شمس نيوز/إسلام قاسم
لا يزال الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ثمانية أعوام يفتك بالغزيين، ويحول بينهم وبين العيش الكريم، مما يدفعهم إلى إيجاد سبل بديلة لتسيير أمورهم والتعايش مع الواقع المرير.
ولم تفلح اتفاقية التهدئة التي أبرمتها المقاومة الفلسطينية قبل شهرين مع الاحتلال الإسرائيلي في القاهرة بوساطة مصرية، بعد حرب دموية استمرت 50 يوما، في حلحلة عقدة واحدة من عقد الحصار، ولم تلتزم إسرائيل حتى اللحظة بأي بند من بنود الاتفاق.
ولعل أبرز ما خلفه الحصار الإسرائيلي، تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان، واستشراء البطالة، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة فيمات يتعلق بالملابس، فلجأ كثير من الناس إلى سد احتياجاتهم بشراء الملابس المستخدمة والبالية من أسواق خاصة بهذا النوع من الهندام تنتشر في أكثر من محافظة بقطاع غزة.
ومن بين هذه الأسواق "سوق الحرية" أو سوق اليرموك، الذي يكتظ بالباعة والمشترين في أيام الجمعة من كل أسبوع، ويحتوي على زاوية خاصة لبيع الملابس البالية عبر نظام"الدلّال".
بسبب الحصار
المواطن أبو محمد عابد (50 عاما) يقف في كل يوم جمعة مقابل "الدلاّل", ليشتري بعض الملابس لأبنائه الثمانية، أطفالهم وشبابهم، حيث يشير إلى أن أبناءه يحتاجون لكثير من المتطلبات لا يستطيع توفيرها كلها.
وأكد عابد لـ"شمس نيوز" بأن الاوضاع الاقتصادية سيئة جدا, ومستوى البطالة في ارتفاع مستمر, وهذا ما أثر على أوضاعهم وجعلهم يلجأون لشراء الملابس المستخدمة, ليتمكنوا من تدبير أمورهم وتوفير بعض الأموال لسد احتياجاتهم.
وتابع بالقول: منذ ثلاثة سنوات وأنا أذهب إلى سوق الملابس المستخدمة, لشراء ما يلزم لي ولعائلتي, لأن أسعار الملابس رخيصة جدا, مقارنة بما يباع في أسواق غزة من الملابس المستوردة, فسعر القطعة الجيدة تتراوح بين5-7شيكل, بينما تباع في المحلات التجارية من 20-40 شيكل, وهذا فرق كبير جدا, علما بأن الملابس التي تباع في سوق المستخدم بحالة ممتازة في غالب الأحيان".
أسعار منخفضة ومناسبة
أما المواطن أحمد الحلاق (25عاما), فيؤكد أنة ومنذ عامين يذهب لسوق "الحرية" في مدينة غزة, لشراء الملابس المستخدمة، مضيفا: أجد ما أحتاجه وبسعر يناسبني, لأنني لا أستطيع شراء الملابس الجديدة والمستوردة بسبب ارتفاع سعرها".
وقال الحلاق لـ"شمس نيوز": أوضاع الشباب بغزة صعبة جدا, بفعل الحصار، وارتفاع حالة البطالة بين الشباب بشكل كبير, مما دفعهم للتكيف مع الواقع المفروض عليهم, من خلال إيجاد حلول بديلة تحفظ لهم جزءا من حياة كريمة" معربا عن اعتقاده أن شراء الملابس المستخدمة ليس عيبا، لأن الملابس ليست معيارا "ففي أغلب الأحيان تباع الملابس بأوضاع جيدة وبماركات عالمية ولكافة الأعمار وبأسعار منخفضة وتناسب الجميع" بحسب تعبيره.
شح الملابس
محمود الأبهة (43 عاما)، أحد تجار الملابس المستخدمة في مدينة غزة, يؤكد بأن الأوضاع الاقتصادية أصبحت صعبة للغاية, ففي كل يوم تتفاقم المشكلات ومعها تزيد آلام الغزيين أكثر فأكثر "فالمعابر مغلقة و فرص العمل أصبحت معدومة ولا حلول في الأفق".
ويوضح الأبهة لـ"شمس نيوز" أن دخول الملابس أصبح صعبا للغاية, وبشكل شحيح، مما رفع أسعارها نسبيا مقارنة بالأعوام السابقة, حيث كان دخول الملابس عبر معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة بما معدله مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيا, ولكن بعد فرض الحصار أصبح الاحتلال يسمح بدخول البضائع مرة واحدة أسبوعيا ويفرض عليها ضرائب باهظة إلى جانب تكلفة النقل والتخزين.
ويأمل الأبهة بأن تتحسن الأوضاع بعد استلام السلطة الفلسطينية لمعابر القطاع, لتسهيل دخول البضائع والمواد إلى غزة.
أسباب الإقبال
ويؤكد د. درداح الشاعر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزة، أن هناك عدة عوامل تدفع المواطنين للإقبال على شراء الملابس المستخدمة، مثل الحصار وتتابع الحروب وزيادة نسبة البطالة، وتأثير ذلك بشكل كبير على جميع مجالات الحياة في قطاع غزة.
وأوضح د. الشاعر خلال حديثة لـ"شمس نيوز" بأن السبب الأول يعود للواقع الاقتصادي المرير الذي يعيشه المواطن بغزة "فهو يعتقد بأن الثياب المستخدمة تفي بالغرض ككساء للجسم, أما السبب الثاني فيتعلق بجودة الصناعة، فهناك اعتقاد بأن الثياب المستخدمة ذات جودة عالية, خاصة بعد غزو الثياب المستوردة من الصين للأسواق, إضافة للأسعار المرتفعة للملابس المستوردة من الخارج" بحسب الخبير النفسي.
ويعتقد أستاذ علم النفس الاجتماعي بأنه فى حال ازدهار الأوضاع الاقتصادية, سيبتعد المواطن عن شراء الملابس المستخدمة, وسيبحث عن الثياب الجديدة.