غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بقلم: تسفي غباي .. سفير متقاعد

خبر الغائب - الحاضر

الغائب - الحاضر

بقلم: تسفي غباي .. سفير متقاعد

يبدو أن المفاوضات مع الفلسطينيين، بوساطة الأمريكيين تجرب وكأن قطاع غزة بعناصره السلطوية ليس موجودا وليس جزءا من الأراضي الإقليمية للدولة الفلسطينية المستقبلية، التي يفترض بإسرائيل أن توقع معها على اتفاق. حماس، التي تحكم في القطاع وتلعب في المفاوضات دور الغائب – الحاضر، تتبنى قتل الشعب، بل وأعربت عن معارضتها للاتفاق مع إسرائيل. ينبغي الافتراض بأنها هي أو الجهاد الإسلامي (الذي يتخذ من غزة قاعدة له) والمدعومان من إيران – رغم أنها تعارض الاتفاق مع إسرائيل – سيهاجمان إسرائيل بالصواريخ وبالقسامات. ولا بد أن إسرائيل سترد بشدة ومحمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية الذي وقعت إسرائيل على اتفاق معه، سيهدد بالغائه أو حتى سيلغيه. فهل لهذا الغرض كد الأمريكيون لتحقيق اتفاق وإسرائيل تنازلت عن ذخائر إستراتيجية؟

باستثناء تصريحات ممثلي المعارضة في إسرائيل  والتحليلات التي تحث الحكومة على التوقيع على اتفاق، لم يسمع موقف جدي من مسألة ما العمل بقطاع غزة. هل سيواصل القطاع، بعد التوقيع على الاتفاق، التصرف ككيان إرهابي فلسطيني مستقل؟

تجري المفاوضات الحالية على نحو منقطع عن الواقع الشرق أوسطي والواقع الفلسطيني، الذي يدار من سلطتين – في رام الله وفي غزة – تتنافسان على الصدارة في الشارع الفلسطيني. وعليه، فان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، مع كل التقدير لمساعيه الصادرة، يوشك على الانضمام إلى وزراء الخارجية الأمريكيين قبله، مثل هنري كيسنجر، ممن باءت محاولاتهم لحل النزاع بالفشل. فرغم التنازلات التي قدمها في الماضي رؤساء وزراء إسرائيل اسحق رابين، ايهود باراك وايهود اولمرت، ورغم البادرات الإسرائيلية الحالية والمساعدة المالية الأمريكية والأوروبية، لم يبدِ عباس استعدادا للاقتراب من إسرائيل.

والسبب واضح: عباس، الذي يواصل عمله كرئيس السلطة الفلسطينية رغم أن ولايته انتهت، ليس زعيم كل الفلسطينيين. ومع أنه يجلس في رام الله، مكان مقر الحكومة الفلسطينية، ولكنه لا يتحدث باسم كل الفلسطينيين. ولهذا فانه لا يسارع إلى عقد صفقة مع إسرائيل.

ومع أن كل العرب في المناطق يسمون فلسطينيين، إلا أنهم متنازعون فيما بينهم. وقد احتشدوا حول هدف واحد: الحرب ضد الحاضرة اليهودية وإسرائيل. وقد عملوا مع دول عربية في مقاومتهم لمشروع تقسيم الأمم المتحدة في العام 1947، لإقامة دولتين، يهودية وعربية، ومنذ اتفاقات أوسلو في 1993 لم يبلوروا كيانا سياسيا واحدا. حسب معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، فإنهم منقسمون إلى مجموعات: سكان الضفة، قطاع غزة وسكان شرقي القدس. ولم يبنوا اقتصادهم رغم المساعدة الغربية والعربية السخية الممنوحة لهم. والولايات المتحدة وحدها تمنح السلطة كل سنة 400 مليون دولار، والتي يفترض أن تساعد جهاز التعليم.

ويبرر الفلسطينيون فشلهم الاقتصادي والاجتماعي بالاحتلال الإسرائيلي، الفشل الذي في واقع الأمر جلبه زعماؤهم على أنفسهم. فقد أقاموا منظمات إرهاب عملت ضد إسرائيل وساعدت في الصراعات العربية الداخلية. واستغل الدكتاتوريون العرب النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي لقمع شعوبهم. واتهمهم الشاعر السوري نزار قباني بجعل فلسطين دجاجة تبيض ذهبا، والمحلل السعودي عبد السلام الوائل ادعى بان الصراع ضد إسرائيل كان ذخرا للحكام العرب لأنهم أثروا بفضله وسمح لهم بمواصلة حكم شعبهم. المشكلة الفلسطينية كانت العامل الوحيد الذي يوحد العالم العربي الممزق والمنقسم.

أن هدف الزعماء الفلسطينيين الذين هم أنسال قادة العصابات التي قاتلت ضد الحاضرة اليهودية هو اقتلاع الدولة اليهودية من المنطقة. وهم مدعوون من زعماء عرب عديمي المسؤولية تجاه شعبهم. واثبت عباس عداءه لليهود بنفيه الكارثة وكذا بنشر أكاذيب عن أسباب مجيء اليهود العرب إلى إسرائيل. وتطلعه لتطبيق حق العودة هو السبب لمعارضته العنيدة للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.

في ضوء هذا الواقع، يجب الحذر عند طرح أفكار سياسية لحل النزاع، تثير توقعات وتلحق أضرارا جسيمة، ولا سيما بالإسرائيليين. ومثلما ورد في نشيد الانشاد "لا توقظوا الحب إلى أن يرغب"، ينبغي الانتظار لصعود زعيم فلسطيني يجمع حوله كل الفلسطينيين ويتطلع عن حق وحقيق إلى التعايش مع الكيان اليهودي – دولة إسرائيل. وفي هذه الأثناء، يجب الدفع إلى الأمام بالحكم الذاتي للفلسطينيين، ورفع مستوى حياتهم وتعميق التعاون الاقتصادي بين الشعبين.