شمس نيوز : علي الهندي

كلنا يذكر تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي انتقد خلالها اختطاف ثلاثة مستوطنين في الخليل قبل أربعة شهور، واصفا اياهم بـ"البشر" ومؤكدا على ضرورة التنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي على جميع المستويات للبحث عنهم وإعادتهم إلى عائلاتهم.

في الأمس القريب تفاجئنا باستشهاد الطفل المقدسي محمد أبو خضير الذي راح ضحية هجمات المستوطنين بعد خطفه وتعذيبه وحرقه حيا، وقد أعقب ذلك سلسة اعتداءات طالت العديد من الشباب الفلسطيني في معظم مناطق الضفة المحتلة، حينها اشتعلت مواجهات كبيرة في أرجاء القدس والضفة، وكان في حينها الغائب الأبرز عن المشهد هي القيادة الفلسطينية ورئيس السلطة محمود عباس.

واليوم كان الفلسطينيون على موعد جديد من هجمات المستوطنين وكانت الضحية الطفلة إيناس شوكت دار خليل (4 سنوات) التي استشهدت بعد تعرضها للدهس من قبل مستوطن قرب سنجل شمال رام الله، وأصيبت صديقتها الطفلة تولين عمر عصفور بجراح بالغة في الاعتداء، فهل سنكون على موعد جديد مع هجمات أخرى وأسماء لشهداء جدد في ظل الصمت المريب واللامسؤولية من القيادة الفلسطينية.

حماية كاملة

في هذا السياق، يؤكد البروفيسور عبد الستار قاسم أن استشهاد الطفلة إيناس يأتي في ظل سلسلة اعتداءات المستوطنين المتكررة سواء على الفلسطينيين أو على المسجد الأقصى المبارك، نتيجة شعورهم بالحرية التامة تحت مظلة أمنية وسياسية وفرتها لهم حالة الضعف على المستوى الرسمي الفلسطيني والعربي.

ونوه قاسم في حديثه لـ"شمس نيوز" أن المستوطنين ينفذون هجماتهم في ظل توفر الحماية الكاملة لهم من قبل الحكومة الإسرائيلية و السلطة الفلسطينية في نفس الوقت، وبالتالي لا يوجد أمامهم أي رادع حقيقي، متوقعا ازدياد هجماتهم خلال الأيام القادمة سعيا منهم إلى تحقيق حكم ذاتي في الضفة المحتلة". وفق تعبيره.

وأضاف الكاتب والمحلل الفلسطيني : كل المواقف الرسمية التي تصدر لا تعدو كونها تصريحات إعلامية ولا يوجد لها أي ترجمة عملية على الإطلاق، غير ان الواقع على الأرض هو تواصل التنسيق الأمني وملاحقة كل من يواجه المستوطنين أو يخرج لنصرة الأقصى".

وأشار د.قاسم إلى تراجع ثقافة المقاومة والهم الوطني في الضفة الغربية وذلك نتيجة طبيعية لسنوات طويلة من ممارسات السلطة ووجود مخططات إسرائيلية وأمريكية لضرب الثقافة الوطنية وإحلال الثقافة الاستهلاكية والهموم الخاصة بدلا منها.

تقصير سياسي

وفي نفس السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي د.عصام شاور أن استشهاد الطفلة إيناس جاء بعد تصاعد هجمات المستوطنين جراء حالة التقصير الفلسطيني في اتخاذ إجراءات حازمة ضد المستوطنين و الجرائم التي تمارسها حكومة الاحتلال بشكل يومي تجاه الفلسطينيين والمقدسات في الضفة والقدس.

وقال شاور لـ"شمس نيوز" : هناك تقصير سياسي ودبلوماسي واضح لدى السلطة الفلسطينية في منع هذه الجرائم والتصدي لها، ماأدى الى ارتفاع ملحوظ في الهجمات الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية، منوها إلى ان المنطقة مهيأة لتصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينين.

ودعا الكاتب الفلسطيني إلى ضرورة مراجعة العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية في ظل هذه الهجمات، وأن لا يبقى الأمر كما هو وكأن شيء لم يحدث، مضيفا : من غير المعقول ان تستمر العلاقات على جميع المستويات مع الاحتلال، دون الأخذ بعين الاعتبار ما يجري في القدس ورام الله وباقي مدن الضفة الغربية".