غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر الرئيس يكذب خمس مرات في اليوم

بقلم: د.باسم الطويسي

من أغرب إحصاءات نهاية العام ما توصل إليه موقع التحقق من الأخبار والادعاءات السياسية التابع لصحيفة الواشنطن بوست والمسمى Fact Checker الذي أحصى 1905 أكاذيب أو ادعاء سياسي مضلل أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال عامه الأول في البيت الأبيض أي بمعدل 5.5 كذبة في اليوم الواحد ونحو 158 كذبة في كل شهر، وهو ما لم يفعله زعيم آخر في العالم لا في الدول الديمقراطية ولا الدول غير الديمقراطية، ولم يفعله رئيس أميركي من قبله أيضًا.

عبر التاريخ كان السياسيون يكذبون بالطول والعرض وكانت المؤسسات الرسمية تكذب وتمارس التضليل، لكن لم يشهد التاريخ المعاصر أن تدار السياسة الداخلية بهذا الحجم من التضليل، كما هو الحال في سلوك رئيس أكثر دولة تأثير في العلاقات الدولية.

خلال المائة يوم الأولى من حكم ترامب في البيت الأبيض توصل فريق صحيفة الواشنطن بوست إلى رصد 492 تصريحًا أو تغريدة تنطوي على ادعاءات كاذبة، ما دفع الصحيفة إلى تطوير مشروعها في رصد الأكاذيب السياسية التي يدلي بها الرئيس وأفردت موقعًا خاصًا للتدقيق على تصريحات الرئيس وتغريداته يصدر كل أسبوعين إحصائية موثقة وبالرسم الانفوجرافكي توضح أبعاد هذه الظاهرة. والملاحظة التي دفعت الإعلام إلى رصد أكاذيب الرئيس أن هذه الظاهرة تنمو وتزداد، فقد وصل معدل أكاذيب الرئيس إلى 4.9 كذبة ثم تنامى ووصل إلى 5.5 كذبة كل يوم، ورصد نحو100 كذبة خلال آخر ثلاثة أسابيع من الشهر الماضي.

نيفيل تشامبرلين، رئيس وزراء بريطانيا العظمى وادولف هتلر الزعيم الألماني قادا العالم إلى أسوأ حرب في التاريخ، كان الزعيمان يتبادلان الأكاذيب لكنّ أكاذيب وتضليل هتلر كانت الأقوى؛ ففي العام 1937 وقّع الطرفان اتفاقية هدنة عدّت واحدة من أكبر أكاذيب التاريخ حينما هاجم هتلر بولندا واحتلها وأشعل الحرب الكبرى. كان نيكيتا خروشوف قد صاغ وأذاع سلسلة من الأكاذيب حول صواريخ كوبا في العام 1962 التي قادت للأزمة المعروفة، فيما شكلت الإدارة السياسية والإعلامية لحرب فيتنام سلسلة من الاكاذيب وتحديدًا لدى الرئيس ليندون جونسون وفريقه. لقد فرض على القادة وأحيانًا وسائل الإعلام بث أخبار سارة عن انتصارات وهمية إلى حين كشفت وسائل الإعلام المستقلة حقيقة ما حدث، في ذلك الوقت كان القادة العرب السياسيون والعسكريون ينشرون الأكاذيب عن انتصارات وهمية في الحرب العربية الاسرائيلية 1967، في المقابل مارس القادة الاسرائيليون أكاذيب من نوع آخر على حليفتهم الولايات المتحدة حينما دمروا سفينة التجسس الأميركية في البحر الاحمر وقدموا اعتذارهم على أساس أن ذلك وقع بالخطأ، لتكشف الوثائق فيما بعد أن القادة الاسرائيليين هم من قرر ضرب السفينة الأميركية من اجل الإيهام بأن مصر فعلت ذلك لدفع الولايات المتحدة لدخول الحرب إلى جانبها.

بعد ذلك بسنوات قليلة دخلت الولايات المتحدة في دوامة الفضيحة الشهيرة وترغيت وأكاذيب الرئيس نيكسون التي دفعته للاستقالة. في العقد التالي أديرت المصالح السياسية الأميركية عبر مسلسل من الأكاذيب في عهد رونالد ريغان التي وصلت إلى فضائح كونترا إيران. وفي العام 1986 صدم العالم بحادث التسريب النووي في تشيرنوبيل ومارس القادة السوفيت آنذك تضليل العالم عن حقيقة ما يحدث. ومن الأشكال الأخرى للأكاذيب ما حدث العام 1998، حينما أثارت وسائل الإعلام والجمهوريون البارزون جدلًا حول علاقة كلينتون مع مونيكا لوينسكي المتدربة الصغيرة في البيت الأبيض، حيث كذب الرئيس حول طبيعة تلك العلاقة، وصولًا إلى واحد من أكبر مسلسلات الاكاذيب التي مارسها الرئيس جورج بوش الثاني وادارته حول ادعاء امتلاك العراق لأسلحة استراتيجية، ما قاد إلى تضليل العالم وغزو العراق وحرب حقيرة.

عالم السياسة عبر التاريخ مملوء بالأكاذيب ولا نستغرب كيف استخدم السياسيون الأكاذيب منذ كذبة حصان طروادة الشهيرة في إدارة المصالح، وكثيرًا ما قادت الأكاذيب إلى حروب أو فضائح، ولكن الغريب أن الرئيس الجديد في البيت الأبيض يكذب على الفارغ والمملوء وبمناسبة وبدون مناسبة، ولا ندري إلى أين ستقود هذه الأكاذيب!

صحيفة الغد

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".