غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الزواج في غزة خلال الحرب: أفراح تحت الرماد وقلوب على حافة الانهيار

غزة – بسمة السمك

في مدينة أنهكها القصف والدمار، حيث تُقصف الأحلام قبل البيوت، لا تزال بعض القلوب في غزة تتمسك بالحياة... بالحب… وبالزواج. لكن أن تتزوج في زمن الحرب، فذلك ليس مناسبة للفرح بقدر ما هو إعلان تحدٍّ، وقرار محفوف بالخوف والتقشف والتوتر.

أعراس بلا موسيقى… وعرائس تحت الأنقاض

لم تعد حفلات الزفاف في غزة تُقام في صالات مزينة أو تُنظم بحضور المئات. بل أصبح كثير من الأزواج يعقدون قرانهم في المساجد، أو في منازل مدمرة جزئيًا، أو حتى في الخيام. تقول هالة، التي تزوجت مؤخرًا بعد خطوبة دامت عامًا: "ما في فستان، ولا كوشة، ولا كعكة… لبست عبايتي وقرأنا الفاتحة على ضوء شمعة، وأبوي وزّع تمر بدل الحلوى".

ورغم الظروف، يصرّ البعض على إتمام مراسم الزواج، وكأنهم يعلنون أن الحب أقوى من الحصار. إلا أن التحديات تبدأ بعد لحظة الفرح مباشرة، حين يصطدم الزوجان بواقع مرير من انعدام الخصوصية، والفقر، وانقطاع الكهرباء والمياه، وغياب كل مقومات الحياة الزوجية.

تحديات مالية ونفسية

تكاليف الزواج في غزة، التي كانت أصلاً تثقل كاهل الشباب، أصبحت اليوم عبئًا شبه مستحيل. الشاب أحمد، يقول: "أنا ما قدرت أعمل فرح، ما قدرت أجيب مهر، حتى الشقة ما فيها كهربا. لكن قلت نتزوج وبعدين ربنا بيفرجها". أما زوجته، فتقول إنها تحلم فقط بمكان آمن، ولو غرفة صغيرة فيها أمان.

العديد من الأسر قررت تزويج بناتها تحت ضغط الخوف من النزوح أو التشرد. بعض الفتيات تزوجن وهن في مخيمات الإيواء، والبعض الآخر فقدن عرسانهن في الحرب قبل أن يتحقق الحلم.

الزواج في زمن الجثث والأنقاض

في مشهد يختصر المعاناة، أحضر والد عريس في مدينة رفح "كوشة" من بلاستيك معاد التدوير، وضعها على باب مدرسة تأوي نازحين، واحتفل بزفاف ابنه وسط بكاء الأمهات الثكالى. أحد الجيران قال: "هذا الزفاف مش تحدٍّ… هو صرخة، الناس بدها تعيش، بدها تحس إنها بعدها بشر".

ورغم المعاناة، يستمر بعض رجال الدين في تشجيع الشباب على الزواج، باعتباره خطوة لتهدئة النفوس، وتثبيت الناس في أرضهم. فيما ترى منظمات نسوية أن الزواج في هذه الظروف قد يتحول إلى أداة ضغط اجتماعي تُمارس على الفتيات دون ضمانات حقيقية لحياة كريمة.

خاتمة

في غزة، لا يشبه الزواج ما نراه في الأفلام، بل هو قرار يُتخذ في ظل أصوات المدافع، وأصابع تبحث عن الخبز والماء قبل الذهب والخواتم. ومع كل حفل زفاف يُقام في ظل القصف، تُكتب قصة إنسانية جديدة: قصة ناس رفضوا أن تكون الحرب نهاية لحياتهم، واختاروا أن يُضيئوا شمعة صغيرة في قلب العتمة.