع نفسها ومع سياستها إن لم تعترف فورا بدولة فلسطين، وإن لم تتخذ إجراءات ملموسة ضد الخروقات الإسرائيلية.

لا يطلب الفلسطينيون من أحد أن يرسل جيوشا لمحاربة "إسرائيل" لأنهم يعرفون حدود قوة الكثيرين، ولكن من حقهم أن يطالبوا كل دول العالم وأولها الحكومات العربية الإسلامية بقطع العلاقات مع "إسرائيل"، وإغلاق سفاراتها إن وجدت، والانضمام لحركة المقاطعة وفرض العقوبات على "إسرائيل"، حتى تجبر على الانصياع للقانون الدولي والقانون الإنساني، وتوقف جريمتها المتواصلة دون توقف منذ سبعين عاما ضد الشعب الفلسطيني.

هناك دول عديدة تعرضت لفرض العقوبات الدولية، وفي كثير من الأحيان ظلما وعدوانا، فقط لأن الولايات المتحدة أمرت بذلك، كما جرى مع السودان وكوريا وكوبا وروسيا، وهناك حالة نبيلة وفريدة، عندما استطاع ثقل الشعوب وإرادتها أن تجبر الدول والحكومات على مقاطعة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حتى تم إسقاطه، وانتخب"نيلسون مانديلا"رئيسًا لذلك البلد، فقال جملية الشهيرة "إن حريتنا لن تكتمل إلا بحرية الشعب الفلسطيني".

لا يمكن السكوت بعد اليوم على الظلم، ولا يمكننا كفلسطينيين أن نحتمل صمت أحد إزاءه، ولا يجوز لنا أن نقبل من أحد بعد اليوم خداعنا بالحديث عن وساطات وتسويات وتعايش مع الاحتلال والاضطهاد والعنصري بعد كل ما جرى، وبعد كل السنوات التي ضاعت في غياهب عمليات "سلام" لا تنتهي، وتستخدم كل مرة لإعطاء حكام "إسرائيل" الوقت والغطاء لتوسيع استيطانهم وعمليات تهويدهم، ولتشويه الرواية وتسميم عقول العالم بالخداع الإعلامي.

لا يوجد سوى طريق واحد صحيح: أن يقال للعالم هناك حق مشروع للشعب الفلسطيني إما أن تكونوا معه أو تكونوا ضده، فإذا كنتم معه فلا مناص من التصدي لـ"إسرائيل" بإجراءات عملية وملموسة، أهمها فرض العقوبات عليها ومقاطعة احتلالها ونظامها العنصري، ومن لا يقف إلى جانب الحق سيجد نفسه متهما بالتواطوء مع خرق القانون الدولي ومع ظلم بشع آن أوان أن ينتهي.

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".