شمس نيوز / عبدالله عبيد
تتوالى الإجراءات القمعية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة ومدينة القدس وأراضي الـ 48، لمنع أي هبة أو ثورة شعبية يقوم بها الشبان الفلسطينيون والذين يعبرون عن ردات أفعالهم الغاضبة تجاه السياسة التي ينتهجها الاحتلال ضد مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.
البعض وصف ردود الفعل الفلسطينية على ما يحصل بالأقصى بـ"انتفاضة ثالثة"، وهناك من سماها بـ"هبّة شعبية".. وأياً كان هذا المسمى، فإن إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحاولان بشتى الوسائل قمع هذه التحركات لمنع اندلاع أي انتفاضة.
محللون سياسيون، أكدوا أن الانتفاضة آتية آجلاً أم عاجلاً، ولكنها تحتاج إلى العديد من الشروط لاستكمالها بجانب ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي من أساليب قمع للمواطن الفلسطيني والمسجد الأقصى.
وشدد هؤلاء المحللون في أحاديث لـ"شمس نيوز"، على أن إسرائيل وبمساعدة من أجهزة أمن السلطة، تحاول بشتى الوسائل قمع وإخماد الثورات والهبّات الشعبية ، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن إخماد المقاومة الفلسطينية لن يتم بأي شكل من الأشكال.
وتصعد السلطات الإسرائيلية من إجراءاتها التعسفية بحق المقدسيين وفلسطيني الداخل المحتل، بعد عمليات دهس المستوطنين التي حصلت مؤخراً في مدينة القدس، في ظل الهجمة الشرسة التي يشنها الاحتلال على المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، والتي تُقابل بمقاومة شديدة من قبل الشبان الفلسطينيين.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أعلن خلال لقاء تلفزيوني على القناة الإسرائيلية العاشرة، أنه منع اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، مؤكداً أنه لا يؤمن بالكفاح المسلح بل بالمقاومة الشعبية السلمية، على حد تعبيره.
تحتاج شروط...
المحلل السياسي هاني المصري، مدير مركز بدائل للدراسات والأبحاث، يؤكد أن الانتفاضة آتية آجلاً أم عاجلاً ولكنها بحاجة لعدة شروط، مبيناً أن الهبات والأشكال الانتفاضية ما زالت مستمرة خصوصاً في مدينة القدس.
ومن تلك الشروط لاستكمال الانتفاضة –بحسب المصري- ، أن تتبنى القيادة الفلسطينية الانتفاضة، وتدعمها وتوفر مستلزمات استمرارها ونجاحها، بالإضافة إلى إنهاء الانقسام، لأنه في ظل وجود الانقسام من الصعب أن يكون هناك انتفاضة شاملة.
وأضاف المحلل السياسي لـ"شمس نيوز": يجب أن يكون هناك هدف واضح للانتفاضة، وجبهة وطنية عريضة أكبر من الفصائل من أجل تحقيق هذا الهدف"، مشدداً على أن هناك عاملا مهما يدفع نحو الانتفاضة وهو الاحتلال، وما يقوم به من اعتداءات خاصة في القدس، وحصار غزة، والتمييز العنصري والقوانين الظالمة، وهدم المنازل والإبعاد والاعتقالات".
ويشير المصري إلى أن إسرائيل ترتكب كل أشكال القمع لإخماد نار الثورة لدى الشبان الفلسطينيين، وبمساعدة من أجهزة أمن السلطة في الضفة المحتلة، مؤكداً في الوقت ذاته على أن هذا القمع لن يؤدي إلى إخماد المقاومة الفلسطينية، "أما الذي يؤدي إلى إخماد المقاومة الخلافات الداخلية والانقسام وغياب الأمل والثقة"، حسب رأيه.
قابلة للاشتعال
أما المحلل السياسي والخبير في الشأن الإسرائيلي، وديع عواودة، فيعتبر ما يحصل في المدن والقرى الفلسطينية هبّة محلية موضوعية لم تصل لحجم الانتفاضة بالمعنى الحقيقي، موضحاً أن الأجواء متوترة وقابلة للاشتعال نتيجة ما يحصل في مدينة القدس والاعتداءات على المسجد الأقصى، وعملية الإعدام البشعة للشاب الفلسطيني حمدان من كفر كنا، واستمرار مسلسل القتل والقمع من قبل سلطات الاحتلال.
وذكر عواودة خلال حديثه لـ"شمس نيوز"، أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول جاهداً إخماد هذه الهبّات، مضيفا: ما يحدث من عمليات قمع هنا وهناك يدل على أن الحكومة الإسرائيلية متوترة ولا تريد انفجار الأوضاع". ولفت إلى أن قمع المسيرات في الضفة الغربية من قبل السلطة الفلسطينية يقلل أيضاً من فرص اندلاع انتفاضة ثالثة.
وقال عواودة: إذا ما زادت الحكومة الإسرائيلية من الانتهاكات وأبقت الأجواء متوترة وعمليات التحريض متواصلة، فإن ذلك كافٍ لإشعال نار الفلسطينيين لتعود الكرة كما كانت عليه قبل 14 عاما، خاصة وأن الشعب الفلسطيني غاضب جداً مما يحصل في الأقصى وما يحدث في القدس"، مشدداً على أن الأجواء محتقنة للغاية وقابلة للانفجار والاشتعال إلى مدة أطول ومساحة أوسع.
وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، قد أعدمت ليلة الجمعة الماضية، الشاب خير الدين لطفي حمدان (22 عاماً) من بلدة كفر كنا في الداخل المحتل، بعد أن أطلقت النار صوبه.
وزعمت شرطة الاحتلال بأنها كانت تنفذ عملية اعتقال لشابٍ آخر متهم بإلقاء مفرقعات صوب أفرادها، وأن الشهيد حمدان هاجمهم حينها بسكين، وتم إطلاق الرصاص عليه فأصيب بالجزء العلوي من جسده، حيث توفي لاحقاً متأثراً بجراحه.
وأعلن مجلس كفركنا المحلي، عن إضرابٍ شامل أمس، مطالباً بفتح تحقيقٍ في الحادثة.
آني ومحلي
وبحسب وجهة نظر المحلل السياسي البروفسور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، فإن الحراك الفلسطيني آني ومحلي، بمعني أنه يحصل في مكان ووقت الحدث فقط" مستدركا: لكن مع استمرار الوقت من الممكن أن تمهد الأحداث لانتفاضة واسعة".
وأوضح د. قاسم في حديث لـ"شمس نيوز"، أن طاقة المواطنين وقوة الدفع لديهم ضعيفة، لأنهم أبعدوا عن الهم الوطني "فكثير من هموم الناس هي هموم شخصية ومالية استهلاكية"، مرجعاً ذلك إلى أن السلطة صنعت أوضاعاً سيئة جداً واعتدت على مساحة العمل الوطني.
وأضاف: عندما تلاحق السلطة المواطن الذي يخرج في مسيرة لنصرة الأقصى، ويرى الاحتلال يعتقله ويضربه ويقتله فهذا الأمر يؤدي به إلى البعد عن همه الوطني"، منوهاً إلى أن السلطة الفلسطينية تشارك الإسرائيليين في قمع الفلسطينيين وإخماد نار ثورتهم.
ولكن المحلل السياسي يؤكد على أنه إذا كان هناك هبة جماهيرية واسعة في جميع القرى والمدن الفلسطينية، فلن يستطيع أحد إخمادها، مطالباً السلطة الفلسطينية بأن تترك المواطن الفلسطيني وشأنه، للدفاع عن أرضه وحقوقه المسلوبة، وفق تعبير د. قاسم.