شمس نيوز/ صابرين عزيز
في لقاءٍ سابق أخبرني والد الشهيد بهاء عليان عن الجثمان المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي والجليد، قال آنذاك:" يضعونهم في ثلاجة باردة، ضيقة، الجثامين فيها مكدسة فوق بعضها البعض في أوضاعٍ مختلفة، قد تكون الساق في وضع الانثناء، قد يكون الرأس جانبًا، قد يكون الجسم انحنى وبقي كذلك".
وتابع آنذاك:" يتجمد الجثمان في درجة حرارة دون الأربعين، يتجمد الدم ولا ينزف من الجرح، تتجمد الشفتان والأسنان والوجه والرقبة والجسم كله ليتكون عليه قالب سميك من الجليد، يستقر الجثمان في داخل القالب بالوضعية التي كان فيها عند ادخاله عنوة في الثلاجة الضيقة؛ أرعبني أن يكون جثمان البهاء في قالب من ثلج".
وكل أمهات الشهداء الأسرى يرتعبون من فكرة أن يكون جسد ابنهم في قالب من ثلج، أن يتحول الكائن البشري الذي تتشوق لرؤيته بعد شهادته إلى جليد، فكان سؤال إحداهن لوالد البهاء:" صحيح بدهم يطلعوا ابني من الثلاجة قبل المحكمة "، ليجيب:" لا يا أم الشهيد ما في أخبار هيك، وما أعتقد إنهم يطلعوا الشهداء قبل المحكمة، يا عالم قولوا الحقيقة لأم الشهيد ما تكذبوا عليها".
وأخذ يكتب والد البهاء، المحامي محمد عليان، على صفحته عبر "الفيس بوك":" قولوا إن المحكمة في 17/7 وأنها من 7 قضاة ويمكن تقرر بعدم الإفراج عن الجثامين لأن الكنيست سنت قانون بالاحتجاز وفي ضغط على المحكمة من عائلات الأسرى الجنود لدى حماس، وكمان قولوا لأم الشهيد إنه احنا مش عاملين شيء ومش متذكرين شيء ومش قادرين نعمل شيء".
فكانت الكلمات التي كتبها لقرب اطلاعه من ملف الشهداء المحتجزين، وتجربته السابقة بحجز جثمان ابنه الشهيد بهاء، تتلكم بقهر:" احكوا لأم الشهيد ما في أي تحرك شعبي ولا ضغط سياسي ولا نشاط دولي واعتمادنا بس على الله و3 محامين وصمود أهل الشهداء، قولوا لام الشهيد الحقيقة ما تخافوا عليها هي أقوى منا وصابرة أكثر منا".
وحسب تجربته، حذر من الوهم الذي يسربونه إلى أمهات الشهداء قائلًا:" وجع الحقيقة عند أم الشهيد أخف بكثير من وهم الكذب، لا تكذبوا" وكان ردّ هذه الأم " وروح ابني ما بقبل اطلع جثمان ابني بدل أسير في السجن، الأحياء أولى من الأموات".
وختامًا، كان قد قال المحامي عليان:" ام الأسير أشاحت بوجهها عن العام الجديد وهمست، "لن تجف دمعتي إذا لم تحمل أيامك بشرى اللقاء مع ولدي، لن أشعر بالدفء إذا لم تحمل أيامك بشرى احتضان الأرض لولدي"، حينها طلب والد البهاء برجاء من العام، لا تخذلهما ايها العام لا تختبر صبرهما أكثر.