غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

فياجرا نسائية وعلكة وشوكولاته للشهوة

خبر المنشطات الجنسية تغرق قطاع غزة "على عينك يا تاجر"

شمس نيوز / تحقيق-عبدالله عبيد

لم يكن الشاب ناهض جابر (23 عاماً) "اسم مستعار"، يعلم أن إدمانه على حبوب "الترامادول" قد يقوده، لاستخدام عقاقير المنشطات الجنسية "الفياجرا"، لأنها بحسب اعتقاداه تجعله يعيش أجواء مغايرة وتشعره بـ"حالة غريبة" كما يقول.

ويؤكد جابر لـ"شمس نيوز" أن سبب لجوء الشباب إلى شراء هذه المنشطات، هو أزمات الحصار ووجود الأنفاق الأرضية التي توفر المنشطات الجنسية، وزيادة نسبة البطالة والفقر، منوهاً إلى أن الشباب يهربون من واقعهم عند تناولهم هذه العقاقير.

وعن سبب استخدامه للمنشطات الجنسية "الفياجرا" رغم أنه غير متزوج، يضيف:  شاب صديقي نصحني باستخدامها مع الترامادول، فقمت بتجريبها، وأعجبني الأمر كثيراً، خصوصاً وأن هناك عوامل كثيرة تقودني لتناول هذه الحبوب".

ويوضح جابر أنه يشتري "الفياجرا" من التجار وليس من الصيدلية، لأن النوع الذي يتناوله والذي يسمى "تايجر كينج" غير متوفر في الصيدليات، بل يأتي عن طريق التهريب عبر الأنفاق، وفق قوله.

وانتشرت في الآونة الأخيرة في قطاع غزة أدوية وعقاقير جنسية، وخاصة صنف "الفياجرا"، إلى جانب حبوب "ترامادول"، والتي تحمل عناوين وأسماء مختلفة، منها ما يباع في الصيدليات ومنها في السوق السوداء، والتي غزت قطاع غزة عبر الأنفاق المنتشرة على الحدود مع مصر.

ويتردد الكثير من الشباب في قطاع غزة على صيدليات معينة لشراء عقاقير المنشطات الجنسية "الفياجرا"، فيما يلجأ آخرون إلى تجار السوق السوداء رغم أن جزءا كبيرا منهم غير متخصصين في وصف تلك العقاقير.

وينفق الذكور في قطاع غزة نحو 10 دولارات شهريا على العقاقير والمنشطات وفق تقديرات صيادلة، فيما لا توجد نسب حقيقية إزاء أعداد المستهلكين لتلك المنشطات.

أشعر بالسعادة

أما الشاب سعيد خليل (28 عاماً) "اسم مستعار"، فيشير إلى أنه بدأ باستخدام حبوب المنشطات الجنسية بعد زواجه مباشرة، حيث أنه متزوج منذ عامين، مبيّناً أنه لا يمارس العلاقات الحميمية مع زوجته إلا بعد تناوله هذه العقاقير.

ويقول خليل لـ"شمس نيوز": هذه الحبوب تطيل مدة العلاقة الحميمية مع الزوجة، وأشعر بالسعادة حين استخدامها، ولا أتوقع أنها تضر لأنني أتناولها منذ عامين وأكثر ولم يحصل أي شيء يضرني"، منوهاً إلى أنه لا يعاني من أي مشكلة جنسيه "ولكن أصبحت هذه الأدوية جزءً من العملية الجنسية في حياتي". على حد تعبيره.

وينوه إلى أن عددا كبيرا من أصدقائه الشباب سواء المتزوجين أو غير المتزوجين يستخدمون "الفياجرا"، لانتشارها ورخص ثمنها لأنها تعد مادة دسمة تهرب عبر الأنفاق، لافتاً إلى أن هناك أنواع وأصناف كثيرة من المنشطات الجنسية يستخدمها الشباب والفتيات في غزة.

تلقى رواجاً

رشيد إبراهيم "اسم مستعار"، أحد تجار الأدوية المهربة من مصر إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، يؤكد لـ"شمس نيوز" أن أكثر الأدوية التي يقوم بتهريبها، وتلقى رواجاً هي المنشطات الجنسية "الفياجرا". وقال: أقوم بإدخال كمية كبيرة من هذا النوع لازدياد الطلب عليها في القطاع، وثمنها رخيص جدا".

وبيّن إبراهيم لـ"شمس نيوز" أن هناك أنواع معينة من "الفياجرا" يقوم ببيعها للصيدليات بشكل عادي، ومسموح دخولها من قبل وزارة الصحة كونها دواءً علاجيا، منوهاً إلى أن الأنواع التي يقوم بتهريبها وبيعها بشكل سري هي "الفياجرا الهندية"، التي لا يسمح ببيعها في الصيدليات، وأيضا أنواع أخرى مثل "تايجر كينج وشداد القوة، والنحلة الذهبية وحبوب السعادة وغيرها".

ويلفت إلى أن هذه الأنواع تتم مصادرتها من الصيدليات حال اكتشافها من قبل وزارة الصحة التي تمنع دخولها منعاً باتاً، لافتاً إلى أن زبائن هذه العقاقير من كافة الأعمار، شبانا وكبار سن، مردفاً بالقول: حديثو الزواج يلجؤون لتعاطي الفياجرا لزيادة نشاطهم الجنسي، في حين أن كبار السن يتعاطونها نتيجة عجزهم عن ممارسة الحياة الجنسية بصورة طبيعية، وهناك فئة غير المتزوجين يستخدمونها بشكل واسع".

"فياجرا نسائية"

ونوّه تاجر الأدوية إلى أن هناك نوع من "الفياجرا النسائية" تستخدمها النساء، وتأتي على شكل "علكة" تثير شهوة المرأة، و"العلب النقطية" التي توضع على المشروبات"، مبينا أن هذه الأصناف من الحبوب ممنوعة منعاً باتاً في قطاع غزة، وهناك من يستخدمها في غزة ولكن بشكل محدود".

وتأخذ المنشطات الجنسية المهربة، أشكالاً وأنواعاً مختلفة وغريبة، فمنها من هي على شكل علكة، أو ما يدهن ويرش على المناطق الحساسة، أو يمضغ بين الأسنان.

وآخر ما وصل غزة من هذه المنشطات، مادة تشبه أكياس "الشوكو" في مظهرها، وتعمل تلك المادة عند شربها على إثارة الهرمونات وزيادة الشهوة الجنسية لدى الرجل والمرأة ، حيث يبلغ سعر الكيس الواحد الذي يملأ كوبا واحدا فقط عشرة شواقل.


منشطات جنسية

نشوة زائدة

في السياق ذاته، يقول الصيدلي ذو الفقار سويرجو، صاحب صيدلية "ابن الهيثم"، إنه عندما يطلب المرضى بعض أنواع الحبوب، لا نسأله هل أنت متزوج أو غير متزوج خاصة في الأدوية الجنسية، منوهاً إلى أن هناك فئات عمرية صغيرة جداً أصبحت تتناول حبوب "الفياجرا" والمنشطات الجنسية.

ويضيف سويرجو لـ"شمس نيوز": تبين لنا أن هؤلاء الشباب يتناولون "الفياجرا" مع عقار "الترامادول"، وهذا ما يسمى بالتفاعلية الزائدة (Synersjtic Action) بين "الفياجرا والترامادول"، موضحاً أنه عند تناول العقارين ترتفع نسبة المنشطات في الدم، مما يدخل المتعاطي في نشوة زائدة.

وشدد الصيدلي سويرجو على أن خلط عقار الفياجرا بعقار الترامادول يؤدي إلى مشاكل خطيرة لأن لها تفاعلات جانبية خطيرة، خاصة فيما يتعلق بالقلب والدماغ، لافتاً إلى أنها تتسبب في بعض الأحيان بنزيف دماغي أو سكتة دماغية، واضطرابات شديدة في نبضات القلب "وهذا قد يشكل خطرا شديدا على حياة المواطن الذي لا يعي ذلك" بحسب وصفه.

ويعرب سويرجو عن اعتقاده بأن سبب زيادة إقبال الشباب على مثل هذه العقاقير، المشاكل المجتمعية والاقتصادية وحالة الضغط الشديد التي يتعرض لها المجتمع، مردفا: هؤلاء ينحرفون نحو هذا الاتجاه لأسباب لا علاقة لها بالطب أو الأدوية، بل هي أسباب تتعلق بالحالة الشاملة للمجتمع الفلسطيني خصوصاً في قطاع غزة، بعد تعرضه لثلاثة حروب خلال خمس سنوات".

وتابع: هناك جيل كامل لم يرَ سوى القتل والموت منذ بداية وعيه للمسائل والموضوعات السياسية الفلسطينية، وآخر عاطل عن العمل وفاقد للأمل، يفكر بالهجرة من قطاع غزة بحثاً عن مستقبل مغاير للمستقبل المظلم في غزة، وهنا ندق ناقوس الخطر للمسئولين بأن يلتفتوا بشكل جدي نحو الشباب قبل أن يفوت الأوان".

أعراض جانبية

وفي ذات السياق، يؤكد الدكتور نزار أبو جراد، أخصائي القلب في مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، أن كثيرا من الحالات المرضية التي تصل المستشفى سببها تعاطي أدوية وعقاقير ومنشطات جنسية، منوهاً إلى أن استعمال حبوب "الفياجرا" لا بد أن يكون بحذر خصوصاً لمرضى القلب بسبب الأعراض الجانبية لها.

ويقول أبو جراد لـ"شمس نيوز": هذه العقاقير تؤدي إلى ذبحات صدرية أو انسداد في الشرايين، والأمور ستكون صعبة إذا لم يعرف المتعاطي كيفية يستخدم مثل هذه العقاقير"، محذراً في الوقت ذاته من استخدام الشباب الصغار للمنشطات، لأنها تؤثر عليهم بشكل خطير في المستقبل.

وبيّن أخصائي القلب أن بعض المنشطات الجنسية المهربة لها مضاعفات خطيرة على جسم الإنسان، وخاصة تلك التي تصنع في إطار غير قانوني، وهي تزيد من نسبة الإدمان عليها لزيادة رواجها وبيعها، مضيفاً: تركيبة العقاقير المهربة من الممكن أن تكون مختلفة، فنحن لا نعرف ما هي تركيبتها لعدم وجود ورقة كالتي تكون في العقاقير الصحية، وجرعات العقار المهرب تكون عالية وكبيرة جداً".

ويزيد د.أبو جراد قائلاً: المتعاطون لديهم تصور خاطئ بأن هذه الأدوية والعقاقير تسعدهم وتطيل عملية الجماع دون وعي ومعرفة بمدى خطورتها، لهذا هم بحاجة إلى عملية تثقيف وتوعية وشرح لمخاطر استعمال هذا الدواء"، مطالبًا كل من لديه مشاكل جنسية بالتوجه إلى مصدر العلاج الصحيح من خلال الطبيب الأخصائي.

مساعٍ لمكافحتها

يذكر أن الحكومة الفلسطينية بغزة أطلقت عدة حملات لمكافحة العقاقير المخدرة والمنشطات الجنسية، التي يتم تهريبها عبر الأنفاق، وسبق أن ضبطت عدداً من المهربين في غزة بحوزتهم كميات كبيرة ومتنوعة، ووضعت رقابة صارمة على البضائع التي تخرج من الأنفاق في غزة.

وتقول وزارة الداخلية وجهاز المباحث العامة في قطاع غزة، إنها تسعى لاقتلاع هذه الحالة من منازل المواطنين، حيث تشن حملات دهم وتفتيش لمنازل بعض تجار الأنفاق والمواطنين المشتبه فيهم.

وبحسب قانون رقم (20) لعام 2004، تنص مادة (81) على معاقبة كل من يروج مستحضرات غير شرعية بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تزيد على ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذات المادة تنص على تشديد العقوبة بحيث تكون عقوبة الحبس وجوبية، إذا ترتب على المخالفة خسارة في الأرواح أو أضرارا جسيمة في الأموال وتضاعف العقوبة في حال تكرار المخالفة.

مراقبة ومتابعة

من جانبه، أكد مصدر في دائرة التفتيش الصيدلي بوزارة الصحة وجود أكثر من 30 صنف من المنشطات الجنسية ضبطت في صيدليات قطاع غزة، مشدداً على أن هذه العقاقير أدوية مهربة ويعاقب عليها القانون، لأنها تؤدي إلى وقوع متعاطيها في مخاطر شديدة.

وقال المصدر لـ"شمس نيوز": نحن نقوم بملاحقة هذه الأدوية لأنها مجهولة المصدر والتركيب، ولا نعرف البلد المصنعة لها، وأين يتم تصنيعها، في أوكار أم في مصانع مزيفة، وعلى ماذا تحتوي".

ولفت إلى أن وزارة الصحة والداخلية تعملان سوياً من أجل الكشف عن بؤر تهريب هذه المنشطات"، مشدداً على أن من يضبط بحوزته أدوية وعقاقير مهربة يخضع لإجراءات عقابية كبيرة قد تصل إلى الحبس وإغلاق الصيدلية وسحب رخصة المهنة.

وأضاف المصدر: هذه الأدوية يتم تهريبها عبر الأنفاق بين بضائع أخرى، وأيضا هناك صيادلة يقومون باستيراد هذه الأدوية المحظورة بدافع الربح المادي"، منوهاً إلى أن الخطر في هذا الأمر هو أن يتم تصنيع هذه العقاقير محلياً بخلطات سرية لا تراعى فيها مواصفات ومقاييس الصحة العالمية.

وبيّن أن هناك أنواع مختلفة من هذه المنشطات، فمنها "ما هو على شكل حبوب كبسولات، وأخرى على شكل جل، وقطرات تضع على المشروبات وحبات شيكولاته وعلكة خاصة بالنساء"، مرجعاً سبب تفشي استخدام وشراء هذه المنشطات إلى مساهمة الفضائيات الهابطة في الترويج لها وخداع الناس بعبارات منمقة وجذابة، وكذلك قلة وعي الأفراد المستخدمين لها دون استشارة طبية بالإضافة إلى جشع التجار، وحاجة الناس إلى حل سريع لمشاكلهم.

حكم الشريعة

وفيما يتعلق بحكم الشرع في تعاطي العقاقير والمنشطات الجنسية، أوضح د. ماهر السوسي، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية، أن حكم المنشطات الجنسية "الفياجرا"، مرتبط بمدى النفع والضرر الذي تحققه وانعكاسها على صحة الإنسان، مشدداً على أن الشرع حرّم كل شيء يضر بصحة الإنسان، بأي شكل من الأشكال مهما كان هذا الضرر.

وقال د. السوسي لـ"شمس نيوز": إذا ثبت طبياً أن المنشطات الجنسية ذات أثر ضار على صحة الإنسان، فهي محظورة، أما إذا ثبت أنها غير ضارة، وتساعد الإنسان على ممارسة حياته الجنسية بشكل أفضل فإنها مباحة".

وزاد د. السوسي بالقول: لا نستطيع أن نحكم على كل المنشطات الجنسية دفعة واحدة بأنها حلال أو حرام، دائماً الحكم يتعلق بكل نوع على حدا، فمنها ما هو ضار ومنها غير ضار بالإنسان"، لافتاً إلى أن أغراض المنشطات الجنسية كثيرة.

ويضيف أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية: من الأفضل أن يقول الطب كلمته قبل الشرع، بمعنى أن الطب يبين أنواع هذه المنشطات، وما هو الضار فيها وما هو المفيد، وبناء عليه يتم الحكم شرعا".

من التحقيق السابق يتبين أن الكثير من الشباب في قطاع غزة يتعاطون المنشطات الجنسية بحجة الهروب من الحصار وضنك العيش، ولكن مهما كانت الأسباب والمبررات، فإن المسئولين وأصحاب الاختصاص مطالبون بالتحرك فورا قبل ضياع المجتمع برمته.