شمس نيوز / عبدالله عبيد

يوم بعد يوم، تزداد معاناة العالقين على معبر رفح، بعد إغلاقه من قبل السلطات المصرية، للأسبوع الرابع على التوالي تحت ذرائع أمنية، لتنفد منهم أموالهم، و تسوء أحوالهم، فلا يجدون مأوى يقيهم برد الصحراء، ولا قريب أو بعيد يشفق عليهم، فضاقت بهم الأرض بما رحبت، ولسان حالهم يقول : وظلم ذوي القربة أشد مضادة... على النفس من وقع الحسام المهند.

وتفاقمت بشكل كبير أزمة المسافرين الفلسطينيين العالقين في الأراضي المصرية، وغالبيتهم من المرضى ومصابي الحرب الإسرائيلية الأخيرة، مع استمرار إغلاق السلطات المصرية معبر رفح منذ أكثر من أربعة أسابيع، بعد أن أغلقت مصر المنفذ الوحيد لسكان غزة على العالم عقب مقتل 30 جنديا مصريا على أيدي مسلحين مجهولين.

وأطلق العالقون في مصر مناشدة ، طالبوا فيها الرئيس محمود عباس والمسؤولين بالعمل على إنهاء معاناتهم، والسماح لهم بالعودة إلى غزة، بعد أن أكمل المرضى منهم العلاج في الخارج.

وبسبب طول مدة إغلاق البوابة الجنوبية لقطاع غزة، نفدت الأموال التي كانت بحوزة هؤلاء العالقين.

وأثّر إغلاق المعبر أيضا على العالقين في قطاع غزة، مثل المرضى والطلبة ورجال الأعمال الذين تضرروا من جراء إغلاقه.

نفد المال

الشاب حسن خالد،عالق في الجانب المصري، منذ إغلاق معبر رفح قبل أكثر من 20 يوما، يشكو نفاد ما لديه من نقود، حيث يقول: الأسعار في مصر غالية جداً ومصاريفها متعبة، والناس بشكل عام أفلست ولم يبق معهم أي مليم".

وأضاف خالد لـ"شمس نيوز": الناس بتروح على السفارة وهي بتبكي، ما معها أجرة لبيت يسكنوا فيه، ولا حتى لطعام يتغذوا فيه"، منوهاً إلى أن السفارة الفلسطينية في القاهرة تقوم بإذلال هؤلاء العالقين وتعاملهم كما تعامل "الجرذان".

وأضاف: السفارة كل ساعة تأتي لنا بخبر، مرة ابعتوا أسمائكم، ومرة ابعتوا صور الجواز ومرة إلي معو تحويلة"، لافتاً إلى أن هناك مرضى عالقين يعانون الأمرّين في مثل هذه الظروف.

معاناة مستمرة

أما المواطن أبو محمد، وهو عالق أيضا في مصر، فيقدّر عدد العالقين بزهاء ثلاثة آلاف شخص، يعانون الويلات في ظل استمرار إغلاق معبر رفح، مشدداً على أنه لو فُتح المعبر لهم 3 أيام لحلت المشكلة كلها.

وقال أبو محمد لـ"شمس نيوز": المشكلة أن ليس هناك مسكن لنا وأموالنا بدأت بالنفاد، قبل أسبوع توجهنا للسفارة بعدما سمعنا عن مساعدات للسكن، أعطونا 500 جنيه مصري، بعد خروج الروح وهذا المبلغ لا يكفي لشيء".

وبالنسبة لإعادة العالقين لدى الجانب المصري من معبر رفح عبر حاجز بيت حانون "إيرز"، بيّن أن السفارة نفت لهم هذا الخبر، مستدركاً: لكن الناس العالقين هنا منقسمون في هذا الموضوع، منهم من يريد أن يغادر عبر معبر إيرز، وهناك من عليه إشكاليات لا يرغب بذلك"

لا اهتمام بالعالقين

من جهته، انتقد ماهر أبو صبحة، رئيس هيئة المعابر والحدود، السياسة التي تتبعها السفارة الفلسطينية في القاهرة مع العالقين، محذراً في الوقت ذاته من محاولة إعادة العالقين لدى الجانب المصري عبر حاجز بيت حانون "إيرز".

وقال أبو صبحة في حديثه لـ"شمس نيوز": هناك حوالي 6000 عالق الآن هم يستنجدون للعودة وانتهت أموالهم، والكثير منهم أبلغنا أنه لا يوجد لديهم غذاء ولا مسكن"، مؤكدا أن الاهتمام بالعالقين هو من واجبات السفارة الفلسطينية

وأضاف: دور السفارة في أي دولة حل مشاكل الرعايا في هذه الدولة، لذلك على السفارة الفلسطينية أن ترعى العالقين وأن تعمل على حل مشاكلهم كاملة"، داعياً السفارة لوقف التلاعب في مشاعر العالقين، والوقوف أمام مسؤولياتها تجاههم.

تقديم مساعدات

بدوره، أكد السفير الفلسطيني بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية جمال الشوبكي، أن السفارة قامت بإعداد قوائم بأسماء العالقين وتسليمها لوزارة الخارجية المصرية بغرض إنهاء أزمتهم وإيجاد طريقة مناسبة لعودتهم إلى قطاع غزة، إلّا أنها ما زالت بانتظار الرد.

وأشار الشوبكي في تصريحات صحفية، إلى أنه تم تقديم مساعدات لعشرات العالقين، "إذ قدمنا لبعضهم مساعدات مالية ووفرنا للبعض الآخر شققًا سكنية، كما قدمنا مبلغ 500 جنيه لكل حالة تنطبق عليها الشروط التي وضعتها السفارة" بحسب تعبيره، موضحاً أن المساعدات شملت من هم بحاجة ماسّة للمساعدة، إضافة إلى الذين حوّلوا للعلاج في مصر عبر السلطة الفلسطينية.

ولفت إلى أن عدد العالقين المحصورة أسماؤهم يتراوح ما بين الـ 3500- 4000 عالق، مشيرا إلى أن الجانب المصري وضع شرطًا لإنهاء أزمة معبر رفح بشكل جذري وتقديم تسهيلات للفلسطينيين عبره، وهو تمكين حكومة التوافق الوطني الفلسطيني من العمل في قطاع غزة، وبسط سيطرتها على المعبر.

وحول إمكانية ترحيل العالقين عبر معبر بيت حانون "إيرز"، بين الشوبكي أن هذا الأمر وارد وتم طرحه "ونحن أرسلنا للسلطة في رام الله بعض الحالات التي من الضروري أن تعود إلى القطاع بأسرع وقت ممكن، إلّا أن الجانب الإسرائيلي لم يُعط الارتباط المدني في رام الله ردًا على ذلك"، منوهًا في ذات الوقت إلى أن هذا الخيار صعب للغاية؛ لأنه بحاجة إلى تنسيق مع الجانب الأردني، ثم تنسيق لدخول الضفة ومنها لغزة".

وكانت السلطات المصرية أغلقت معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر في 24 من الشهر الماضي، عَقِب الهجوم المسلّح الذي تعرض له الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، وأدى إلى مقتل 31 جنديًّا، وجرح آخرين.