شمس نيوز / علي الهندي
يبدو أن المناسبات الفلسطينية الوطنية كذكرى رحيل الرئيس السابق ياسر عرفات التي يحييها الفلسطينيون اليوم، لم تعد سببا في التفاف الجميع حول مشروع القضية الفلسطينية والانتباه للمخاطر المحدقة بها، بل أصبحت فرصة لتجديد المواجهات الداخلية وتوجيه الاتهامات هنا وهناك، رغم كل القضايا الهامة الأخرى التي تفرض نفسها ويمر بها الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة أو الضفة الغربية أو قطاع غزة.
ويجمع الكثير من المحللين والمراقبين أن خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الحشد في مقر الرئاسة برام الله اليوم الثلاثاء، لم يرقى لحجم المناسبة الوطنية لشخص ياسر عرفات الذي عاش وقضى من أجل فلسطين والقدس، بل غابت هذه الشعارات الوطنية وطغت عليها شعارات الفرقة والاتهامات الداخلية التي تزيد من عمق الأزمة القائمة بدلا من طرح حلول واقعية لها من قبل المسؤولين.
ذكرى فلسطينية
في هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل الفلسطيني طلال عوكل أنه وفي ذكرى رحيل ياسر عرفات كان من المفترض أن يكون البيت الفلسطيني مظلة تتسع للجميع ونتجاوز في ذكراه كل مشكلاتنا وخلافاتنا الداخلية القائمة.
وأضاف عوكل في حديثه لـ"شمس نيوز" : في هذا الوقت، نحن أحوج ما نكون لخطاب الوحدة الجامع للكل الفلسطيني، على الأقل في رسالتنا أمام العالم العربي والمجتمع الدولي الذي يتابع قضية فلسطين، حتى نؤكد للجميع أن أولوياتنا هي مجابهة الاحتلال ومخططاته تجاه وطننا، لا ان نتحدث عن الأوضاع الداخلية التي تزيد الأمور سوءً على سوأتها".
ولفت عوكل إلى أن الوضع الفلسطيني الداخلي متوتر جدا وهناك أزمة ثقة عميقة في العلاقات الوطنية ، وأن أجواء التوتر والتصعيد هي السائدة فلسطينيا نتيجة عدة أحداث جرت مؤخرا من بينها تعطيل المهرجان المركزي لحركة فتح في غزة.
وحدة وطنية
وشدد المحلل السياسي على أن " المشكلة الكبيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، أن اسرائيل أصبحت تأكل الأخضر واليابس وتتعمق في مخططاتها العنصرية الخطيرة في كل من القدس والضفة الغربية وأراضي الـ48" ، مضيفا : لذلك نحن بأمس الحاجة للوحدة الوطنية لتعزيز مواجهة ومجابهة هذا الاحتلال".
وبيّن عوكل أن المصالحة الفلسطينية تمر بانتكاسة كبيرة ، يجب تجاوزها من خلال تغليب صوت العقل من جميع الاطراف، وتقدّم الفصائل الفلسطينية بمبادرات سريعة لإعادة تصحيح الأمور ومعالجتها ، حتى لا تتفاقم العلاقات وتذهب نحو التوتر والتصعيد الذي سيكون له تداعيات صعبة على الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
وكان عباس قد شن هجوما شديدا على حركة حماس خلال خطابه اليوم في مقر الرئاسة ، متهما قادة الحركة بالمسؤولية عن التفجيرات التي طالت منازل قيادات فتح بغزة، وساوى أيضا تصريحات حماس بتصريحات الإسرائيليين.
فيما ردت حماس بالقول : إن خطاب عباس "فئوي حزبي توتيري مقيت وغير مسئول ، فيه تهرب واضح من مسئولياته تجاه غزة وحصارها ومعاناتها وإفشال للمصالحة وتعطيل للإعمار بفتح جبهة مواجهة وافتعال أزمة مع حماس".
حدة التوتر
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي من رام الله د.عصام شاور أن خطاب الرئيس عباس اليوم، زاد من حدة التوتر السائدة ، رغم أنه كان من المتوقع أن يكون الخطاب في هذا المناسبة الوطنية خطابا تقاربيا تصالحيا لتخفيف حدة الأزمة الداخلية والعودة للمصالحة وتعديل المسار الى منحاه الصحيح.
وأشار د.شاور في حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أن الخطاب تناول الشأن الداخلي والعلاقة مع حركة حماس بشكل كبير، رغم وجود العديد من القضايا والموضوعات الأكثر أهمية والحاحا على الساحة الفلسطينية كان من المفترض الحديث عنها، مثل التصعيد الاسرائيلي الخطير في القدس والضفة وتعثر عملية اعمار غزة ودور حكومة التوافق الوطني.
وتابع المحلل السياسي بالقول : يبدو اننا عدنا للوراء خطوات، وخطاب اليوم يحمل مؤشرات بالعودة إلى التصعيد بين حركتي فتح وحماس، مؤكدا أنه رغم ما حصل في غزة من الغاء المهرجان المركزي لحركة فتح ووجود هذا الخطاب اليوم، إلا أنه لابد للجميع من العودة لأجواء المصالحة وتعديل المسار في الاتجاه الصحيح في ظل التصعيد الاسرائيلي الخطير الذي يمارسه الاحتلال في القدس والضفة المحتلة.