شمس نيوز/ وكالات
كشفت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، عن التطبيع الخطير لبعض شركات التكنولوجيا الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي وشركاته، داعية لمقاطعتها حتى تنهي هذا التطبيع.
وبينت اللجنة أن مجموعة من الشركات الفلسطينية تتورط بعلاقات تطبيعية مع الاحتلال، وتساهم بذلك في مشاريع "السلام الاقتصادي" الذي يعدّ جزءاً لا يتجزأ مما يسمى بـ"صفقة القرن" الأمريكية-الإسرائيلية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف.
إن مركز التطوير التكنولوجي "روابي تِك هَب"، (،(Rawabi Tech Hub وشركتي "عسل" و"إكسولت" (Exalt) القائمتين في مدينة روابي، وغيرهم تتعامل مع شركات إسرائيلية متورطة في جرائم الاحتلال.
تتعاقد الشركة الإسرائيلية-الأمريكيّة، "ميلانوكس، ((Mellanox، على سبيل المثال، مع شركاتٍ فلسطينية كشركة "عسل" التكنولوجية، التي يملكها بشار المصري، وتعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الأدمغة الفلسطينية في تنفيذ برمجياتها. في 2016، نقلت شركة ميلانوكس فريقها من المبرمجين الفلسطينيين إلى روابي، [3] وجاء ذلك بعد لقاء بين الرئيس التنفيذي لـ "ميلانوكس" والمصري بضيافة وزير خارجية الولايات المتحدة في حينه جون كيري. تُشرف على هذه الشركة الضخمة نخبةٌ من مهندسي ومطوّري البرمجيات الذين خدموا في وحدة الاستخبارات التقنية (Technical Intelligence Unit)، وفريق البحث والتطوير (R&D Team)، التابعيْن لجيش الاحتلال الإسرائيلي، كما يعدّ جيش الاحتلال أكبر زبائن شركة "ميلانوكس". [4]
تتراوح تبعية شركات تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية، وتختلف طبيعة علاقاتها القسرية أو الطوعية، أيّ التطبيعية، مع البنية التكنولوجية الإسرائيلية الاستعمارية، سواءً في قطاع تزويد الاتصالات وخدمات الإنترنت، أو توريد المعدّات، ولكنّ أخطرها اليوم هي شركات البرمجيات التطبيقية القائمة على مبدأ التعهيد، أو الـ (outsourcing). وتستند هذه الشركات إلى بيع ساعات عملٍ، بأيدي مبرمجين فلسطينيين وبرواتب زهيدةٍ نسبياً، إلى السوق الإسرائيلي والعالمي، دون تقديم أيّ قيمةٍ مضافةٍ لتنمية الاقتصاد الفلسطيني.
تبرز في المستوى الأول في قطاع البرمجيات التطبيقية شركاتٌ فلسطينية، أبرزها مركز التطوير "روابي تك هب"، (Rawabi Tech Hub)، التي تضمّ مجموعةً من الشركات والمبادرات، منها شركة عسل. وفي مقابلةٍ له مع صحيفة (Times of Israel) الإسرائيلية، يقول بشار المصريّ إنّ القرب من "أمّة الشركات الناشئة" (Start-up Nation) إسرائيل هو الميزة الأكبر لروابي تك هب؛ أيّ بمعنى أنّ ميزتنا الكبرى، كفلسطينيين، في نظره هي رزوحنا تحت الاستعمار والاحتلال الإسرائيلي.
وفي المستوى الثاني، تبرز شركاتٌ إسرائيليةٌ تعمل في الأراضي المحتلّة عام 1967، مثل شركة "فريتوس"، والتي لديها مكتبان، في القدس ورام الله المحتلّتيْن، أشرف مديرها التكنولوجي فريد قدّورة على نحو 70 موظفاً بقسم البحث والتطوير، حسب وكالة "رويترز" العالميّة في عام 2017. [5] وتنظّم شركة "فريتوس" رحلات عملٍ "ترفيهية" تطبيعية بين موظفين فلسطينيين وإسرائيليين، [6] فضلاً عن ورشاتٍ مهنيّةٍ في الجامعات الفلسطينية. [7]
ووفقاً لوكالة رويترز، تتعاون شركة "فريتوس" الإسرائيلية مع صندوق "صدارة فينتشر" التطبيعي بامتياز، والذي يملكه الفلسطيني سعيد ناشف والإسرائيلي يادين كاوفمان. وتقوم "صدارة فينتشر"، والتي تشرف على عدد من الشركات الناشئة مثل "يا مسافر"، و"ويب طيب" وغيرها، بمشاريع تطبيعية عدة تشرك فيها الطاقم العامل لديها. [8] وعلاوة على ذلك، تحارب "صدارة فينتشر" والقائمون عليها جهود حركة المقاطعة (BDS) العالمية، إذ طرحت نفسها بديلاً لسحب الاستثمارات من الشركات المتورّطة في انتهاكات الاحتلال في العامين 2012 و2013، مما يجعلها متورطةً في خدمة الحرب الإسرائيلية ضد حركة المقاطعة. [9]
وحسب مجلة "فوربس" الاقتصادية، يهيمن على أكثر من ألف شركة في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي جنودٌ وضباط خدموا في وحدة (8200) الشهيرة، وهي وحدة الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن التجسّس الإلكتروني وقيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي. [10]
ونظّمت إحدى هذه الشركات، "ويكس"، (،(Wix التي أسّسها أفيشاي أبراهامي، وهو ضابطٌ سابقٌ في الوحدة (8200)، [11] بالتعاون مع شركة "عسل" التي يملكها بشار المصري، في العام الماضي مسابقة تكنولوجية، تمّ على إثرها توظيف مجموعة من المطوّرين الفلسطينيين، الموظّفين رسميّاً في شركة عسل، وتمّ التعاقد معهم للعمل مع مختلف الفرق في الشركة الإسرائيلية. [12]
ولا يعلم المبرمجون الفلسطينيون إن كان إنتاجهم سيخدم جيش الاحتلال أو استخباراته أو وزاراته أم لا، فالمبرمج الفلسطينيّ لا يقوم إلّا بتنفيذ التعليمات المحددة التي تأتيه من الشركة الإسرائيلية "الأمّ"، التي تستعين بدورها بوسطاء كروابي تك هب، لتوظيف أيدٍ عاملة رخيصةٍ، تمهيداً لتسويق منتجاتها لزبائنها في دولة الاحتلال وحول العالم. [13]
انتصاراً للكرامة الوطنية التي أبت أن تتلطّخ تحت وطأة الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة والإغراءات والامتيازات التي يُروج لها أقطاب "السلام الاقتصادي" المزعوم، فإنّ اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، قيادة حركة المقاطعة (BDS)، تدعو كافة أطياف شعبنا إلى التصدّي للمشاريع والشركات التطبيعية التي تحاول جرّ قطاعاتٍ شبابيةٍ في القطاع التكنولوجي إلى مستنقع التطبيع.
وإن كان التطبيع مرفوضاً ومداناً في كلّ وقتٍ من قبل الغالبية العظمى من شعبنا، فهو يصبح أكثر خطورةً بما لا يقاس حين يتزامن مع حرب الإبادة المتدحرجة التي يرتكبها نظام الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي بحق شعبنا منذ 71 عاماً، لا سيّما في ظل تصاعد فكرة القيادة البديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا)، و"السلام الاقتصادي"، ومدّ جسور التطبيع الأمني والاقتصادي مع أنظمة الاستبداد العربي.
وعليه تدعو اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، أوسع ائتلاف في المجتمع المدني الفلسطيني وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، إلى: مقاطعة الشركات التكنولوجية الفلسطينية المتورّطة في التطبيع والضغط لسحب تراخيصها، وإنهاء تواجد شركات إسرائيلية، كـ "فريتوس"، في سوق العمل الفلسطيني، وإنهاء التعامل مع الشركات الإسرائيلية والدولية المتورطة في جرائم الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي.
**
[1] مقابلة مع جريدة هآرتس، 2018/6/11.
[2] مقابلة مع جريدة تايمز أف إسرائيل، 2018/2/4.
[3] جريدة هآرتس، رابط
[4] الموقع الرسمي لشركة "ميلانوكس"، (Mellanox)، رابط.
[5] رويترز، "في الضفة الغربية.. صندوق لرأس المال المخاطر يسعى وراء عوائد شركات التكنولوجيا"، رابط.
[6] مراسلات حصلنا عليها من موظفٍ سابقٍ في الشركة.
[7] جامعة البوليتكنك، كلية تكنولوجيا المعلومات وهندسة الحاسوب، رابط.
[8] وكالة رويترز، رابط.
[9] موقع"إليكترونيك انتفاضة"، رابط.
[10] مجلة "فوربس"، "داخل ماكينة إسرائيل السرّية للشركات الناشئة"، رابط.
[11] الموقع الرسمي لشركة "ويكس"، (WIX)، رابط.
[12] موقع "Nocamels" الإسرائيلي، "وظّف جيرانك"، رابط.
[13] مقابلة خاصّة مع موظف في شركة عسل.