شمس نيوز/ تمام محسن

تصوير/ حسن الجدي

يجلس أمام باب دكانته شرق من مدينة غزة، يراقب المارة وفي الداخل تتناثر بعشوائية لفات الصوف وتتكدس إلى جانبها "البسط" الملونة، بعضها مكتمل والبعض الآخر ينتظر دوره لإنهائه.

محمود الصواف (72 عامًا)، أو كما ينادونه العمال ومن حوله "الحاج أبو حنفي"، يعمل في صناعة الصوف منذ أكثر من ستة عقود، محتذيًا بخطى عائلته التي تعمل في الصوف منذ نحو 3 قرون، ومنها اكتسبت العائلة كنيتها "الصوّاف".

منذ العاشرة من عمره، بدأت حكاية الحاج أبو حنفي مع الصوف، جنبًا إلى جنب مع والده بتوجيهاته إلى أن أتقنها و" انغرست فيه" كما يقول.

"بالنسبة لي صناعة الصوف مثل السمكة إذا طلعت من المية بتموت" يصف الحاج أبو حنفي سر علاقته بالصوف مستعيدًا ستة عقود من الذاكرة.

وتعد صناعة البسط والسّجاد اليدويّ من الصّناعات التّقليديّة العريقة في فلسطين، النابعة من واقع الحياة البدويّة والرّيفية، وارتبطت أسماء عائلات بهذه الحرفة كعائلة "الصوّاف" في غزة.

ويشير أبو حنفي إلى تأثير دخول "الموكيت" والسجاد الصناعي على الحرفة العريقة، لكنه يقول إن الناس بدأت تعي جمال وأصالة البساط الصوفي وتقتنيه من جديد "إذ تبين لها أنه أفضل وأكثر متانةً مقارنة بالصناعي".

ولطالما اعتمدت صناعة الصوف، كما يوضح الحاج أبو حنفي، على صوف الأغنام الذي كان يُستورد من مصر، ليمر بعدها بعدة مراحل لصناعته وتجهيزه على شكل خيوط صوفية لاستخدامها في صناعة البساط والسجاد.

ويقول:" كان يجز الصوف في مصر، ثم نرسله إلى غازلات يقمن بتجهيزه إلى خيوط مرتبه، ثم تأتي مرحلة صبغه"، وفيما بعد يتم "تقوية الخيوط" بواسطة المغازل، بحيث وضع كل خيطين مع بعضهما لتصبح أمتن قبل أن يصل محطته الأخيرة وهي النسيج" ليخرج أخيرًا بساطًا جميلًا.

ويشير الصواف، إلى أنه قبيل السبعينات بدأ يتجه العاملون بهذه الحرفة إلى استيراد خيوط الصوف الجاهزة من إنجلترا بتنوعاتها اللونية المختلفة.

وتتطلب صناعة البسط الصوفي نحو أسبوعين، بحسب الخامة والشكل والتصميم المطلوبين، وبناء عليها يجري تقدير أسعارها التي تتراوح من (10 شواقل – 500 شيقل) للمتر الواحد.

وعلى الرغم من انعكاسات الوضع الاقتصادي الصعبة على حرفة الصوف، يتمسك الحاج أبو حنفي وعائلته بها منغرسين بتاريخ وهوية مهددة بالذوبان والتآكل.