غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر بين عهد التميمي وزهراء "مليون طفلا" وبندقية

د. وائل عوّاد

استوقفني قرار اليونسيف اختيار صورة عام 2017 للطفلة السورية اللاجئة زهراء في مخيم الزعتري بالأردن باعتبار أنها تعكس معاناة اللاجئين السوريين وأن عينيها الجميلتين تعكسان معاناة مئات الآلاف من اللاجئين السوريين و"عيون  الأطفال دائمًا تقول الحقيقة"...

عدسة  المصور محمد محيسن، هي التي التقطت الصورة وهو من مواليد مدينة القدس في فلسطين المحتلة وهذا ما أثار فضولي أكثر خصوصًا وإن هذه القصة تتزامن مع اعتقال الطفلة الثائرة عهد التميمي، رمز المقاومة والانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

الفتاة عهد، منذ الرابعة ربيعًا "شاركت في مسيرات واحتجاجات سلمية ضد سياسات القمع الإسرائيلي وجذبت الأضواء عام 2012 عندما تمكنت مع امها من إنقاذ أخيها محمد من أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي".

الفتاة عهد ولدت من فوهة بندقية الاحتلال، هي حبة زيتون عصرت من شجرة الزيتون الفلسطينية الصامدة، تملك جمال الروح والوجه وعيونها تعكس الصمود والمقاومة والصبر والتحدي والعنفوان وهي أجدر بأن تفوز بصورة العام أيضًا "لأنها تعكس واقعًا أليمًا" يعيشه الشعب الفلسطيني بأكمله تحت وطأة الاحتلال، طالما أن العيون لا تكذب فلو تكرمت اليونيسف واختارت صورتها لوصلت رسالتها لجميع أنحاء العالم رسالة معاناتها الإنسانية والتي هي أجدر باهتمام المجتمع الإنساني المعني بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وإنهاء معاناة شعبه.

 صورة عهد وهي تقاوم الاحتلال أو قيد الاعتقال قد تشعل ضمائر تجار الدين ودعاة الاستسلام  ممن يساومون على تصفية القضية لكن عهد بتحديها، استطاعت أن تعيد للجماهير الشريفة المؤمنة بعدالة قضيتها، روح المقاومة ضد الاحتلال والطغيان.

ما حصل للطفلة السورية اللاجئة زهراء وأهلها جاء بسبب حرب فرضت على الشعب السوري وجنّد لها عشرات الآلاف من المرتزقة من جميع دول العالم. هذه الحرب سببت بهجرة ونزوح أكثر من 5 مليون شخص منهم من اختار مناطق آمنة في البلاد ومنهم من هجّر إلى دول الجوار أمثال زهراء وعائلتها. لا شك بان إلقاء الضوء على معاناتها يشعل في داخلنا المشاعر الصادقة لإنهاء الحرب في سوريا وعودة الأمن والأمان لما كان عليه وأفضل من قبل .هذا ما نطمح إليه جميعًا "وهذه مهمة المجتمع الدولي أيضًا" للمساهمة في تحقيق ذلك وكشف النقاب عن الدول الراعية للإرهاب ووقف تدفق السلاح والقضاء على رؤوس الفتنة .

معاناة اللاجئين في المخيمات مزرية وشهود العيان يؤكدون تعرضهم للذل والقهر والابتزاز والمخدرات والدعارة وبعض الفتيات يجبرن على  الزواج المبكر من أثرياء عرب مسنين ذئاب غطوا أنيابهم بفهمهم لدينهم وإنسانيتهم بالزواج من القاصرات باعتبار أن رجولتهم وفحولتهم فقط بإشباع رغباتهم ونزواتهم !

الكثيرات من امثال زهراء انتهى بهن المطاف إلى أحضان العجزة وحرمن من المدراس والتعليم وسلبت منهن الطفولة. عشرات الآلاف من الاطفال حرموا من مدراسهم في مخيمات اللاجئين ويعانون من اضطرابات نفسية بسبب الرعب والعنف والترهيب. أكثر من مليون ونصف طفل سوري شرد ودمرت مدراسهم وحرقت كتبهم ويتعرضون لأسوأ معاملات بحق البشرية وعلى مرأى من العالم.

عندما أرسل لي قريبي الطبيب المقيم في ألمانيا، صورة زهراء، كان منزعجًا "وناقمًا" على الضمائر النائمة التي تركت زهراء وغيرها في مخيمات الذل والتشرذم. يريد أن يقوم بعمل خيري لمساعدتها ويبحث عمن يستطيع الوصول إليها. هذه المشاعر الصادقة تجمعنا جميعًا "لأننا نرفض الذل والإهانة ولم نسمح لأي ممن استوطنوا في سورية أن يعيشوا في خيم أو في العراء، بل فتحنا بيوتنا وشاركوننا طعامنا وشرابنا".

ما يجمع بين الفتاتين عدو واحد  قد يكون ظاهرًا "أو مبطنًا"  هو نفسه:الظلم ، القهر، الاحتلال، الذل، المهانة، الحروب المفتعلة، التشرد وظلم الحكام العرب. هم يريدون لنا أن نقبل ونركع للعدو الظاهر وإن وجوده حقيقة لا يمكن زوالها ويروجون لعدو مبهم يشعلون الوهم في قلوبنا عن خطر عدو قادم يهدد كياننا …

سبعون عامًا من الاحتلال والتضليل والتشريد والترهيب لم تثنِ عهد عن المقاومة وسبع سنين عجاف في الحرب على سورية لن تحرم زهراء حلمها بالعودة لربوع الوطن .

فلا إرادة عهد ستموت ولا طفولة  زهراء ستضيع . سوف يبددان الخوف. الطفلة  زهراء سوف تعود لأحضان الوطن كي تمارس حياتها الطبيعية وتعيش طفولتها المسلوبة مع أهلها وشعبنا . و عهد الصمود والأمل سوف تعيد اللون الأخضر لغصن الزيتون الصامد وتزيل آلامنا وتحي مشاعرنا الوطنية والقومية .

واختم القول بأبيات للشاعر الفلسطيني الكبير :

بين ريتا وعيوني.. بندقيهْ

والذي يعرف ريتا ، ينحني

ويصلي

لإلهٍ في العيون العسليّهْ!

تحية لزهراء وتحية لعهد واننا على العهد باقون …

 

صحيفة "الرأي اليوم"

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".