بقلم / د. بهاء الدين الطوالبة
كورونا حديث الشارع بلا منازع .. فالكل يتحدث عن كورونا .. انشغلت الدول به واهتمت الشعوب بأخباره .. السياسيون منشغلون بكورونا والاقتصاديون يضعون الخطط للتصدي لتداعيات كورونا، والاعلاميون يتناقلون أخبار كورونا والناس يترقبون آخر تطورات كورونا، والصغير قبل الكبير يتكلم بكورونا .. ابني ذو الأربعة أعوام يُكلم جدته بالهاتف ويقول لها: تعالوا زورونا .. بس بعد كورونا.
ومع هذا الإنشغال العالمي بهذا الوباء يُطل علينا شهرٌ عظيم مبارك، في وقتٍ أشد ما تكون النفوس في حاجته، فهي عطشى للتعبد، وعطشى للتقرب إلى الله تعالى، يُطل علينا لعله ينفّس عنا ما نحن فيه أو يخفف عنا شيئا من ألم النفوس بترك الجمعة والجماعات، ولعله يُدخل إلينا السرور والفرح، ويعيد إلينا البهجة والعطاء، بل لعله يدفعنا للمنافسة والتسابق في ميادين الخير بكل نفس راضية.
هذا الشهر العظيم ميدان وافر بالخيرات .. ومليء بالحسنات .. ومُهيّأ للعبادات .. تتوق إليه النفوس .. وينتظره المتنافسون .. ويشتاق إليه المتسابقون .. ففيه من الأجر ما لا يعلمه إلا الله لقوله تعالى في الحديث القدسي: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" .. وفيه من الأعطيات ما لا يدركه الكثير ففيه عتق من النار .. وفيه من الهِبات ما يعجز عن عدّه الخلق فمردةٌ مصفدة، وجنان مفتّحة ونيران مُغلّقة، ومنادٍ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ودعوة للصائم مستجابة، صوم في النهار وقيام في الليل وتلاوة للقرآن آناء الليل وأطراف النهار .. يا له من شهر عظيم.
هنيئاً لمن أدرك رمضان .. وهنيئاً لمن صام وقام في رمضان .. وهنيئاً لمن أدرك ليلة القدر في رمضان .. وهنيئاً للمنفقين في رمضان .. وهنيئاً لمن أخلص النوايا في رمضان .. لا تدع الفرصة تفوتك ولا تدع قطار الأجر والحسنات يذهب دونك في رمضان .. لا تقل ظروفنا ولا تقل حظرٌ ولا حَجْر .. لا تقل كورونا .. فلا نعلم لعلّ الله قدّر علينا كورونا لنغنم من الأجر أعظمه ومن الثواب أحسنه ولربما أجرنا مضاعفاً ونحن في بيوتنا وأعمالنا مباركة ونحن في رحالنا .. فاجعل بيتك قبلة واجعل مسجدك حِجْرك واجعل مصحفك رفيقك واجعل دعاءك سلاحك واجعل ذكرك لله زادك.
كورونا لا يعيقنا عن الصيام .. وكورونا لا يمنعنا من القيام .. وكورونا لا يُبعدنا عن تلاوة القرآن .. بل هيّأ لنا الظروف بإذن الله تعالى وفرّغنا لعبادته .. فالحمد لله على قَدره والحمد لله نعمه والحمد لله على كرمه.
والله أسأل أن يبلغنا رمضان وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان وأن يرزقنا فيه تلاوة القرآن وأن يدخلنا الجنة من باب الريّان .. والحمد لله رب العالمين.