غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

صبيان البيت الابيض ...!

د. هاني العقاد

بقلم/ د.هاني العقاد

في خطوة مفاجئة اعلن جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس ترامب للمفاوضات الدولية وخطة السلام الامريكية المعروفة “بصفقة القرن “ استقالته بعد ان عمل في فريق ترامب لعملية السلام لأكثر من سنتين دون ابداء اي اسباب شخصية ولا غير شخصية ودون مزيد من التفاصيل لكن يبدوا ان الامر جاء نتيجة تفاقم حالات اليأس والفشل داخل الفريق نفسه وادراك من غريمبلات ذاته انه يبحر في واحة من الرمال بلا مجاديف محاولا الخروج بخطة سلام كبيرة ضمن صفقة كبيرة يقولون عنها انها "صفقة القرن" التي ستغير وجه المنطقة العربية والعالم وتحل الصراع الطويل بين الفلسطينيين واسرائيل وتوفر للولايات المتحدة الامريكية مليارات الدولارات كعائدات للخزينة الامريكية جراء الاستثمارات الكبيرة في المنطقة في صورة مشاريع اقتصادية في شكلها انها تحسين حياة المواطن العربي في كل من الاردن ومصر والسعودية والامارات العربية واسرائيل ولبنان والضفة الغربية وغزة لكن عمقها لا تعدو اكثر من مشاريع يعمل فيها العرب كأجراء حراس علي راس المال الامريكي الاسرائيلي في مصانع ومحطات توليد للطاقة واستثمارات زراعية وغيرها وعلي المستوي السياسي تحقق فيها الادارة الامريكية كيان يهودي خالص لليهود بين البحر والنهر وتصفي من خلالها كل القضايا الكبرى التي يتمرس خلفها الفلسطينيين ويتمسكوا بحلها كأساس لإنهاء الصراع الطويل .

غادر صبي فاشل يهودي ارثوزكسي عنصري يعمل اجير لليهود في البيت الابيض وسياتي صبي اخر يهودي ارثوزكس عنصري وهو "آفي بيركوفيتش" ليعمل ضمن طاقم كوشنر كبير شلة الصبيان وزعيمهم في البيت الابيض وما تم اختيارة لهذه المهمة سوي لأنه صديق مقرب من جاريد كوشنر ورفيقة بالدراسة في جامعة هارفارد التي حصل منها علي اجازة القانون وبالتالي تقول الصحافة انه اكثر الاشخاص قربا من صفقة القرن ومطلع علي تفاصيلها بالكامل , بالإضافة الي انه شارك في العديد من اللقاءت الحساسة التي تتعلق بسياسة الرئيس ترامب تجاه اسرائيل بما في ذلك المفاوضات التي سبقت اعلان ترامب نقل السفارة الامريكية الي القدس في تجسيد لاعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الكيان , كما ان "آفي بيركوفيتش" كان قد رافق كوشنر خلال جولته الاخيرة بالمنطقة التي شملت مباحثات مع قادة كل من مصر والاردن والمغرب والسعودية واسرائيل وذلك لاطلاع هذا الشريك الجديد علي طبيعة الجهود التي يبذلها كوشنر بهدف تسويق الصفقة وخاصة الجزء السياسي من الصفقة وتهيئة الاجواء في الاقليم للإعلان عن بنود هذه الصفقة بعد الانتخابات الاسرائيلية القادمة .

يبدوا ان خلافا حادا بين اعضاء فريق السلام التابع لترامب كان السبب وراء استقالة غريمبلات وهذا الخلاف يتعلق بالدور الذي يلعبه هذا الرجل لهندسة مبادرة السلام والبيروقراطية التي تتمثل في راس الفريق او صبي الفريق كوشنر. لاي يبدو انه كان هناك توافقا بين الرجلين سوي التوافق الايدلوجي لخدمة المشروع الصهيوني ومساعدة يهود اسرائيل وامريكا على اعلان مملكتهم وإمبراطورتهم في المنطقة، لعله بات واضحا خلال ورشة البحرين التي عقدت فثي المنامة ان هناك خلافا بين الرجلين بعيدا عن الاضواء وذلك بدا واضحا عندما اختفي جيسون غريمبلات تماما وظهر كوشنر على المسرح وكانه المفكر الوحيد والمهندس الوحيد والعقل الكبير الذي لا عقل غيره انتج مبادرة السلام الامريكية بشقيها الاقتصادي والسياسي. طار غريمبلات مباشرة الي اسرائيل مسرح الخطة والطاقة الكبيرة التي توفر الدعم لهذا الفريق وشارك ديفيد فريدمان في افتتاح النفق الاستيطاني تحت بلدة سلوان الفلسطينية لشو اعلامي اخر يعجب اليهود بالعالم , بالإضافة الي انني اعتقد ان غريبنلات ادرك ان جاريد كوشنر لم يحقق شيء من وراء هذه الورشة سوي تقارير اعلامية تتحدث عن خطة اقتصادية خيالية لا يمكن تطبيقها وقرأ الفشل مبكراً لهذا ترك موقعه ليتولاه صبي اخر وبالتالي يصبح فريق ترامب ليس اكثر من فريق صبيان يسكنوا البيت الابيض ويدعوا انه سيغيرون وجه المنطقة ويحلوا الصراع الطويل في المنطقة , هي الحقيقة التي لا تشكيك في اصولها فأن المشهد اليوم يقول ان مجموعة صبيان ستقود مبادرة السلام المسماة مجازا "صفقة القرن"وتعمل كمستشارين لملك البيت الابيض الامبراطور ترامب الذي سيفشل قريبا هو وفريق الصبيان في احداث اختراق جدي وحقيقي يمكنه من نشر صفقته المزعومة .

صبيان البيت الابيض جاريد كوشنر وآفي بيركوفيتش وبعض الشخصيات الأخرى التي تقبل بالعمل مع هؤلاء الصبيان الذين يقلبوا صفحات ملف الصراع دون فهم حقيقي لطبيعته يمارسوا مراهقتهم السياسية وفكرهم العنصري وخبرتهم الضحلة لطبيعة الصراع وتارخيه ومفرداته وقضاياه وحتي القرارات الدولية التي صدرت بشأن الصراع منذ العام 1948 واهمها قرار338 و 242 و 194 اخيرا قرار مجلس الامن 2334 الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي وباطل , واخطر ما في الامر ان صبيان البيت الابيض يوهموا انفسهم انهم علي قدرة سياسية لحل الصراع ويمتلكوا الكفاءة السياسية والفكر السياسي الذي يمكنهم من لعب دور مقتنع لقادة المنطقة لقبول الخطة , صبيان لا يفقهوا طبيعة الصراع ولا يمتلكوا اي استراتيجيات او ادوات للتعامل مع مفردات الصراع ومكوناته سوي الرواية اليهودية واملاءات اللوبي اليهودي والايباك للتعامل مع الصراع بالإضافة لرسائل نتنياهو وفريدمان الخاصة , صبيان سيفشلون في احداث اي اختراق حقيقي في ملف الصراع ويبقي ما تعلموه من نظريات في هارافارد غير قادرة علي اعانتهم في الوصول الي استراتيجيات واساليب الحل العادل والشامل للصراع .

 

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".