د. هاني العقاد
كان متوقعا ان تلجأ امريكا لعقد مؤتمر اقليمي لتمويل الصفقة، وكان متوقع ان تستضيفه دولة خليجية ليست ذات تأثر او لا يهمها سمعتها العربية ولا تكترث إذا ما قيل انها مع او ضد صفقة القرن فقد سلمت ارادتها لأمريكا وهي التي تقرر كل شيء.
لعل المؤتمر الذي اطلقوا عليها اسم" السلام من اجل الازدهار" لا يعدو اكثر من اجتماع اقليمي لجمع الاموال التي تريدها واشنطن لتمرير صفقتها وقد لا تتجاوز حدود الخليج العربي ولا يمكن باي شكل من الاشكال ان تفهم الا على انها جزء ورشه للتغطية على فشل الصفقة بعد رفضها ولم يقبلها الفلسطينيين او يقبلوا حتي الاطلاع علي بعض بنودها او حتي سماع اسمها فكلما ذكر الاعلام اسمها اصيب الفلسطينيين بدوار يأخذا افكارهم بعيدا و يشحذ فيهم الهمم للصمود في وجه اي حصار امريكي اسرائيلي لإجبارهم على الاستسلام والقبول بما تطرحه ادارة ترامب ، الفلسطينيين كانوا ومازالوا يرفضوا اي خطة او كما يسموها صفقة أو حتي حل الدولتين بعد اعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة الامريكية الي القدس والاصرار علي اخراج قضايا القدس واللاجئين والحدود من ملف الصراع ولا حديث فيهما ولا تفاوض حولهما على اعتبار ان هذه خطوة مسبقة في مرحلة مهمة وكبيرة في الصفقة لتحديد معطيات ضمن اي حل قادم يتطرق اليه اطراف الصراع .
رفضت القيادة الفلسطينية الذهاب الي المنامة لحضور مؤتمر تمويل صفقة القرن وهذا اقل رد فعل على عقد مثل هذا المؤتمر الذي سيباح فيه كل ممنوع على مدار عقود الصراع المختلفة هذا المؤتمر الذي قرره الامريكان وحدهم واملوا عقده على البحرانين دون فرصه لهم لان يناقشوا اهدافه او حتي الاطراف المشاركة فيه، من يقرر مشاركة الدول هي الادارة الامريكية وهي من ترسل الدعوات ولسانهم الذي سيتحدث حول الامن والاستقرار الذي ستوفره الصفقة للمنطقة، هم من سيفتح الخزائن لتمتلئ بالأموال وهم من سيحدد نجم هذا المؤتمر وهو بالطبع نتنياهو وعصابة اسرائيل العنصرية المجرمة التي تحاصر الفلسطينيين وتهود المقدسات وتترك مجرميها ينتهكوا الحرمات في الباحات المقدسة، في المنامة تغتصب الكرامة والعروبة من وريدها الي قاعها وتباع اثواب الكرامة والشرف بثمن بخس او حتي بلا ثمن، في المنامة لن تبقي كرامة لمن يدفع فلس واحد للأمريكان ليمولوا صفقتهم التصفوية ولن نعترف نحن العرب به عربيا دمه من دمنا ولغته لغتنا فقد ودفع لهم مقابل اعطاء القدس لليهود ومقابل اعترافهم بان هذا التاريخ ليس للعرب ولا للمسلمين، سيسجل التاريخ ان من سيدفع فلسا واحدا بانه متأمر خائن يدفع لتغتصب كرامته وشرفه وعروبته وكبريائه ونسائه وتقتل أطفاله تحت جنازير الدبابات وبالمدافع وعلى الارصفة وفي المدن والقري والحارات والمساجد، لا اعتقد ان اي فلسطيني وطني منتمي للقضية والارض والانسان الصابر الصامد على هذه الارض يمكن ان يقبل بان يشارك في مهزلة ما يسمي "مؤتمر السلام والازدهار" وبالتالي فان الفلسطينيين لن يمثلهم اي احد وان كان احد من الذين يدعوا انهم فلسطينيين من رجال الاعمال سيحضر المؤتمر فانه يحضره باعتباره اسرائيلي او امريكي ليس اكثر .
ان كنتم عرب ومن صلب الاعراب وتغاروا على عروبتكم وشرفكم وكرامتكم ومقدساتكم لا تدفعوا فلسا واحداً للأمريكان أفشلوا مؤتمرهم ارجعوهم على احقافهم ردوهم خائبين ليعرفوا ان للعربي كرامة لا تقبل المساومة على ارضه ومقدساته لن يقبلوا بان يساقوا كالأنعام الى اصطبلات الخيانة والعار، لكم الحق ايها لعرب في وطن اسمه فلسطين ولكم الحق في القدس العاصمة الابدية لهذا الوطن التي اهداها الامريكان علنا لليهود، انها قدس العرب وقضية العرب وكبرياء العرب.
ان كنتم عرب لا تسمحوا لنتنياهو وزمرته باعتلاء منصتكم والتحدث عنكم كشركاء فأنتم في نظرة اغبياء، لا تسمحوا لطائراتهم بالهبوط في مطاراتكم ولا تستقبلوهم كبشر فوق البشر ساميين مختلفين عن كل الامم.
ايها العرب لا تبيعوا اخر ما يستر عوراتكم من اثواب للأمريكان واعوانهم لأنهم بدونكم لن يحققوا شيء ولن يفعلوا شيء بل ستفشل كل مخططاتهم الرخيصة. في المنامة يعتقد الامريكان انهم سيحققون مبتغاهم ويجمعوا أكثر ما توقعوا من اموال، وفي المنامة يعتقدوا ان صفقتهم ستري النور ويوافق عليها ارباب المال والنفط بالعالم من الخليج وتجد الطريق الذي تطبق فيه باقي مراحلها ليتم وضع الفلسطينيين امام الامر الواقع، شاركوا في المؤتمر ام لم يشاركوا وافقوا ام لم يوافقوا.
جاء الامريكان الي المنامة لانهم يعرفوا ان صفقتهم فاشلة وهم من افشلها بإعلانهم القدس عاصمة اليهود واعترافهم بهذا، جاءوا ليسوقوا ما تبقي من سقوط عربي على انه ازدهار ويورط العرب في الصفقة بمالهم , جاء الامريكان الى المنامة ليلتفوا على الموقف الفلسطيني الرافض تماما اي تعاطي مع الصفقة بكل جوانبها السياسية والاقتصادية، جاء الامريكان ليغطوا فشلهم بالمال العربي وينسجوا نجاح وهمي لمساعيهم التي ما تركت بابا الا وطرقته لتجبر الفلسطينيين على التعاطي معهم الا ان الفلسطينيين وما بقي من شرفاء الامة رفضوا ذلك رفضا قاطعا .
ومازال الفلسطينيين لا يريدوا ان يسجل التاريخ بحروف الخزي والعار ان الصفقة الامريكية التي استهدفت القضية الفلسطينية وصفت قضاياها الكبرى من حدود ولاجئين وقدس ومياه وارض وسماء مولها العرب ودفع العرب ثمنها من اموالهم وضرائب ابنائهم واثمان ثرواتهم، مولوها من الفها الي يائها ومن المنامة كانت البداية وفي المنامة كان قمة الانحطاط العربي والسقوط المدوي لكل مفردات العروبة ومعاني الكرامة التي تعلمها ابناء الامة العربية في مدارسهم وجامعاتهم.