شمس نيوز/ توفيق المصري
ليلة أمس، كانت السماء حزينة، شاحبة، ودنا قمرها من الأرض وخفت وهجه، ودرج سلمًا لصعود ملح الأرض، حينما اغتالت قوات خاصة تتبع لجيش الاحتلال الاسرائيلي، صالح البرغوثي وأشرف نعالوة.
67 يومًا قضاها نعالوة -المنحدرة أصوله من قرية شويكة قضاء طولكرم- حرًا محتضنًا في قلب كل أم بالضفة كأنه ابنها.. تحرسه عيون شعبه وشوارع وطنه وأزقته وبيوته، بعد تنفيذ عملية طعن في مستوطنة "بركان" القريبة من محافظة سلفيت شمالي الضفة الغربية المحتلة، قتل فيها مستوطنين وأصيب ثالث بجراح خطرة، قبل أن يكشف أمره وتغتاله خفافيش الليل في مدينة نابلس التي تبعد عن موقع العملية إلى الجنوب الغربي بحوالي 26 كم.
قبل ارتقاء نعالوة بساعات، استشهد الشاب صالح البرغوثي (29 عامًا) من قرية "كوبر برصاص" جنود الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن أعطبت قوة خاصة "مستعربين" مركبته العمومية عند مروره من شارع سردا باتجاه كوبر، واختطفته قبل أن تعدمه.
البرغوثي اتهمته "إسرائيل" بالمشاركة في عملية إطلاق نار على تجمع للمستوطنين قرب مستوطنة "عوفرا" قضاء مدينة رام الله، قبل أيام، أصيب خلالها 11 مستوطنًا بجراح مختلفة.
بيد أن جيش الاحتلال لم يفكر باعتقال المطاردين على تهم تنفيذ عمليات ضد أهداف "إسرائيلية"، يلفت انتباهنا قانون دفع به وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق، أفيغدور ليبرمان، ووضع رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، موافقته منتصف الشهر الماضي على "قانون إعدام الأسرى".
وينص مشروع القانون على تسهيل الحكم بالإعدام على أسرى فلسطينيين أدينوا بتنفيذ عمليات قتل فيها "إسرائيليون".. تصدر المحاكم العسكرية للاحتلال حكم عقوبة الإعدام على من تتهمهم "إسرائيل"، وبموافقة قاضيين ينفذ، لكن يتضح من حالة نعالوة والبرغوثي أن الجيش الذي دفع بالقانون، يتكفل بمهمة تنفيذ الحكم ميدانيًا وقبل سجنهم ودون أمر.
وفي السياق، يعتبر القيادي بحركة الجهاد الإسلامي، الشيخ خضر عدنان، أن قوات الاحتلال أعدمت الشهيدين البرغوثي ونعالوة وتجنبت اعتقالهما بقرار سياسي، عادًا ما حصل "تطبيق عملي لقانون إعدام الأسرى".
وتمارس إسرائيل -قبل القانون وبعده- بشكل ممنهج الإعدام خارج القانون -أي التصفية الميدانية-، في نهج متبع منذ سنوات طويلة، وما كان يقصد في تشريعها الجديد صدور القرار عن محكمة "إسرائيلية" على الأسرى بعد اعتقالهم وليس قبل، والقانون شُرّع وساري المفعول ونافذ وسهّل وشجع على الإقدام بالإعدام، وفق رئيس نادي الأسير، قدورة فارس.
يقول فارس خلال اتصال مع "شمس نيوز": "ما جرى مع الشهيدين البرغوثي ونعالوة ينسب للجرائم التي تقترفها سلطات الاحتلال بشكل ممنهج في القتل بدم بارد حتى حينما يكون بمقدورهم إلقاء القبض على أي مواطن فلسطيني، هم يسارعون إلى قتله.. اليوم قتلوا مستوطنًا كانوا يظنوا أنه فلسطيني واتضح أنه مستوطن، يتضح من ذلك أن يدهم على الزناد خفيفة وسريعة إذا كان الأمر متعلق بالشعب الفلسطيني".
ويرى الحقوقي الدكتور صلاح عبد العاطي، في تطبيق الاحتلال الإسرائيلي للسياسة القديمة الجديدة من عمليات قتل خارج إطار القانون للنشطاء والمقاومين الفلسطينيين، أنها خرق فاضح وواضح لكل قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ويوضح خلال اتصال مع "شمس نيوز"، أن "هذه الأعمال ترقى إلى مستوى جرائم حرب.. ننظر بخطورة شديدة إلى استمرار مثل هذه الممارسات المنافية لكل قواعد القانون الدولي الإنساني".
ويحذر من استمرار هذه السياسات التي تنذر بتفجر الأوضاع، مطالبًا بحماية الشعب الفلسطيني "فالمقاومة عملية مشروعة ومحمية بموجب قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وخاصة برتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف الرابعة".
وجه الاحتلال مخادع ماكر يعمل على الالتفاف على القوانين الدولية، ويخلق جيشه الذرائع لقتل الفلسطينيين مع ترويجه في أغلب الأحيان إلى الاستشهاد في اشتباك مسلح، كما يفيد المختص والمتابع للشأن الإسرائيلي، مأمون أبو عامر.
ويقول أبو عامر لـ"شمس نيوز"، "إن ما يدور في إسرائيل ليس إعدام أشرف نعالوة، بل سقط خلال اشتباك دار بينه وبين الجيش. لكن طبيعة تعامل إسرائيل مع المسلحين أو المقاتلين بالقتل المباشر وليس أولوية لديها إلقاء قبض بل تصفية.. ولنا في استشهاد أحمد جرار دليل".