غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

حرية «رهف القنون» المفقودة

قلم

بقلم: سما حسن

لماذا نعطيها أكثر من حقها لكي تنال أكثر مما نالت؟ لماذا أصبحت حديث الفضائيات وتصدرت تحركاتها كل مواقع التواصل الاجتماعي؟ فالأمر يبدو عادياً ونتيجة طبيعية لما تعانيه أي امرأة أو فتاة في مجتمع مثل مجتمع الفتاة الهاربة إلى الحرية "رهف القنون"، والتطبيل والتزمير لها بهدف تشجيع أخريات لكي يحذين حذوها. والمسكوت عنه أن هناك نساء وفتيات يقمن بكل ما فكرت وحلمت به الفتاة رهف وهن في ربوع بلادهن، ولا يفعلن ذلك إلا من باب أن كل ممنوع مرغوب، ولأن الإسلام تغير مفهومه وأصبح لدى بلادهن تزمت في المظهر، والبعد عن الجوهر وتوريث سلطة الأب إلى الابن.

 القضية تبدو عميقة وخطيرة لأن الفتاة التي هربت من أسرتها بحثا عن حريتها تم وضعها تحت المجهر الإعلامي انتقاماً من الموروث الديني والمجتمعي في بلدها تحديداً، فيما تهرب فتيات كل يوم من بيوت ذويهن بحثاً عن الحرية ورفضاً لقوالب مجتمعية ثابتة، كالزواج ممن يقرره الأهل، ولكن دائماً ما تفشل هؤلاء الفتيات ويصبحن طرائد سهلة لأن المجتمع حولهن هو الصورة المكبرة لمجتمع الأسرة والسلطة الأبوية، ولكن الخروج لبلد آخر لا يحقق لهن ما يردن ويكتشفن بعد فوات الأوان أن كل واحدة قد أصبحت سلعة إعلانية الغرض منها تشويه صورة العرب والمسلمين.

الفتاة الصغيرة رهف (مواليد العام 2000) تقول إنها هربت من بيت أسرتها بسبب طلب أمها المستمر منها بأن تغسل الصحون في المطبخ، وقد هربت إلى بلد أدخلها مطبخه السياسي وسرعان ما تنضج الطبخة أو تحترق وتنفرد رهف بنفسها، وتكتشف أنها استقبلت في كندا استقبال الأبطال وتم تعيين حارس شخصي لها ليس بسبب مناصرة قضيتها التي تحدث كل يوم في البيوت العربية وغير العربية، فالفتاة في سن ترى أن حريتها تقمع حين تدخل المطبخ، وترى أن حريتها تخنق حين يختار لها أهلها شريك حياتها أو أن يرفضون تزويجها بمن اختارته، وفي كلتا الحالتين هي لا تستطيع أن تتحكم بمشاعرها، وترى التمرد هو الرد الأمثل على ذلك الذي تسميه قمعاً، ولم تتساءل لحظة عن سبب الترحيب بها بكل هذه الضجة فيما يفد آلاف اللاجئين إلى كندا، ولا يتابعهم الإعلام ولا الزعماء السياسيون بهذه اللهفة والحفاوة، ولم تدرك بعد بأن الفتور الإعلامي سوف يصيب قضيتها مع مرور الوقت، وصلاحية استخدامها سياسياً سوف تنتهي.

أصبحت حقوق المرأة تقحم في كل قضية سياسية والتي يطلق عليها الحركات النسوية الراديكالية لتتحول المرأة إلى سلعة، ولا تأخذ أي قضية نسوية اهتماماً دون وجود مصالح سياسية لدى الدولة التي تتجه لها الفتيات الهاربات بحثاً عن الحرية المزيفة، والتي تتلقفها البلاد الحاضنة بهدف واحد بعيدا عن نصرة قضيتها، والدليل على ذلك موقف الحكومة الكندية من قضية فتاة يمنية وصلت كندا ولم يرحب بها بل قيدت بالأغلال، وسبب هروبها هو نيران الميليشيات الحوثية في اليمن؟ فأي قضية تستحق المناصرة من الإعلام  بدلاً من التركيز على ساقَيْ رهف العاريتين؟

صحيفة الأيام 

جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".