غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر فخر الصناعة الوطنية.. بأطراف مبتورة!!

شمس نيوز/محمود أبو الحسنى

يمسكون بخيوط آمال في زمان ربما لم يعد هناك ما يبعث الأمل فيه، تتعجب بأشخاص لا يملكون إلا إرادة مكنتهم من أن يبهروا حكيما ويقهروا محتلا ، بمشاريع بسيطة في حجمها كبيرة في مضمونها تحمل بين طياتها واقع تجربة عميقة أثبتوا من خلالها أنهم يحبون الحياة ولكن ممزوجة بقليل من عزة النفس وكرامتها المسلوبة.

هم يصارعون الواقع ويسابقون الزمان مرغمين, لا لشيء إلا للبحث عن لقمة عيش صعبة على غيرهم قبل أن تصعب عليهم ,لا يحسدون على شيء إلا على إرادة امتلكوها وعزيمة اكتسبوها.

ورشة واحده قد تفي بالغرض في نظرهم وبالنسبة لهم, لم تتجاوز مساحتها (150مترا)، وبآلات بسيطة, استطاعوا من خلالها أن يبهروا كل من يشاهدهم, تحت سقفها يجتمع فريق من ذوي الاحتياجات الخاصة تتنوع أعمالهم ما بين النجارة والحدادة والتنجيد والدهان والتصميم والحفر على الخشب.

إصرار وعزيمة

محمد سعيد مكاوي، والذي يترأس فريق العمل في هذه الورشة صاحب إعاقة لا تميزه عنهم, فهو مصاب بكسر في العمود الفقري شفي منه بعد رحلة طويلة وشاقة من العلاج.

 "مكاوي"، الذي كان يعمل في ورشة لميكانيكا السيارات، لم يتمكن بعد إصابته من العودة إليها نظرا لصعوبة إصابته, وهو اليوم  يبدع في مهنته الجديدة وهي دهان الأثاث، يعتبرها الأنسب  له والأكثر مراعاة لظروفه.

لم يقتصر حلم محمد على دهان الأثاث فحسب، بل تعدى ذلك بالعزيمة والتفكير المتواصل لإكمال دراسته الجامعية.

على بعد أمتار من محمد وعلى كرسي خشبي صنعته يداه, كان يجلس الشاب الخجول صاحب الابتسامة العريضة أمين عابد، والذي يعاني من فقدان للنظر بنسبة 50%، ليبدأ حديثة معنا بعد تكرار السؤال علية لأكثر من ثلاث مرات لنكتشف أنه يعاني أيضا من فقدان شبة كامل لحاسة السمع.

استهل حديثة وقد رسمت ابتسامة أمل على محياه، ليقول: ليست الإعاقة إعاقة الجسد، بل هي إعاقة الفكر، فالإرادة تصنع المعجزات والمستحيلات".

تبصر في أعماله ومشغولاته فتى آمن بما أبدعته يداه على الرغم مما يعانيه, تتنوع ما بين أطقم للإنارة والأثاث المنزلي والمشغولات الأخرى والتي اتسمت بدقة تصميمها، وروعة أشكالها وألوانها.

إبداع رغم الإعاقة

وفي زاوية  من زوايا الورشة وعلى طاولة صغيره كان يعلوها حاسوب شخصي ومجموعة من المنحوتات الخشبية, وبين رسومات بيانية وأشكال هندسية مبعثرة هنا وهناك كان يجلس المبدعان عبيدة الغول ومعتز أبو عاصي وهم ممن فقدوا أطرافهم, منهمكين في تصميم نقشات وزخارف لتزيين أطقم النوم وأسقف المنازل والمؤسسات.

"معتز"، شاب جامعي حاصل على درجة الدبلوم من الكلية الجامعية، فقد يده اليسرى في قصف إسرائيلي، وهو ذاهب إلى جامعته ,ولكن إصابته لم تقف عائقاً بينه وبين تحقيق حلمة ,هو اليوم يصول ويجول في عالم التصميم والمونتاج يبدع ويبهر كل من يشاهد تصميماته ومنحوتاته.

أما الطالب الجامعي عبيدة الغول، والحاصل على درجة الدبلوم أيضا، فهو الآخر مصاب ببتر في ساقه اليمنى نتيجة خطأ طبي، وهو ممن خاضوا تجربة التصميم والمونتاج وأبدع فيها، ولكن لم تكن هي كل أحلامه ولا طموحاته كما يقول ,لأن إصابته حالت بينه وبين طموحه بأن يصبح مصوراً فوتوغرافياً ويفتتح أستوديو للتصوير.

100 دولار

عبيده وفي رسالة عتاب أرسلها للمؤسسات المختصة بشؤونهم كمعاقين يقول: منذ إصابتي وحتى الآن لم أتلق من المؤسسات الحكومية والخاصة إلا (100) دولار، و للأسف أغلب مؤسساتنا متسلقة تتاجر بإعاقاتنا وترتفع على ظهورنا ولا ترقب فينا إلاً ولا ذمة ".

 وأضاف: نحن اليوم كذوي احتياجات خاصة  نعاني من سوء في المعاملة وبالتحديد من قبل وزارة الصحة، فهم لا يرأفون بحالنا ولا يراعون ظروفنا, فقبل شهر تقريبا ذهبت إلى مركز طبي لعمل فحص طبي شامل وللأسف التأجيل من فترة إلى فترة كان سيد الموقف".

تقصير بلا حدود

وعن التقصير في حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة قال رئيس المشروع، محمد مكاوي: للأسف، المؤسسات والدوائر الحكومية هي من يريد أن يجعل منا مستهلكين لا منتجين وان نكون عبئا على المجتمع ,فهي من يكسر أجنحتنا ويحول بيننا وبين تحقيق أحلامنا".

ويستذكر مكاوي بعضا من مواطن التقصير والتي لم تقتصر على وزارة الصحة فحسب، بل تعدتها لتشمل رفض بلدية غزة تسهيل إصدار ترخيص مشروعهم البسيط , وتعقيد معاملاتهم .

هم شباب لم تكن الإعاقة يوماً لتشكل بينهم وبين طموحاتهم سدا منيعا ولم تكن كفيلة لتوقفهم عاجزين على أعتاب الزمان  مبررين ظروفهم وأحوالهم , بل إن مجتمعهم هو من لم يرأف بحالهم ولم يعطهم أبسط حقوقهم.