بقلم / عمر حلمي الغول
حلت الذكرى الرابعة لليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين داخل الجليل والمثلث والنقب والساحل في ال30 من يناير الماضي (2019) وهي ذكرى عزيزة على الكل الفلسطيني، لإنها تتعلق بأبناء الشعب العربي الفلسطيني، الذين تجذروا في أرض الأباء والأجداد، ولم يستسلموا لخيار الطرد والتهجير واللجوء، الذي نفذتة العصابات الصهيونية عشية وأثناء وبعد نكبة العام 1948، لتفريغ الوطن الفلسطيني الأم من ابنائه وأهله، وصناع تاريخه ومجده وحضارته. ورغم أنهم ذاقوا الويل وابشع ألوان التمييز والإرهاب الصهيوني والحكم العسكري البشع حتى أواسط الستينيات تقريبا، غير انهم واصلوا التجذر والبقاء، وحموا هويتهم الوطنية، وأكدوا للقاصي والداني أولا في إسرائيل الإستعمارية، وثانيا في العالم كله، أن فلسطين التاريخية، هي فلسطين العربية، ولإبنائها الفلسطينيين العرب من مختلف الأديان والمشارب الفكرية والعقائدية والسياسية.
كان لبقائهم وتجذرهم في مدنهم وبلداتهم وقراهم، حتى رغم التهجير والطرد داخل النطاق الجغرافي، الذي استولت عليه الدولة المارقة والخارجة على القانون، إسرائيل الصهيونية أثر بالغ الأهمية في تأكيد الحقوق الوطنية، ودحض الرواية الصهيونية المزورة والمتناقضة مع معالم التاريخ والجغرافيا والتراث والموروث الحضاري، أضف إلى ان وجودهم كان لعنة وهزيمة للفكرة الرجعية الصهيونية، رغم قيام إسرائيل في البداية (1948/1949)على مساحة 78%، ثم إحتلت كل فلسطين وسيناء المصرية والجولان السورية وأراضي من جنوب لبنان في أعقاب هزيمة 1967، ومازال هذا الوجود يؤرق قادة الحركة الصهيونية وقاعدتها المادية، دولة الإستعمار الإسرائيلية وحلفائها في الغرب عموما وأميركا خصوصا، وسيبقى كذلك إلى ان يعم السلام الممكن والمقبول، وضمان المساواة الكاملة لهم.
ولهذا تجد الحكومات والبرلمانات الإسرائيلية المتعاقبة تلجأ في كل مرحلة من مراحل إستعمارها لفلسطين تضاعف من إنتهاكاتها وجرائم حربها ضد الكل الفلسطيني وبالتحديد في داخل الداخل (1948)، وتوجت تغولها الإستعماري والعنصري العام الماضي (2018) بالمصادقة على قانون "القومية الأساس" العنصري الفاشي، الذي جاء هادفا الرفض المبدئي والكلي للرواية الفلسطينية، ومحاولا تعويم الرواية الصهيونية الفاشلة والفاقدة الأهلية والمصداقية، عندما أكد على أن "حق تقرير المصير على الأرض الفلسطينية، مقتصر على الصهاينة اليهود" ونفى هذا الحق عن ابناء الشعب العربي الفلسطيني، أصحاب الأرض والوطن الفلسطيني، الذين لا وطن لهم غيره، ولن يكون لهم غيره وطن مهما أشتدت وتوسعت جرائم الحرب الصهيونية، وأي كانت اشكال البطش والإرهاب الصهيونية.
وأمام هذا التغول الإسرائيلي الصهيوني فإن الضرورة تملي على ابناء الشعب العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والساحل تعزيز عوامل الوحدة والتكاتف والتعاضد مع بعضهم البعض، وفيما بينهم، وهذة المسؤولية تتضاعف الآن مع إقتراب الإنتخابات للكنيست ال21، وتفرض على القوى السياسية، والمؤسسات الوطنية الجامعة، والمجالس القطرية التحشيد سويا لمواجهة التحدي الصهيوني، الذي يستهدفهم جميعا، ويستهدف الكل الفلسطيني في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وفي الشتات والمهاجر، لإن الصهيونية ودولتها الإستعمارية تخشى الفلسطيني العربي اينما كان، لإنه النقيض التاريخي لها ولوجودها. وبالتالي تصبح الدعوة مجددا لإعادة الإعتبار للقائمة المشتركة ضرورة وطنية، وتخدم الكل الفلسطيني في اراضي ال48، وتحقق المكانة المناسبة واللائقة لكل المكونات السياسية والإجتماعية، ولا تختزل مكانة اي قوة أو شريحة. وبغض النظر عن التباينات القائمة والموجودة بين القوى السياسية، وهي تباينات مشروعة وطبيعية، إلآ انها لا تتناقض مع خيار الوحدة والإئتلاف الوطني الجامع على اساس برنامج الإجماع الوطني لتحقيق المساواة لإبناء فلسطين في داخل الداخل، وتعزز دورهم في دفع ورفع مكانة السلام بالتعاون مع القوى الإسرائيلية المؤمنة بخيار التسوية السياسية، وتعتبر الوحدة الوطنية والشراكة في القائمة المشتركة الرد الطبيعي على قانون "القومية الأساس" الفاشي.
لذا لتتضافر الجهود من اجل ردم الهوة بين المكونات السياسية للقوى الأربع لتعيد الإعتبار للقائمة المشتركة. وحتى ينتصروا على النزعات الشخصية والعائلية والحمولية والمناطقية، ويعيدوا الإعتبار للبعد الوطني الفلسطيني، عليهم ان يغلبوا مصالح الشعب العامة على حساباتهم الصغيرة والفئوية. وكي لا يقعوا فريسة المصيدة الصهيونية، التي يقودها نتنياهو وأقرانه لتفتيت وحدة الشعب على قاعدة ومبدأ "فرق تسد"، فهل ينتصروا لذاتهم ولشعبهم في الذكرى الرابعة لليوم العالمي لدعم حقوقهم في الجليل والملثلث والنقب والساحل؟