قائمة الموقع

ولازالت النكسة مستمرة

2020-06-06T09:13:00+03:00
59900328_10161803033400343_3690211745827127296_n.jpg

بقلم / مأمون هارون رشيد

كان الصباح يبدو جميلا ذاك اليوم , كنت أتناول طعام الافطار مع أشقائي وأترابي من الجيران من عائلة ابو ستة على شرفة مطبخنا المطلة مباشرة على بحر غزة حين سمعنا أصوات اطلاق نار مرتفعة , ثم شاهدنا طائرة يتصاعد الدخان منها وهي تهوي الي البحر, أصبتنا نوبة من الصراخ والتهليل معبرين عن فرحتنا أن طائرة اسرائيلة اصيبت وهوت الى البحر , خرجنا مسرعين حين سمعنا أصوات ضوضاء خارج البيت , كان الجنود المصريون ينقلون مدفعا مضاد للطيران الى جوار البيت محتمين بكثبان رملية, حيث ركزوا مدفعهم على تلك التلال متخذينها موقعا لهم , وقد علمنا من خلال صراخهم وتهليلاتهم أنهم من أصاب الطائرة الاسرائيلية وأسقطها , وانهم غيروا موقع المدفع كي لايستهدفة الطيران الاسرائيلي .
لازال ذالك الطيف يراودني كلما جاء الخامس من حزيران من كل عام , أو كلما اصبنا بفشل جديد أو انتكاسة جديدة , وما أكثرها , فبقى الخامس من حزيران من العام 1967 بذكرياتة المتداخلة جاثما على صدري وصدور جيلي ممن عايشوا تلك الحقبة , فمن بداية نصر اعتقدنا أننا على أبوابة , الى هزيمة كارثية لازلنا نعيش تداعياتها ومرارتها , أعوام كثيرة مرت منذ ذلك اليوم , أجيال ذهبت وأخرى جاءت , حروب وأحداث ومتغيرات عصفت بالمنطقة وبالعالم , دول وامبراطوريات أفلت , ونحن لم نزل نعيش ذكرى حزيران من كل عام الذي اتفقنا على تسميتة نكسة تصغيرا للحدث والذي اعتبرنا أنة لايستحق مصطلح الهزيمة الكارثية , وبقت النكسة ونتائجها منذ أكثر من خمسة عقود تعيش في جزئيات كل تفاصيل حياتنا , لم تسطع الامة ومنذ ذلك التاريخ استرداد شبرا واحدا من فلسطين , حتى أن حرب أكتوبر 1973 لم تستطع تحقيق ذلك , ولا الثورة الفلسطينية بكل ما قدمت من تضحيات استطاعت الوصول الى النصر والتحرير , عوامل كثيرة منعت أو وقفت عائقا من الوصول للتحرير منها الذاتي ومنها الخارجي , لكن الاهم في كل تلك العوامل هو التراجع القومي الذي كان السمة السائدة خلال تلك العقود مابعد النكسة , لقد عمل الاعداء على اضعاف هذا التوجه من خلال خلق الخلافات وزرع الفتن بين الدول العربية وضرب واجهاض أي مشروع وحدوي , ثم وبعد ذلك التخلص من الزعماء والقادة أصحاب ورواد هذا الفكر , وفي مرحلة أخرى سعى الاعداء الى ضرب الثورة الفلسطينية في مواقع تواجدها ودحرها من تلك المواقع , وصولا الى أتفاقات هزيلة فرضت عليها وهى في أوهن وأضعف حالاتها , وفي ظل انسداد الافق أمامها نتيجة لظروف المتغيرات الدولية والعربية وحتى الداخلية , لقد نجح المحتل في الوصول الى الكثير من أهدافة وأحلامة , وبرغم تجربتنا المريرة التي كانت يجب أن تكون دافعا لصحوتنا واعادة الحسابات وتحديد الاستراتيجيات , وخاصة بعد أن أدرك الزعيم الراحل ياسر عرفات خيوط وحجم المؤامرة , وكشفة لها ورفضة أن يكون شريكا بها ومن ثم قلبة الطاولة على رؤس الجميع , برغم ذلك وقعنا في فخ الانقسام بعد رحيل ابو عمار والذي لازال يقسم المقسم ويجزء المجزء ويسيطر على مشهدنا الفلسطيني وكأنة حلقة من مسلسل النكسة التي وقعت في العام 1967 , نكسة حزيران لم تزل باقة بأشكال ومشاهد مختلفة , كل يوم نرى حلقة جديدة ومشهد أخر , وها نحن على أبواب حلقة جديدة , وهى مشروع الضم في الضفة الغربية , والذي سيباشر الاحتلال بتنفيذة بدعم أمريكي بعد أيام ووضعنا العربي و الفلسطيني وضع محزن يفتقر الى أي من عوامل القوة والصمود , في الوقت الذي يوغل الانقسام في كل جزء من أجزاء حياتنا رغم ادراك الجميع فينا خطورة ذلك على قضيتنا ومشروعنا الوطني , انها نكسة حزيران المستمرة , وسنقف قريبا نبكي نكسة جديدة نورثها لاولادنا أحفادنا وأجيالنا القادمة , وبأيدينا في كل مرة .
اخبار ذات صلة