بقلم/ هاني حبيب
في العاشر من الشهر الجاري، نشر روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، مقالاً على موقع المعهد، تعليقاً على مقابلة أجراها مؤخراً مع مستشار البيت الأبيض لعملية السلام في الشرق الأوسط جاريد كوشنر، المقالة بعنوان: «خطة جاريد كوشنر قد تكون كارثية» خلص ساتلوف من هذه المقابلة إلى أن جوهر الخطة يهدف إلى توفير الأمن للإسرائيليين وتحسين نوعية الحياة للفلسطينيين» ويعلق ساتلوف: كان من الصعب جداً استخلاص تعاطف كوشنر مع التطلعات السياسية الفلسطينية، في حين أن الخطة ستتركز على جعل «المنطقة» الفلسطينية مصدر جذب للاستثمار كوسيلة لتحسين حياة الفلسطينيين، هناك العديد من النقاط الهامة في هذه المقابلة، لذلك سنتناول ما له علاقة مباشرة بورشة المنامة حول الحل الاقتصادي، دون أن نشير إلى أن كوشنر مضى إلى الإقرار بأن الفشل هو الخيار الأكثر احتمالاً وأن الرهان على المال أسهل» هذا بالحرف ما قاله ساتلوف نقلاً عن كوشنر، وللاطلاع الضروري على هذه المقابلة الهامة، يرجى فتح موقع «معهد واشنطن» للاطلاع على مزيد من النقاط الهامة في هذه المقابلة.
نخلص من هذه المقابلة في سياق المؤتمر الاقتصادي في البحرين، ذلك أننا نقدر أن هناك إحساساً أميركياً بعدم نجاح ما تبقّى من خطة ترامب بعد إزاحة أهم ملفات الحل النهائي من الطريق: القدس وحق العودة واللاجئين، لكن إدارة ترامب كانت قد وعدت بطرح هذه الخطة بتفاصيلها بعد شهر رمضان وبعد تشكيل حكومة نتنياهو الخامسة، إلاّ أن هذه الخطة لن يُكتب لها النجاح، لذلك لن يتم طرحها، وللتغطية على هذا الفشل، فإن القول يطرح الملف الاقتصادي كجزء من الخطة في مراحلها الأولى، كفيل بالتغطية على هذا الفشل في طرح الخطة في الموعد الذي تم تحديده مسبقاً بعد تأجيل عدة مرات!
سبب فشل هذه الخطة في مراحلها اللاحقة يعود بشكل جوهري إلى الرفض الفلسطيني القاطع لها، الأمر الذي لم يوفر لأي نظام عربي رسمي، التعامل المعلن معها ولم تنجح الضغوط المعلنة وغير المباشرة على القيادة الفلسطينية لتغيير موقفها من هذه الخطة، إضافة إلى أن إسرائيل حصلت على معظم ما تريد من هذه الخطة منذ الإعلان الأميركي حول القدس عاصمة لها ونقل السفارة الأميركية إليها، وإغلاق ملف اللاجئين وحق العودة وتشجيع أميركي لضم الضفة الغربية وأجزاء هامة منها إليها. إسرائيل حصلت على هذه الملفات الرئيسية مجاناً ومن دون أن تقدم أي ثمن، فلم المغامرة في هذه الحال على ما تبقّى من هذه الخطة؟!
استمرار المبعوث الرئاسي الأميركي غرينبلات بمهاجمة القيادة الفلسطينية إنما هي إحدى الدلائل على فقدان إدارة ترامب الصبر على تحدي القيادة الفلسطينية لهذه الخطة، محاولة بائسة منها لتحميل الجانب الفلسطيني فشل هذه الخطة، وهي محقة في ذلك بالنظر إلى أن هذه الخطة إنما تستهدف تصفية القضية الفلسطينية نهائياً.
إضافةً إلى مخاطر «ورشة السلام من أجل الازدهار» في المنامة، في التركيز على الأبعاد الاقتصادية كبديل عن جوهر الصراع السياسي بامتياز، فإن مشاركة إسرائيل في هذه الورشة، يضفي على الدولة العبرية وكأنها تبحث عن «السلام» مثلها مثل النظام العربي، وهي «شريكة» معه وبه في هذا التطلع، هي إحدى دول «المنطقة العربية» وفي إطار هذا النظام من ناحية البحث عن حلول، والحل الاقتصادي يشكل النموذج الأفضل بوصفه الحل «الأسهل» كما يقول كوشنر في المقابلة مع ساتلوف، وربما محاولة استنساخ هذا الحل عبر «بروفة» تجري في قطاع غزة في سياق الأمن مقابل الغذاء، ما يشجع أطرافاً عديدة على انتهاج هذا الحل بديلاً للحل السياسي!
عن "جريدة الآيام"
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"