شمس نيوز/ القدس المحتلة
كشفت القناة العبرية العاشرة في تحقيق نادر عرضته ، الليلة الماضية، حول الوحدة الاستخباراتية "504" أن "إسرائيل" تمكنت من اغتيال القيادي خليل الوزير (أبو جهاد) بفضل معلومات استخباراتية دقيقة أهمها قدمها شخص كان من المحيطين به في تونس.
وجاء بالتحقيق الذي بثته القناة بعنوان "ألعاب تجسس الوحدة 504" مقابلات لعاملين سابقين بالوحدة، تولوا مهام تشغيل العملاء في البلدان العربية وتحدثوا عن بعض أساليب عملهم وتجاربهم.
ويروي الجنرال شموئيل ايتنغر نائب قائد "504" سابقا عن اغتيال خليل الوزير، ويقول إنه كان مدرجًا على قائمة المرشحين للاغتيال منذ تنفيذ عملية ميونيخ، ولأنه قائد الجناح العسكري (القطاع الغربي) في منظمة التحرير ونائب رئيسها.
ويتابع الملقب بـ "أبو نمر": "لكنني أحببت أبو جهاد واحترمته كثيرا فقد تعرفت عليه بعمق من خلال التحقيقات والمعلومات الاستخباراتية وتعرفت على كيفية تعامله الراقي مع رجاله، واكتشفت أنه ذكي ومثقف يمتاز برؤية واسعة وعندي ثقة مطلقة لو أن أبو جهاد بقي لكان هو الرجل الذي صنعنا معه السلام الحقيقي، فهو رجل بكل ما تعنيه الكلمة ولكننا تنازلنا عنه".
ويزعم أنه من أجل تنفيذ الاغتيال لجأ لمخبر كان يعمل في محيط أبو جهاد في تونس، مكتفيا بالقول إنه شاب ويرغب بمقارعة من كانوا حول أبو جهاد.
ويكشف أن رئيس حكومة الاحتلال وقتها اسحق شامير، رفض المصادقة على عملية الاغتيال إلا بعد سماعه مباشرة للجاسوس مصدر المعلومات الأساسي عن خليل الوزير والاحتفاظ به في البلاد ريثما تنجز المهمة، وفعلا هذا ما تم.
ويوضح أنه تم استقدامه إلى "تل أبيب" عن طريق عدة دول أكثر من مرة، وفي واحدة منها تم إيداعه داخل شقة وإغلاقها عليه من منطلق أنه مخبر ولا يستحق الاهتمام به أكثر من ذلك.
ويتابع "استفزني ذلك وفي إحدى المرات اصطحبته إلى بيتي وتعرف على عائلتي وكان يلهو مع أولادي وهو يستحق الاحترام فبفضل خدماته تم إنقاذ مئات من اليهود".
ويزعم ايتنغر أن الجاسوس الذي لم يقدم أي تلميح عن هويته سوى عن كونه شابا يرغب بالمقارعة والانتقام يقيم اليوم في دولة أجنبية، وأنه ما زال على اتصال معه بعدما أجروا له وقتها حفلة وداع ومنحوه مبلغا دسما مقابل خدماته.
وفي الاحتفالية ألقيت كلمات وهو بنفسه أيضا تحدث وكان رئيس الاستخبارات العسكرية في تلك الفترة الجنرال الراحل أمنون ليبكين شاحك قد عرض عليه البقاء في "تل أبيب" والإقامة بها".
كما زعم ايتنغر أن الجاسوس الشاب سئل عن مركبة تقف في مدخل بيت أبو جهاد وفيها شخصان بشكل دائم فقال "هذا محمد وعبد الله وهما يغطان دائما في نومهما داخل المركبة ولا تكترثا بهما، وبالفعل حينما اقترب أحد جنودنا المشارك بالعملية قرع نافذة المركبة وبيده خريطة كأنه يرغب بالسؤال عن الطريق، وفي ثوان تمت تصفيتهما، ولما انتهت العملية بنجاح قال الجاسوس متسائلا: الآن اعتقد أنكم تصدقونني وتثقون بي".
ويشير الى أن كافة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فشلت قبل ذلك باغتيال الوزير بسبب نجاحه في اكتشاف المحاولات.
واعترف المسؤولون السابقون بفشلهم باغتيال الراحل ياسر عرفات عدة مرات في لبنان بسبب تدابير الأمن والحيطة التي قام بها.
واعتبر التحقيق التلفزيوني أن الوحدة 504 وحدة استخباراتية صغيرة مقارنة مع "شقيقتها الأكبر الوحدة 8200" تمتاز بكفاءات رجالها وإجادتهم للغة العربية ومعرفتهم الواسعة للثقافة العربية وبقيامها بأعمالها دون أي ضوابط أخلاقية أو خطوط حمراء.
وردا على سؤال يقول الجنرال في الاحتياط داني عفروني قائد لواء الشمال في "504" سابقا خلال التحقيق إن معظم الجواسيس يأتون ويعرضون خدماتهم، وإن تشغيلهم يتم من خلال نقاط ضعف كالرغبة بالانتقام والحصول على المال أو الحشيش أو النساء.
وتابع: "في أحيان كثيرة كان هؤلاء الجواسيس يكتشفون أنهم يعملون مع مخابرات إسرائيلية لا أجنبية في مرحلة متأخرة من تجنيدهم، وقبيل عملية التجنيد كنا نجري تحقيقات حول الشخص من هو وفي أي حي ترعرع وفي أي مدرسة تعلم من أجل استكشاف نقاط الضعف هذه ومنها نتسلل".
وهذا ما أكده الجنرال في الاحتياط أهرون فاركاش قائد سابق للوحدة "504" لافتا إلى أن التجنيد يتم عادة مقابل خدمات في مجالات السياسة والدين والجنس.
وزعم الضابط المكنى "أبو الليل" أن الوحدة جندت موظفة بنك في بيروت لتتقرب من مصطفى الديراني القيادي في حزب الله لمعرفة معلومات عن ملاح الجو الإسرائيلي الأسير رون أراد.
ونقل عنها القول "كان الديراني يحتفظ بأراد داخل بئر جافة وقد أعدت له مرة الطعام، ولاحقا زودتنا بتفاصيل كثيرة ومثيرة منها أنه ينام والمسدس تحت مخدته وقد تقربت من شقيق الديراني الذي ضبطهما ذات مرة ولاحقا تم اغتيالها بواسطة راكب دراجة في بيروت".
وكشف يائير رافيد (أبو داوود) نائب سابق للوحدة كيف قام بتجنيد تاجر مخدرات لبناني يدعى محمد بيرو الذي تعهد بتجنيد عملاء لإسرائيل مقابل السماح له بالمتاجرة بالسموم في جنوب لبنان دون إزعاج.
ولاحقا تم اعتقاله بعد نجاح حزب الله بأسر الجنرال في الاحتياط الجنان تننباوم. وعبر عن ثقته بأن بيرو الذي أعلن عن موته مريضا في السجن الإسرائيلي قد قتل على يد المخابرات الإسرائيلية بعد حادثة تننباوم التي اتهم بالمشاركة فيها، ورسميا قيل إنه مات متأثرا بـ "التهاب في الرئتين أصيب به".
وتابع "كان الرجل بحالة جيدة وكيف يعقل أن يموت بعد يوم من التهاب في رئتيه؟".