شمس نيوز/ تمام محسن
لا شك أن توقيت إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته للتسوية في الشرق الأوسط، قبيل أسابيع فقط من الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 2 مارس المقبل، هو بمثابة "هدية انتخابية" قدمها ترامب لـ"صديقه" رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يواجه تهمًا بالفساد.
وهو ما كان جليًا في تصريحات الغرماء السياسيين في "إسرائيل"، إذ صرح موشيه يعلون قطب تحالف "أزرق أبيض" أن طرح (صفقة القرن) في الوقت الراهن لا تعدو كونها "مناورة إعلامية" تهدف الى تخليص نتنياهو من النقاش بشأن حصانته البرلمانية التي كان من المتوقع التصويت عليها، الثلاثاء، قبل ساعات فقط من إعلان الصفقة في واشنطن، وذلك قبل أن يقرر نتنياهو سحب التصويت.
وكذلك قال ليبرمان، إن نتنياهو "يتهرب من مسئولياته"، مضيفًا "من الواضح أن نتنياهو عمل بجد للهروب، وقبل أن يصنع السلام في الشرق الأوسط، ينبغي عليه أن يقول سلامًا لحصانته".
وجاء الإعلان عن "صفقة القرن" التي طال انتظارها، في خضم حملة الانتخابات الثالثة في "إسرائيل" خلال أقل من عام- والتي يخوض فيها نتنياهو حربًا ضد تهم بالفساد.
وفي استطلاع رأي نشرته القناة "السابعة" العبرية، مساء أمس، أشار إلى أن حزب "الليكود" الذي يتزعمه نتنياهو سيحصد 35 مقعدًا، أي أعلى بمقعدين عن منافسه تحالف "أزرق أبيض" الذي يقوده الجنرال بيني غانتس، مرتفعًا بذلك أربعة مقاعد عن الاستطلاع الذي نشرته إذاعة "كان" الخميس الماضي.
وهذه ليست الهدية الأولى التي يقدمها ترامب لنتنياهو قبيل الانتخابات، ففي انتخابات أبريل/نيسان الماضي، أعلن ترامب اعترافه بـ"السيادة الإسرائيلية" على هضبه الجولان السوري المحتل، وسبقت ذلك هدية إعلان ترامب القدس "عاصمة لإسرائيل" ونقل سفارة واشنطن من "تل أبيب" للعاصمة المحتلة.
فهل يستطيع نتنياهو استغلال هدية ترامب الأخير لإنقاذ مستقبله السياسي ؟
وفي ضوء ذلك، قال عمر جعارة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "النجاح"، إن نتنياهو حاول إظهار نفسه "البطل" خلف الإعلان الأمريكي لصفقة القرن، لكن مع ذلك لم يرفع عدد مقاعد حزبه في استطلاعات الرأي الأخيرة لأكثر من مقعد واحد فقط.
وقال جعارة في اتصال مع "شمس نيوز": "ليس هناك أي تقدم -بعد إعلان الصفقة- في سمعة الليكود أو سمعة نتنياهو"، مضيفًا " لا يمكن للإسرائيلي أن يوافق على نتنياهو رئيسا الوزراء في وقت تلاحقه تهم فساد" .
وأشار جعارة، إلى التغطية الإعلامية المكثفة في "إسرائيل" لجهود نتنياهو بالإفراج عن المعتقلة الإسرائيلية في روسي نعاما يساساخار، والتي تأتي كذلك في إطار التسويق الانتخابي لنتنياهو، وقال إن "شعبية نتنياهو رغم جهوده المبذولة لا زالت في الحضيض".
وتوقع جعارة، أن ينتهي نتناهو خلف القضبان، موضحًا "لا يوجد شخصية سياسية في إسرائيل هاجم الشرطة ومحكمة العدل العليا والإعلام إلا ذهبت إلى السجن".
إلى ذلك، رأى وديع عووادة المختص في الشأن السياسي أن نتنياهو يخوض معركة مصيرية لإنقاذ حياته السياسية ويبذل جهدًا ليس فقط للاستمرار على رأس الحكومة في "تل أبيب" بل أيضًا للبقاء خارج السجون.
وقال عواودة لـ"شمس نيوز"، "فشل نتنياهو في الانتخابات المقبلة يعني ببساطة استمرار محاكمته بقضايا الفساد التي يواجهها وذهابه إلى السجن يصبح أمر لا مفر منه".
ويشير إلى أن نتنياهو لم يكتفِ بهدية ترامب في إعلان صفقة القرن، بل انتقل اليوم إلى موسكو لاستكمال جهوده في الإفراج عن يساساخار، ليظهر بـ"صورة الأب الحنون للإسرائيليين" مستغلا حالة التعاطف الداخلية مع يساساخار.
وتابع: "نتنياهو لن يدخر أي جهد لإثبات أن زعيم كبير، ليقنع الإسرائيليين بصرف النظر عن اتهامات الفساد الموجهة ضده وإعادة انتخابه".
وخلص إلى القول، إنه "لا يمكن الجزم بأن صفقة القرن قد تؤثر في درجة كافية على الانتخابات الإسرائيلية بما يحقق حسمها لصالح الليكود، خاصة أنه لا يزال أمام عقد الانتخابات شهر يمكن أن يحمل الكثير من المفاجآت على الساحة السياسية".