غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بقلم: ناحوم برنياع

خبر يديعوت – مقال افتتاحي – 20/4/2014 ورقة اللعب الاخيرة

إن التهديد الفلسطيني بالانتقاض إلى داخل دولة إسرائيل، كان موجودا في الجو زمنا طويلا. وقد سقط في ليل يوم الخميس الأخير بكامل ثقله على طاولة رئيس وزراء إسرائيل. وقد زعم صائب عريقات، رئيس فريق التفاوض الفلسطيني، وبيّن، لكن كل من كان مشاركا في الاتصالات يعلم أنه لم يتكلم هذه المرة باسمه بل باسم أبو مازن. إن الفلسطينيين يسحبون ورقة لعبهم الأخيرة وهي نقض السلطة على اختلاف أجهزتها، وإلغاء كل انجازاتهم وكل الالتزامات التي بذلوها في اتفاقات أوسلو، في واقع الأمر. فهذا انتحار بالقرب من بيتنا. وهم يؤمنون بأن إسرائيل ستعاقَب أكثر منهم. وهم يسمون إجراءاتهم في اليوم الذي يلي ذلك "انتفاضة دبلوماسية".

إن الوقت حرج: ففي نهاية الأسبوع القادم يفترض أن ينعقد في رام الله المجلس المركزي لـ م.ت.ف . وإن خطة نقض السلطة الفلسطينية في برنامج عمله. وبعد ثلاثة أيام من ذلك ستنتهي الأشهر التسعة التي حددها الأمريكيون للتفاوض. إن التهديد الفلسطيني هو محاولة اللحظة الأخيرة لكسر جمود المحادثات ولاضطرار نتنياهو إلى التوصل إلى قرارات رفض قبولها إلى اليوم.

يُعرف شخص إسرائيلي مشارك في المحادثات أبو مازن بأنه "يائس" و"مصمم". ويصفه شخص إسرائيلي آخر بأنه مشغول بأن اشتغاله بالتفاوض الآن أقل واشتغاله بالتركة التي سيتركها أكثر. وليس من العارض أن تحدث أبو مازن في مقابلة صحفية نشرت أمس في الصحيفة المصرية اليومية "المصري اليوم" عن أنه أتم 79 سنة وحان الوقت ليسلم الحكم إلى من هم أفتى منه. وهذا نوع من التهديد أيضا. إن الفلسطينيين يتذكرون ما قاله ذات يوم أهود باراك عن نتنياهو: "إنه يعمل فقط حينما يشعر بأن سكينا توضع على عنقه". وتهديداتهم هي السكين.

إن مسألة الإفراج عن السجناء من مواطني إسرائيل ليست هي العقبة الوحيدة في وجه اتفاق يُمكّن من إطالة أمد المحادثات، بخلاف الانطباع الذي نشأ. بل يوجد طلبان فلسطينيان أكثر جوهرية يُعرضان مثل السجناء على أنهما أمر لا معدى عنه وهما تجميد البناء في المستوطنات ثلاثة أشهر والتزام حكومة إسرائيل بأن تبدأ التباحث في الحدود فورا. وقدّر مختصون في إسرائيل أن أبو مازن سيكون مستعدا للتسليم ببناء منضبط – تجميد البناء الخاص لكن مع رخص لبناء مؤسسات عامة وما أشبه. ويرفض الفلسطينيون هذا التقدير. وعلى كل حال فان كل ما يمكن أن يكون نتنياهو مستعدا للوعد به هو تجميد إعلانات خطط البناء.

إن اليأس والغضب في القيادة الفلسطينية العليا يتجاوزان بمقداريهما خيبة الأمل من فشل الجولة الحالية. فقد قال أحد قادة أجهزة الأمن الفلسطينية في لقاء مع شخص إسرائيلي: "ضقنا ذرعا بأن نكون جيش لبنان الجنوبي لكم". وقال أيضا: "أصبحنا ندرك بعد عشرين سنة وأكثر من اتفاق أوسلو أنه ما كانت عندكم أية نية لتنفيذه. فأنتم تثيرون مطالب تنقض روح الاتفاق وهي الاعتراف بالدولة اليهودية وبقاء الجيش الإسرائيلي في غور الأردن وتوسيع الكتل الاستيطانية وغير ذلك".

إذا حقق الفلسطينيون تهديدهم فستكون لذلك نتائج دراماتيكية. أما في الجانب الفلسطيني فستنتقض السلطة وتُفض كل أجهزتها الأمنية ولا يتلقى 40 ألف عامل أجورا بعد ذلك. ومن شبه المؤكد أن قيادتها السياسية العليا ستنشيء حكومة في المنفى تحت علم م.ت.ف. وسيضطر الجيش الإسرائيلي إلى أن يجد طريقة لملء مكان السلطة – إنشاء شرطة والاهتمام بالتربية والصحة والماء والصرف الصحي. وسيكف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللذان يحولان اليوم أكثر من ملياري دولار إلى السلطة كل سنة، عن المنح. وستضطر حكومة إسرائيل إلى سد العوز لكن ذلك سيكون فقط جزءً من النفقة المالية المطلوبة. يُقدر حساب حذر أُجري في نهاية الأسبوع النفقة الإسرائيلية في السنة الأولى على الأقل من الاحتلال المجدد، بعشرات مليارات الشواقل. فليس من السهل الأنفاق على مليونين ونصف مليون نسمة دون صناعة حقيقية ودون جهاز اقتصادي.

إن النفقة المالية هي الجزء السهل لأن تفجير المحادثات قد يفضي إلى موجة عنف جديدة بتشجيع حماس التي ستحاول أن تملأ الفراغ. وستواجه إسرائيل وضعا دوليا وقانونيا جديدا لأن كل بيت سيبنى في شرقي القدس والمناطق سيعتبر عملا غير قانوني بحسب وثيقة جنيف الرابعة. وهذا يعني مقاطعة تتسع مع إسرائيل كلها وانكشافا لكل مسؤول إسرائيلي كبير: وزير أو جنرال مكلف أو متقاعد لأن يُعتقل في كل مطار في الغرب. وهذا سيناريو متطرف. ويمكن أن توجد سيناريوهات أقل قسوة. ومن المؤسف جدا أننا إذا استثنينا عددا من تصريحات تسيبي لفني فان أحدا في الحكومة لم يُجهد نفسه ليُبين للجمهور الإسرائيلي ما هي الأثمان التي سيدفعها إذا حدث انفجار.

إن النتيجة هي كبت للواقع. وائتلاف نتنياهو الحكومي مليء بهؤلاء الكابتين. ومنهم أوريت ستروك وهي عضو كنيست من البيت اليهودي. ففي صفحتها في الفيس بوك تستقبل بالمباركة نقض عُرى السلطة الفلسطينية. وكتبت تقول إن "ذلك سيكون أسهل وأرخص كثيرا لإسرائيل" دون السلطة. لكن يجب أن نأمل أن يكون نتنياهو أكثر فهما بقليل.