غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

النساء الحوامل في غزة: بين الألم والجوع… وأمل محاصر

أطفال رضع.webp
غزة – بسمة السمك

في غزة اليوم، لا يُقاس الحمل بالأسابيع، بل بعدد الحواجز، وانقطاع المساعدات، وصمت العالم. فأن تكوني حاملًا في قطاع محاصر هو أشبه بسباق مستمر نحو النجاة، في ظل انهيار شبه تام للرعاية الصحية، وشُحٍ قاتل في الغذاء والدواء، وانعدام الأمان.

في قسم الولادة بمستشفى الشفاء – والذي كان ذات يوم مركزًا طبيًا متكاملًا – أصبحت الأسرة تُشاركها الأمهات، والحاضنات متوقفة عن العمل لانعدام الكهرباء والوقود، والممرضات يعتذرن عن أبسط ما يلزم، من شاش وقطن، إلى الفيتامينات وأدوية النزيف.

تقول أمل، وهي حامل في شهرها الثامن: "طُلعت من بيتنا تحت القصف، ومش قادرة أكل غير خبز ناشف مرة في اليوم، الدكتورة قالتلي عندك فقر دم حاد ونقص تغذية… بس ما في إشي نعمله".

سوء التغذية والولادة في ظروف كارثية

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 17 ألف امرأة حامل في قطاع غزة يعانين من سوء تغذية حاد، ويواجهن خطر الولادة المبكرة أو المضاعفات التي قد تؤدي إلى وفاة الأم أو الجنين. وذكرت منظمة "أطباء بلا حدود" في تقرير صدر مؤخرًا أن حالات الإجهاض ارتفعت بشكل مقلق خلال الشهور الماضية، بسبب الضغط النفسي الحاد، وسوء الظروف الصحية، وغياب المتابعة الطبية المنتظمة.

الغذاء لم يعد متاحًا بسهولة؛ الحديد، حمض الفوليك، البروتينات، الحليب، وحتى المياه النقية، أصبحت رفاهية. وتحدثت إحدى الطبيبات في عيادة خاصة: "يومياً نستقبل حوامل يعانين من هزال شديد، البعض لم تأكل شيئًا منذ يومين، وبعضهن يُنقلن مباشرةً إلى العمليات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".

معاناة الولادة تحت الحصار

ليست فقط التغذية ما يهدد النساء، بل الولادة نفسها أصبحت مخاطرة. سيارات الإسعاف لا تصل، والمستشفيات لا تملك مخزونًا من أدوية التخدير أو أكياس دم كافية. النساء يُنقلن على عربات يدوية أو دراجات نارية للوصول إلى أقرب نقطة طبية، التي غالبًا ما ترفض استقبالهن بسبب الاكتظاظ.

وفاء، شابة أنجبت طفلتها في بيتها وسط انقطاع الكهرباء، قالت: "ولدوني على ضوء الموبايل… ما كان في طبيبة، جارتنا عملت اللي قدرت عليه، والحمد لله البنت عايشة… بس ضعيفة كتير".

صمت دولي قاتل رغم النداءات المتكررة من منظمات كـ"اليونيسف" و"UNFPA"، إلا أن حجم الاستجابة الإنسانية لا يتجاوز 10% من الاحتياج الفعلي، بحسب تقارير إغاثية. فيما تستمر إسرائيل في إغلاق المعابر أو تعطيل دخول المساعدات، حتى تلك المخصصة للرعاية الطبية النسائية.

في أحد تقارير الهلال الأحمر، قالت قابلة تعمل ميدانيًا: "النساء الحوامل لا يحتجن فقط لأدوية… بل لحياة كريمة، لحق بسيط في الولادة بأمان".

خاتمة موجعة

نساء غزة لا يطلبن الكثير، فقط حقًّا إنسانيًا بأن يلدن دون خوف، بأن لا يتحول الحمل إلى كابوس، وأن لا يُولد أطفالهن إلى عالم يبدأ بالجوع وينتهي بالحصار.

هل تتحرك الإنسانية قبل أن يُصبح كل مولود جديد في غزة حكاية من الألم؟